اخبار الامارات

الرئيس النيجيري: إفريقيا يمكنها أن تصبح قوة تصنيع أخضر عالمية

بوصفي رئيساً لجمهورية نيجيريا الاتحادية، فإنني أرأس بلداً يزيد عدد سكانه على 200 مليون نسمة. وفي الوقت نفسه، وبوصفي رئيساً للجماعة الاقتصادية لدول غرب إفريقيا (إيكواس)، فإنني أتولى رئاسة منطقة تكافح التهديدات الأمنية والتحديات الاجتماعية والاقتصادية. كانت هذه القضايا الملحة وارتباطها بتغير المناخ في مقدمة اهتماماتي خلال مشاركتي في القمة العالمية للعمل المناخي « كوب 28» في دبي، بدولة الإمارات العربية المتحدة.

وكان مؤتمر الأمم المتحدة المعني بتغير المناخ (كوب 28) بمثابة علامة فارقة حاسمة مع أول تقييم عالمي لتنفيذ اتفاقية باريس، وهو عبارة عن مراجعة شاملة وجرد يسمح لكل دولة بتقييم التقدم الذي أحرزته في تقليل الانبعاثات وتحقيق الأهداف المناخية.

وقد كافحت نيجيريا، صاحبة أكبر اقتصاد في إفريقيا، ضد عقبات كبرى، بما في ذلك تأثير جائحة «كوفيد-19»، والتحديات قصيرة الأجل الناجمة عن الإصلاحات الاقتصادية، والتوحيد المستمر لأسعار صرف العملات الأجنبية. ومع ذلك، فإننا لانزال ثابتين في تصميمنا على إعادة بناء دولة أفضل وأكثر نظافة، على الرغم من هذه التحديات.

ومن أجل دعم التزامنا الملزم قانوناً بعالم أنظف، أطلقت نيجيريا مبادرة سوق الكربون النيجيرية في مؤتمر الأطراف الـ28 من خلال الانضمام إلى مبادرة سوق الكربون الإفريقية.

ويسلط تقرير التقييم السادس الصادر عن اللجنة الحكومية الدولية في وقت سابق من هذا العام الضوء على عدم كفاية وبطء الجهود العالمية لمكافحة تغير المناخ. ويظل من الواضح أن الدول النامية، على الرغم من مساهمتها الضئيلة في المشكلة، تتحمل معظم آثارها.

نحن جميعاً نريد حل المشكلة، ولكن عدداً قليلاً جداً منا حالياً على استعداد للقيام بنصيبه العادل. ويرتبط الفقدان السريع للموارد المائية وتصاعد معدل التصحر ارتباطاً وثيقاً بأزمة الساحل، التي تتميز بظهور عناصر متطرفة وسلطوية. وتُشكل الخسارة المذهلة لنحو 90% من بحيرة تشاد على مدى العقود الثلاثة الماضية مثالاً مميزاً على ذلك. ونحن نسعى إلى تحقيق تعاون دولي عاجل في كل من التمويل والتكنولوجيا من أجل إعادة التغذية الكاملة واستعادة هذه الهيئة الحيوية من المياه. ومعاً، وبصوت واحد وعمل منسق، يمكننا أن نمنع الصحراء من الزحف على الأراضي الصالحة للزراعة الشاسعة في نيجيريا، ونزوح المجتمعات، والتسبب في انعدام الأمن الغذائي والتفكك الاجتماعي الذي غالباً ما يتحوّل إلى أعمال عنف.

وفي جنوب نيجيريا، يهدد ارتفاع مستويات المحيطات المناطق الساحلية. وفي جميع أنحاء البلاد، تقتل الفيضانات مئات المدنيين الأبرياء وتدمر الأراضي الزراعية والبلدات والقرى، وكل ذلك في حين أنها تجعل عشرات الآلاف من شعبنا بلا مأوى.

لقد اتخذت نيجيريا خطوات مهمة وتصرفت بشكل حاسم في سن قانون تغير المناخ، والالتزام بصافي الانبعاثات الصفرية بين عامي 2050 و2070.

ومع ذلك، لاتزال التحديات قائمة، حيث أدت أزمات الطاقة والغذاء الناجمة عن الصراعات في أوروبا والشرق الأوسط إلى إضعاف رغبة الدول الغنية في التعاون الكامل مع الاقتصادات الأقل نمواً. ويؤثر هذا في قدرة البلدان الأقل نمواً على ملاحقة خطط وطنية لتحقيق صافي انبعاثات «صِفر»، حتى عندما تكون هذه الخطط مفصلة وقابلة للتحقيق. ونجحت الدولة الأكثر اكتظاظاً بالسكان في إفريقيا في حشد عشرات الآلاف من الشباب على مستوى البلاد لزراعة 250 ألف شجرة سنوياً للوفاء بتعهدها بزراعة 25 مليون شجرة بحلول عام 2030، بينما نقوم ببناء جدارنا الأخضر العظيم لمحاربة زحف الصحراء عبر المنطقة الشمالية من أمتنا.

وفي الأسابيع الأخيرة، وقّعنا اتفاقية مع شركة طاقة ألمانية لتحويل الغاز المحترق على نطاق واسع إلى صادرات غاز طبيعي عالي الجودة إلى أوروبا. ويُعد هذا أمراً بالغ الأهمية لتقليل إحدى الطرق الرئيسة التي تسهم بها البلاد في غازات الدفيئة العالمية.

