مقالات

صناع فيلم “الست” لــ”الشرق”: لا ننافس أعمال سابقة عن أم أكلثوم

أثار فيلم “الست” الذي أخرجه مروان حامد، وبطولة منى زكي، وسيناريو أحمد مراد، ضجة كبيرة بعد عرضه العالمي الأول في مهرجان مراكش الدولي للفيلم. الفيلم، الذي يتناول حياة كوكب الشرق أم كلثوم، يركز على الجانب الإنساني في شخصيتها، وهو ما أكده صناع العمل في حديثهم لـ “الشرق”. يهدف الفيلم إلى تقديم رؤية جديدة لهذه الأيقونة العربية، بعيدًا عن التكرار والتقديس المفرط، وربطها بتجارب وأحاسيس جيل اليوم. هذا المقال يستعرض تفاصيل رؤية صناع الفيلم حول تقديم فيلم أم كلثوم، والتحديات التي واجهتهم، وكيفية مخاطبة الجمهور المعاصر.

رؤية إنسانية لـ “الست”: نقطة انطلاق الفيلم

أكد المخرج مروان حامد أن ما جذبه في شخصية أم كلثوم لم يكن مجرد صوتها أو نجوميتها، بل عمقها الإنساني وقدرتها على التغلب على الصعاب. وأوضح أن مسيرة أم كلثوم مليئة بالقرارات الصعبة والتضحيات الكبيرة، وهو ما يفسر تأثيرها الدائم ونجاحها الباهر. وأضاف أن الفيلم لا يسعى إلى إعادة سرد حياتها كما عرفها الجميع، بل إلى استكشاف الدوافع والمشاعر التي دفعتها لاتخاذ تلك القرارات، وكيف تعاملت مع التحديات التي واجهتها كامرأة في مجتمع ذكوري.

يرى حامد أن أم كلثوم لم تختفِ من الذاكرة العربية، حتى بعد مرور خمسين عامًا على رحيلها. ويعزو ذلك إلى براعتها الفنية، وحضورها القوي كشخصية مؤثرة في المجتمع، مما يجعلها مادة دسمة لصناعة عمل فني ملهم. الفيلم يهدف إلى إلهام الجمهور من خلال تقديم قصة إنسانية تلامس قلوبهم.

أحمد مراد: لغة الجيل الجديد في خدمة سيرة أم كلثوم

شدد الكاتب أحمد مراد على أن فيلم أم كلثوم لا ينافس الأعمال السابقة التي تناولت سيرتها الذاتية، بل يكملها من زاوية مختلفة. وأشار إلى أن كل عمل فني يظهر في وقته ويعكس طبيعة العصر الذي يعيشه، وأن المسلسل التلفزيوني الشهير عن أم كلثوم ما زال يحظى بشعبية كبيرة. ومع ذلك، يرى مراد أن حياة أم كلثوم غنية ومليئة بالتفاصيل التي تسمح بإنتاج أعمال فنية متنوعة لسنوات مقبلة.

أوضح مراد أن الفيلم يسعى إلى مخاطبة الأجيال الحالية “بلغة اليوم”، من خلال تقديم ألحان أم كلثوم بإيقاعات ومعالجات موسيقية جديدة تتناسب مع ذائقة الجيل المعاصر. ويركز على العلاقة التي يمكن أن يبنيها الجمهور الحالي مع أم كلثوم، بدلاً من البحث عن معلومات أو أسرار جديدة عنها. هذا التركيز على التواصل العاطفي يمثل جوهر فيلم الست.

تحدي تقديم شخصية مقدسة

تطرق مراد إلى التحدي المتمثل في تقديم شخصية “مقدسة” مثل أم كلثوم على الشاشة. وأشار إلى أن حتى الأنبياء كانوا بشرًا لهم نقاط ضعفهم وأخطائهم، وأن الجمهور قد يجد صعوبة في تقبل صورة إنسانية لأيقونة اعتاد على رؤيتها بمنزلة القداسة. ويرى أن الفيلم يراهن على كسر هذا الحاجز وتقديم أم كلثوم كإنسانة عادية، لها جوانب القوة والضعف، مما يجعلها أكثر قربًا من الجمهور.

منى زكي: الغوص في الأحاسيس الداخلية لتجسيد “الست”

أكدت النجمة منى زكي أن مقاربتها لشخصية أم كلثوم اعتمدت بشكل أساسي على فهم الأحاسيس الداخلية التي مرت بها في كل مرحلة من مراحل حياتها. وركزت على تجسيد هذه المشاعر بصدق وأمانة، بدلاً من التركيز على تقليد الشكل الخارجي أو الإيماءات الشهيرة. وقالت إنها كانت مقتنعة بأن صدقية الإحساس هي التي ستمنح الشخصية الحياة على الشاشة.

خضعت منى زكي لتدريبات مكثفة على الإلقاء استمرت لمدة عام وثلاثة أشهر، لتتمكن من التحدث بصوت مختلف يعكس تحولات عمر أم كلثوم. كما تلقت دروسًا في التمثيل والعمل على الجسد، بهدف تجسيد الشخصية بشكل كامل ومقنع. واعتبرت أن هذه التدريبات المكثفة كانت ضرورية لتحقيق المستوى المطلوب في فيلم منى زكي أم كلثوم.

أشارت زكي إلى أنها واجهت لحظات من الإحباط خلال فترة التحضير، لكن مدربها كان يذكرها بأن التقدم يأتي بخطوات صغيرة. وبمجرد بدء التصوير، أدركت أنها قطعت بالفعل مسافة كبيرة وأن هذه الخطوات المتراكمة ساهمت في تحقيق طموحها في تجسيد دور “الست”.

الخلاصة: “الست” فيلم يلامس الوجدان ويفتح بابًا جديدًا لفهم أسطورة أم كلثوم

فيلم الست ليس مجرد سيرة ذاتية لمطربة عظيمة، بل هو عمل فني يتناول قصة إنسانية عميقة. من خلال رؤية المخرج مروان حامد وسيناريو أحمد مراد وأداء الممثلة منى زكي، يقدم الفيلم منظورًا جديدًا لشخصية أم كلثوم، ويسعى إلى ربطها بتجارب وأحاسيس جيل اليوم. الفيلم يثير تساؤلات مهمة حول العلاقة بين الجمهور والأيقونات، والتحديات التي تواجه الفنانين، وقيمة الإرادة والتضحية في تحقيق الأحلام. ندعوكم لمتابعة الفيلم والتفاعل معه، ومشاركة آرائكم حول هذه التجربة الفنية المميزة التي أثارت بالفعل حوارات واسعة في الأوساط الثقافية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى