الفيلم التونسي “سماء بلا أرض” يفوز بالنجمة الذهبية لمهرجان مراكش

اختتم المهرجان الدولي للفيلم بمراكش دورته الـ 22 مساء السبت، محققاً نجاحاً كبيراً في الاحتفاء بالسينما العالمية. وشهدت الدورة تتويج الفيلم التونسي “سماء بلا أرض” للمخرجة الموهوبة أريج السحيري بجائزة “النجمة الذهبية” المرموقة، وهي الجائزة الكبرى للمهرجان. هذا الفوز يمثل اعترافاً هاماً بالسينما التونسية وقدرتها على تقديم أعمال فنية مؤثرة تتناول قضايا إنسانية عالمية. ويعتبر هذا الفيلم إضافة نوعية للسينما العربية، حيث يلقي الضوء على تجربة المهاجرات الأفريقيات.
“سماء بلا أرض”: قصة مؤثرة حصدت النجمة الذهبية
يتناول الفيلم “سماء بلا أرض” قصة ثلاث مهاجرات أفريقيات يجمعهن القدر في تونس، حيث يسعين إلى تحقيق أحلامهن في حياة أفضل. لكن الواقع يفرض عليهن صعوبات جمة، وتواجههن تحديات قاسية تحطم آمالهن. الفيلم لا يقدم مجرد سرد لأحداث، بل هو غوص عميق في أعماق النفس البشرية، واستكشاف لقضايا الهجرة والبحث عن الأمل في عالم مليء بالقيود.
أعربت لجنة التحكيم عن إعجابها الشديد بالفيلم، واصفة إياه بأنه “عمل سينمائي يجرؤ على مقاربة العالم من منظور مختلف، مستنداً إلى قوة شاعرية نادرة ورؤية فنية منخرطة بعمق في الواقع”. وأكدت اللجنة أن الفيلم يدعو إلى إعادة التفكير في علاقتنا بالآخرين وبأنفسنا، ويطرح أسئلة جوهرية حول معنى الهوية والانتماء.
جوائز أخرى في المهرجان: تنوع وتألق
لم يكن “سماء بلا أرض” هو العمل الوحيد الذي حظي بتقدير في المهرجان. فقد منحت لجنة التحكيم جائزتها الخاصة مناصفة للفيلمين الوثائقيين “بابا والقذافي” للمخرجة الأميركية الليبية جيهان الكيخيا، و”ذاكرة” للمخرجة الأوكرانية فلادلينا ساندو. وقد أشادت اللجنة بالعمق الشخصي والتاريخي الذي يحمله هذان الفيلمان، وكيف يتقاطع الحميمي مع الأحداث الكبرى التي تشكل عالمنا.
كما حصل المخرج البريطاني أوسكار هدسون على جائزة الإخراج عن فيلم “دائرة مستقيمة”، الذي تميز بأدائه التمثيلي القوي من لوك تيتنسور وإليوت تيتنسور. وأشادت لجنة التحكيم بـ “صرامة الفيلم الشكلية وإبداعه الفني”، مؤكدة أنه ترك انطباعاً لا ينسى لدى المشاهدين.
وتوجت الممثلة الإيفوارية ديبورا ناني بجائزة أفضل ممثلة عن دورها المتميز في فيلم “سماء بلا أرض”، مما يؤكد على قوة الأداء التمثيلي في هذا العمل. فيما نال البريطاني سوب ديرسو جائزة أفضل ممثل عن دوره في الفيلم البريطاني النيجيري “ظل والدي”.
تكريمات خاصة وشخصيات بارزة في المهرجان
لم يقتصر المهرجان على توزيع الجوائز، بل احتفى أيضاً بشخصيات بارزة في عالم السينما. فقد حظيت الممثلة والمخرجة الأميركية جودي فوستر بالنجمة الذهبية عن مسيرتها الفنية المتميزة، وألقت كلمة مؤثرة حول أهمية السينما في استكشاف الإنسانية وتعزيز التفاهم بين الثقافات. كما أعربت عن إعجابها بالمغرب وثقافته الغنية. بالمقابل، ترك الفنان المصري حسين فهمي بصمة واضحة في المهرجان، معرباً عن سعادته بالعودة إلى مراكش المدينة التي شهدت بداية مشواره الفني.
الحضور والتأثير
سجل المهرجان الدولي للفيلم بمراكش حضوراً جماهيرياً كبيراً، حيث تجاوز عدد المشاهدين 47 ألف شخص. وهذا يدل على نجاح المهرجان في جذب انتباه الجمهور وعشاق السينما من مختلف أنحاء العالم. تأكيداً على مكانة السينما التونسية، يمثل فوز “سماء بلا أرض” محطة مهمة في تاريخ المهرجان، ويشجع على تقديم المزيد من الأعمال السينمائية التي تتناول قضايا مجتمعية وإنسانية هامة.
يؤكد هذا النجاح على دور المهرجان في إبراز المواهب الشابة وتعزيز التبادل الثقافي بين الدول. ويهدف المهرجان إلى أن يكون منصة حقيقية للسينما المستقلة والسينما العالمية، وأن يقدم تجارب سينمائية متنوعة وغنية للمشاهدين.
بشكل عام، تعتبر الدورة الـ 22 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش دورة ناجحة بكل المقاييس، حيث حققت أهدافها في الاحتفاء بالسينما العالمية، وتشجيع الإبداع، وتعزيز الحوار الثقافي. والفيلم “سماء بلا أرض” خير شاهد على ذلك، حيث جسد روح المهرجان وقيمه من خلال قصته المؤثرة ورؤيته الفنية المتميزة.