وفي مؤتمر الأطراف الـ28، انضممت إلى رئيس المؤتمر سلطان الجابر، والمبعوث الأميركي الرئاسي الخاص للمناخ جون كيري، والمبعوث الصيني للمناخ شيه تشن هو في لجنة ألزمت نيجيريا بالتخلص من غاز الميثان وغيره من الغازات الدفيئة غير ثاني أكسيد الكربون، وسلطت الضوء على استعدادنا لاتخاذ التدابير اللازمة وقيادة جهود إفريقيا لإزالة الكربون من الاقتصاد العالمي.

وأثناء وجودي في برلين الشهر الماضي في قمة مجموعة العشرين، أعلنت التزام نيجيريا بتطوير قدرة الهيدروجين الأزرق والأخضر للتصدير الدولي. وفي محادثاتي مع منتجي النفط في الشرق الأوسط، قمت أيضاً بتعزيز هذا الالتزام. ونحن نسعى الآن إلى تعبئة رأس المال الخاص بدعم من مبادرات مثل مبادرة قيادة تمويل المناخ وبرامج البنية الأساسية العالمية الجديدة في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي.

إن نيجيريا هي أكبر منتج للنفط في إفريقيا، ولكننا نواصل بقوة استغلال مواردنا الوفيرة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية، إلا أن التحوّل من الوقود الأحفوري، عماد اقتصادنا، لن يكون سهلاً.

ومع ذلك، فقد قمنا بتنفيذ خطة انتقال الطاقة النيجيرية لتحقيق هذا التحول. تستهدف هذه الاستراتيجية المبنية على البيانات صافي انبعاثات صفرية في القطاعات الرئيسة، الطاقة والطهي والنفط، والغاز والنقل والصناعة. ويتطلب تنفيذ الخطة استثماراً سنوياً بقيمة 10 مليارات دولار حتى عام 2060.

والحقيقة هي أننا بحاجة إلى شراكات من أجل اقتصاد أخضر جديد في إفريقيا. ويُعد برنامج البوابة العالمية التابع للاتحاد الأوروبي ومبادرة الولايات المتحدة لإعادة بناء عالم أفضل من الموارد المحتملة التي نحرص على استكشافها. كما أننا نتطلع إلى تنويع اقتصادنا من خلال الدخول في منافسة ودية مع روسيا في مجال إمداد الأسواق الأوروبية بالطاقة، ويمكننا أن نفعل ذلك بالغاز الطبيعي ومن خلال الطاقة الخضراء، ولهذا السبب فإننا نستثمر بشكل كبير في كليهما.

ولا تستطيع البلدان الإفريقية ببساطة المضي على هذا الطريق بمفردها، ويجب أن يكون هناك نهج عادل وتعاوني، لقد تردد العديد من الدول المتقدمة لفترة طويلة في القيام بما ينبغي لها القيام به. لكن وقت المشاهدة والانتظار قد انتهى، ويتعين على الدول المتقدمة أن تحترم التزاماتها في شكل مساهمات كبيرة في صندوق الخسائر والأضرار والتعهد السنوي بتمويل المناخ بقيمة 100 مليار دولار.

وفي سبتمبر تبنت البلدان الإفريقية نموذج النمو الإيجابي المناخي في قمة المناخ الإفريقية التي استضافتها كينيا، ونتصور أن تصبح إفريقيا مركزاً رائداً للتصنيع الأخضر على مستوى العالم، مع الدعم المالي المستهدف والوصول إلى الأسواق العالمية.

وتتمتع نيجيريا وجزء كبير من إفريقيا بميزة فريدة من نوعها، فنحن لا نحتاج إلى وقف تشغيل محطات الطاقة التي تعمل بالفحم مثل بعض الدول، لدينا فرصة لا مثيل لها لتجاوز عقود من الصناعة التقليدية عالية الانبعاثات من خلال بناء مستقبلنا الصناعي على أساس أخضر جديد. إن العالم يواجه خياراً صارخاً.. إما إعطاء الأولوية للوضع الاقتصادي الراهن أو خفض الانبعاثات الخطيرة بشكل حقيقي، وهذا يمثل لحظة حاسمة. إن اختيار الوقوف مع الإنصاف والعدالة في الاقتصاد العالمي يوفر الفرصة لتصحيح أخطاء الماضي، وإنقاذ الكوكب، وخلق مستقبل أفضل للجميع، وقد حان الوقت لاغتنام هذه اللحظة.

• في جنوب نيجيريا، يهدّد ارتفاع مستويات المحيطات المناطق الساحلية. وفي أنحاء البلاد، تقتل الفيضانات مئات المدنيين الأبرياء وتدمر الأراضي الزراعية والبلدات والقرى، وتجعل عشرات الآلاف من شعبنا بلا مأوى.

• نيجيريا هي أكبر منتج للنفط في إفريقيا، ولكننا نواصل بقوة استغلال مواردنا الوفيرة من طاقة الرياح والطاقة الشمسية. إلا أن التحول من الوقود الأحفوري، عماد اقتصادنا، لن يكون سهلاً.

بولا أحمد تنوبو – رئيس جمهورية نيجيريا الاتحادية

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى