مقالات

سارة فرنسيس: “كلب ساكن” استغرق 5 سنوات.. ولا أصنع أفلامي للمهرجانات

شهد المسرح الصغير بدار الأوبرا المصرية العرض العربي الأول للفيلم اللبناني “كلب ساكن”، وهو العمل الذي يشارك في مسابقة آفاق السينما العربية ضمن فعاليات مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ46. الفيلم، الذي أثار اهتماماً كبيراً، يقدم دراسة عميقة للعلاقات الإنسانية وتغيراتها، ويستكشف ديناميكيات الزواج بعد سنوات من الفراق. هذا العرض يمثل لحظة مهمة للسينما العربية، ويضع “كلب ساكن” في دائرة الضوء كأحد أبرز الأفلام المشاركة في المهرجان.

“كلب ساكن”: قصة حب تتغير ملامحها

الفيلم من إخراج وسيناريو المخرجة اللبنانية سارة فرنسيس، وإنتاج لارا أبو سعيفان، ويضم في بطولته نخبة من الممثلين الموهوبين، وعلى رأسهم شيرين كرامة ونداء واكيم. يتميز الفيلم بتصويره السينمائي الجميل الذي قام به مارك خليفة، والذي يضفي على الأحداث جواً من الواقعية والعمق. تدور أحداث الفيلم حول الزوجين وليد وعايدة، اللذين يلتقيان مجدداً بعد فترة طويلة من الانفصال، ليكتشف كل منهما التغيرات التي طرأت على الآخر وعلى علاقتهما.

رحلة في أعماق المشاعر

من خلال رصد دقيق للحظات الصمت والتعبير، تسعى المخرجة سارة فرنسيس إلى استكشاف المشاعر العالقة والأسئلة المؤجلة التي تراكمت بين الزوجين. الفيلم لا يقدم إجابات سهلة، بل يترك للمشاهد مساحة للتفكير والتأمل في طبيعة العلاقات الإنسانية وتعقيداتها. التركيز على الجانب النفسي للعلاقات هو ما يميز هذا العمل السينمائي.

خمس سنوات من التحضير والتفكير

في حوار خاص مع “الشرق”، كشفت المخرجة سارة فرنسيس عن عملية التحضير الطويلة التي استغرقتها كتابة الفيلم وتصويره. أوضحت فرنسيس أن النسخة الأولى من السيناريو كتبت عام 2017، ثم تلتها نسخ أخرى في 2018 و2019، قبل أن تتوقف لعامين للعمل على مشاريع أخرى. عادت فرنسيس للعمل على النسخة النهائية في 2021، وبدأت التصوير في 2022. “تقريباً الفيلم استغرق 5 سنوات من التحضير، تخللها عملان انتهيت منهما”، كما صرحت.

لماذا فيلم عن فتور العلاقات؟

عن سبب اختيارها لتقديم فيلم نفسي عن فتور العلاقات بين الزوجين، قالت فرنسيس: “القصة تتناول شخصين كانا متزوجين، وكان يهمني أن أختبر تجربة اكتشاف شخصين يحبان بعضهما، ثم ينكسر التواصل بينهما فجأة، لتنشأ بينهما مسافة وأسئلة ساكنة في الداخل”. وأضافت: “رغبت في رواية لحظتهما في وقت ومكان محددين، وفي اللحظة التي يقرر فيها أحدهما أن العلاقة قد تصل إلى نهايتها، وأن الحياة يمكن أن تتغير بالكامل”. هذا الفيلم يقدم رؤية واقعية للعلاقات الزوجية، ويطرح أسئلة مهمة حول الحب والفقدان والتغيير.

تمويل ودعم إنتاجي متنوع

أشارت فرنسيس إلى أن إنتاج “كلب ساكن” اعتمد على تمويل من عدة جهات، بما في ذلك مؤسسة الدوحة للأفلام في قطر ومؤسسة البحر الأحمر، بالإضافة إلى جهات أخرى. وأكدت أن الفيلم يعكس حالة متكررة يعيشها الكثير من الأزواج، وهو موقف يتكرر في كل مكان. اختيار عنوان الفيلم، كما أوضحت، جاء من المشهد الأول الذي كتبته، حيث كان الكلب حاضراً في تلك اللحظة. الفيلم يطرح تساؤلات حول مستقبل العلاقات الفاترة، وهل تصل إلى طريق مسدود أم لا.

رؤية فنية تتجاوز المهرجانات

شددت فرنسيس على أنها لا تعتبر الفيلم مجرد مغامرة أو وسيلة للمشاركة في المهرجانات، بل هي محاولة لإيجاد إجابات لبعض الأسئلة التي تراودها. وأكدت أنها اكتشفت ذلك أثناء التصوير. الفيلم عُرض لأول مرة في مهرجان روتردام، ويُعرض الآن في القاهرة في أول عرض عربي له، على أن يُعرض لاحقًا في مهرجان بالهند، بالتزامن مع التحضير لخريطة عرضه تجاريًا. فرنسيس أكدت على أهمية العمل مع ممثلين مخضرمين، مشيرة إلى أنهم ساهموا بشكل كبير في بناء الشخصيات وتوضيح الحالة النفسية لكل منها.

تحديات الإنتاج وتوقعات المخرجة

أوضحت فرنسيس أن التصوير جرى في فترة قصيرة بسبب الأوضاع في البلاد، حيث تم تصوير الفيلم خلال 3 أسابيع فقط. وعن توقعها لجوائز المهرجان، قالت: “لا أتوقع جوائز، لأنني لا أصنع فيلمي للجنة تحكيم أو ليشارك في مهرجانات، بخلاف أن كل عضو في لجنة التحكيم له ذوقه الشخصي في التعامل مع نوعيات الأفلام”. وأعربت عن سعادتها بالمشاركة الأولى لها في مهرجان القاهرة السينمائي، الذي وصفته بأنه “مهرجان عريق وله تاريخ طويل”. “كلب ساكن” هو فيلم يستحق المشاهدة والتأمل، ويقدم إضافة قيمة للسينما العربية.

في الختام، يمثل فيلم “كلب ساكن” عملاً سينمائياً جريئاً ومؤثراً، يستكشف أعماق العلاقات الإنسانية ويطرح أسئلة مهمة حول الحب والفقدان والتغيير. المخرجة سارة فرنسيس قدمت في هذا الفيلم رؤية فنية متميزة، تؤكد على موهبتها وقدرتها على تقديم أعمال سينمائية ذات تأثير عميق. نتطلع إلى رؤية المزيد من أعمالها في المستقبل.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى