أبوظبي ترسم خريطة استثمارات عالمية تتجاوز تريليوني دولار

منحت ثروة أبوظبي للإمارة نفوذاً متزايداً وغير مسبوق في قطاعات المال والطاقة والذكاء الاصطناعي على مستوى العالم. فمن خلال استثمارات استراتيجية ومدروسة، نجحت أبوظبي في ترسيخ مكانتها كلاعب رئيسي في الاقتصاد العالمي، وتقليل اعتمادها على قطاع النفط التقليدي. وقد لعبت صناديق الثروة السيادية التابعة للإمارة، دوراً محورياً في تحقيق هذا التحول، حيث نفذت مئات الصفقات الاستثمارية خلال السنوات الأخيرة، وفقاً لتحليلات حديثة.

صناديق الثروة السيادية: محركات النمو الاستثماري

تعتبر صناديق الثروة السيادية في أبوظبي، وعلى رأسها جهاز أبوظبي للاستثمار (ADIA)، و”مبادلة”، و”القابضة” (ADQ)، من بين أكثر المستثمرين نشاطاً في العالم. هذه الصناديق، بالإضافة إلى أدوات الاستثمار الأخرى التابعة لأبوظبي، تسعى باستمرار إلى تنويع مصادر الدخل والاستثمار في قطاعات واعدة تضمن مستقبلًا اقتصاديًا مستدامًا. وتستهدف هذه الاستثمارات تحقيق عوائد مجدية تساهم في تعزيز الاستثمارات الإماراتية وتنميتها.

جهاز أبوظبي للاستثمار (ADIA): تريليون دولار من الأصول المُدارة

يدير جهاز أبوظبي للاستثمار (ADIA) أصولاً تقدر بتريليون دولار أمريكي، مما يجعله من أكبر صناديق الثروة السيادية على مستوى العالم. يرأس الجهاز الشيخ طحنون بن زايد آل نهيان، بينما يشغل الشيخ حامد بن زايد آل نهيان منصب العضو المنتدب. ويتميز ADIA بحضور قوي في الأسواق العالمية، حيث قام باستثمارات ضخمة في شركات رائدة مثل “تيليكوم إيطاليا” (Telecom Italia) بقيمة 24 مليار دولار، و”تيسن كروب” (Thyssenkrupp) الألمانية بقيمة 19 مليار دولار، و”ريلاينس ريتيل” (Reliance Retail) للتجزئة بقيمة 1.5 مليار دولار. هذه الاستثمارات تعكس رؤية ADIA الطموحة للتوسع العالمي وتنويع محفظته الاستثمارية.

“مبادلة للاستثمار”: دعم الابتكار والذكاء الاصطناعي

تمتلك “مبادلة للاستثمار” محفظة أصول تقدر بـ330 مليار دولار، وتترأسها الشيخ منصور بن زايد آل نهيان، بينما يشغل خالد المبارك منصب الرئيس التنفيذي. تركز “مبادلة” على الاستثمار في قطاعات استراتيجية مثل التكنولوجيا والابتكار، وتدعم بشكل خاص تطوير تقنيات الذكاء الاصطناعي. وتشمل استثماراتها شركات عالمية مرموقة مثل “بلاك روك” (BlackRock) بقيمة 14 مليار دولار، و”وايمو” (Waymo) التابعة لشركة “ألفابت” بقيمة 6 مليارات دولار، و”إنديفر” (Endeavor) العاملة في قطاع الترفيه بقيمة 13 مليار دولار.

صندوق “MGX” والتركيز على التقنيات المستقبلية

تدعم “مبادلة” أيضاً شركة “جي 42” (G42) الإماراتية المتخصصة في تقنيات الذكاء الاصطناعي، وصندوق الاستثمارات “إم جي إكس” (MGX)، المدعومان أيضاً من “مايكروسوفت”. يهدف صندوق “MGX” إلى الوصول بأصوله إلى 100 مليار دولار، ويضم في محفظته شركات عالمية مثل منصة العملات المشفرة “بينانس” (Binance)، وشركة “ألايند داتا سنترز” (Aligned Data Centers)، بالإضافة إلى استثمارات في مراكز البيانات الفرنسية.

“القابضة ADQ” و”رويال غروب”: توسع في الأسواق المحلية والإقليمية

تصل أصول “القابضة ADQ” إلى 263 مليار دولار، وتنشط في السوق المصرية من خلال استثمارات كبيرة في قطاعات مثل الأدوية والعقارات. كما تستثمر في دار المزادات “سوثبيز” (Sotheby’s) وتدعم شركة “لونيت”. بالإضافة إلى ذلك، تدير “رويال غروب” أصولاً تقدر بنحو 300 مليار دولار، وتمتلك حصصاً في “العالمية القابضة” (International Holding) و”جي 42″.

“العالمية القابضة” و”تو بوينت زيرو”: استثمارات متنوعة في قطاعات النمو

تدير “العالمية القابضة” أصولاً تقدر بنحو 126 مليار دولار، وتستثمر في شركات عالمية مثل “سافاج إكس فنتي” (Savage X Fenty) و”سبيس إكس” (SpaceX). كما تمتلك شركة “تو بوينت زيرو” (2PointZero) التي تركز على الأسهم الخاصة والاستثمارات البديلة والذكاء الاصطناعي. وتعد شركة “لونيت” جزءاً من “تو بوينت زيرو” بأصول تقدر بـ115 مليار دولار، وتضم في محفظتها شركات مالية عالمية مثل “بلاكستون” (Blackstone) و”بلو أوول” (Blue Owl) و”بريفان هوارد” (Brevan Howard).

“أدنوك” وتوسيع نطاق الاستثمارات الدولية

بالإضافة إلى المؤسسات الاستثمارية، أطلقت شركة بترول أبوظبي الوطنية “أدنوك” ذراع “إكس آر جي” (XRG) بقيمة إجمالية تبلغ 151 مليار دولار للاستثمار في مشاريع دولية. وقامت “إكس آر جي” باستثمارات في شركات مثل “كوفسترو” (Covestro) الألمانية و”نيكست ديكيد” (Nextdecade) الأميركية.

باختصار، تعكس ثروة أبوظبي استراتيجية استثمارية طموحة تهدف إلى تنويع مصادر الدخل وتعزيز مكانة الإمارات كمركز عالمي للاستثمار والابتكار. من خلال استثمارات ضخمة في قطاعات رئيسية مثل المال والطاقة والذكاء الاصطناعي، تساهم أبوظبي في بناء مستقبل اقتصادي مستدام ومزدهر.