سوريا.. ضحايا ومصابون في اشتباكات بين قوات الأمن وعناصر من “قسد” بحلب

اندلعت اشتباكات عنيفة بين قوات الأمن السوري وقوات سوريا الديمقراطية (قسد) في مدينة حلب، الاثنين، مخلفةً قتلى وجرحى من المدنيين، وتجدد الاتهامات المتبادلة بخرق وقف إطلاق النار. هذه المواجهات، التي تركزت عند مدخل حلب الشمالي، تثير مخاوف بشأن مستقبل الاستقرار في المنطقة، خاصةً مع اقتراب نهاية مهلة تنفيذ اتفاق 10 مارس بين دمشق و”قسد”.
تفاصيل الاشتباكات وخسائر المدنيين
أفادت قناة “الإخبارية” السورية بمقتل مدنيين اثنين نتيجة قصف قوات “قسد” على منطقة جسر الرازي في حلب. في المقابل، أعلنت قوات سوريا الديمقراطية عن وفاة امرأة (57 عاماً) وإصابة 17 شخصاً جراء استهداف أحياء الشيخ مقصود والأشرفية من قبل ما وصفته بـ”فصائل تابعة للحكومة”.
وزارة الصحة السورية أكدت في بيان مقتل شاب ووالدته وإصابة 8 أشخاص، بينهم طفل وطفلة، بالإضافة إلى إصابة اثنين من عناصر الدفاع المدني. وذكرت وكالة الأنباء السورية (سانا) أن قيادة أركان الجيش أصدرت أمراً بإيقاف استهداف مصادر نيران “قسد” بعد تحييد عدد منها، وتضييق بؤرة الاشتباك بعيداً عن الأهالي.
استهداف متبادل وتصعيد خطير
وذكرت “سانا” أن قوات “قسد” استخدمت الرشاشات الثقيلة وقذائف الـ”آر بي جي” والهاون في استهداف محيط حي الأشرفية والمنطقة الممتدة من دوار شيحان حتى دوار الليرمون. وأشارت إلى إغلاق طريق غازي عنتاب – حلب بسبب استهداف قوات “قسد” للطريق، وخروج عشرات العائلات وعمال المصانع من محيط حي الليرمون.
وزارة الداخلية السورية اتهمت “قسد” بالغدر بقوات الأمن الداخلي المتمركزة في الحواجز المشتركة، عقب انسحابها المفاجئ وإطلاق النار على الحواجز، رغم الاتفاقات المبرمة. وأضافت الوزارة أن الاستهداف أدى إلى إصابة عنصر من قوات الأمن الداخلي وعنصر من الجيش، بالإضافة إلى العديد من الإصابات بين عناصر الدفاع المدني والمدنيين.
تحذيرات من الدفاع المدني واتهامات متبادلة
دعا الدفاع المدني السوري جميع المدنيين قرب المناطق التي تشهد خروقات من قبل “قسد” في حلب وأريافها بضرورة التزام المنازل حتى إشعار آخر. في الوقت نفسه، نفت وزارة الدفاع السورية استهداف “قسد”، مؤكدةً أن “قسد” هاجمت بشكل مفاجئ نقاط انتشار قوى الأمن الداخلي والجيش السوري بمحيط حي الأشرفية.
في المقابل، نفت قوات سوريا الديمقراطية بشكل قاطع الادعاءات الصادرة عن الأجهزة الأمنية والعسكرية التابعة لحكومة دمشق بشأن استهداف أحياء حلب من قبل قواتها، واتهمت “الفصائل المحسوبة على دمشق” باستخدام الدبابات والمدافع ضد أحياء المدينة، مؤكدةً أن التحقيق الواجب يقع على عاتق تلك الفصائل التي تفتعل الأزمات منذ 4 أشهر من خلال حصار أحياء الشيخ مقصود والأشرفية.
مصير اتفاق 10 مارس والغموض المحيط به
تأتي هذه الاشتباكات في وقت يلف الغموض مصير اتفاق 10 مارس بين الحكومة السورية وقوات سوريا الديمقراطية، والذي يهدف إلى دمج القوات التي يقودها الأكراد في المؤسسات السورية. تنتهي مهلة تنفيذ الاتفاق خلال أيام، وسط اتهامات متبادلة بالمماطلة.
وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني صرح بأن الحكومة السورية “لم تلمس مبادرة جدية” من “قسد” لتنفيذ اتفاق 10 مارس، مشيراً إلى أنها تماطل في تنفيذه. وأضاف أن الحكومة قدمت مقترحاً لـ”قسد” للمرونة، وأن وزارة الدفاع تدرس ردها. وحذر من أن أي تأخر من “قسد” في الاندماج مع الجيش السوري سيؤثر سلباً على استقرار المنطقة الشرقية.
موقف تركيا من اتفاق 10 مارس
وزير الخارجية التركي هاكان فيدان أكد أنه “لا نية لـ”قسد” لإحراز تقدم في اتفاق 10 مارس”، مضيفاً أن “التنسيق بينها وبين إسرائيل يؤخر التوصل لنتيجة”. وتابع: “اندماج قسد في الحكومة السورية سيكون في صالح الجميع”.
الوضع في حلب يظل متوتراً للغاية، ويتطلب جهوداً دبلوماسية مكثفة لتجنب المزيد من التصعيد وحماية المدنيين. مستقبل اتفاق 10 مارس، وبالتالي الاستقرار في المنطقة، معلق على قدرة الأطراف المعنية على التوصل إلى حلول عملية وملموسة. الاشتباكات الأخيرة تذكرنا بأهمية الحوار والالتزام بالاتفاقيات المبرمة لتجنب العودة إلى دوامة العنف والفوضى.
قسد تحمل دمشق المسؤولية عن التصعيد، بينما تتهمها دمشق بالمماطلة. هذه الاشتباكات تزيد من تعقيد المشهد السوري وتؤثر على حياة المدنيين. من الضروري إيجاد حل سياسي شامل يضمن حقوق جميع السوريين ويحقق الاستقرار في البلاد.












