الاتحاد الأوروبي يمدد تجميد الأصول الروسية دعماً لأوكرانيا

في خطوة تهدف إلى زيادة الضغط على روسيا والمساعدة في إعادة إعمار أوكرانيا، وافق الاتحاد الأوروبي على تمديد تجميد الأصول الروسية لمدة ستة أشهر إضافية. يأتي هذا القرار في ظل استمرار الحرب في أوكرانيا وتصاعد الجهود الدبلوماسية لإيجاد حل سلمي. وتعتبر هذه الخطوة ذات أهمية بالغة، حيث تبلغ قيمة هذه الأصول المجمدة حوالي 210 مليار يورو، وهي أموال يمكن استخدامها في المستقبل لتعويض أوكرانيا عن الأضرار الناجمة عن الحرب. الجدل حول كيفية استخدام هذه الأصول المجمدة يزداد حدة، مع تزايد الحاجة إلى تمويل إعادة الإعمار الأوكرانية.
تمديد تجميد الأصول الروسية: رسالة قوية ودعم لأوكرانيا
أعلنت رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، عن تمديد تجميد الأصول الروسية، مؤكدةً أن هذا القرار يرسل “رسالة قوية إلى روسيا” مفادها أن “تكاليف هذه الحرب العدوانية الوحشية ستستمر في الارتفاع”. وأضافت أن هذا الإجراء يهدف أيضاً إلى دعم أوكرانيا وضمان قدرتها على الصمود في وجه العدوان، سواء على ساحة المعركة أو على طاولة المفاوضات. هذا التمديد يعكس التزام الاتحاد الأوروبي بدعم سيادة أوكرانيا واستقلالها.
التحديات القانونية والسياسية لتجميد الأصول
يتطلب تجديد تجميد الأصول الروسية موافقة بالإجماع من جميع الدول الأعضاء الـ 27 في الاتحاد الأوروبي. هذا الإجراء الدوري أثار مخاوف بشأن إمكانية استخدام دول مثل المجر حق النقض (الفيتو)، مما قد يسمح لروسيا باستعادة أصولها بشكل مفاجئ. لذلك، يسعى الاتحاد الأوروبي إلى إيجاد آليات قانونية قوية تضمن استمرار تجميد الأصول حتى يتم التوصل إلى حل عادل بشأن تعويضات الحرب.
210 مليار يورو: حجم الأصول الروسية المجمدة في أوروبا
تُقدر قيمة الأصول الروسية المجمدة في الاتحاد الأوروبي بحوالي 210 مليار يورو. هذه الأموال، التي تشمل الأصول السيادية المملوكة للبنك المركزي الروسي وأصول الأفراد والكيانات الخاضعة للعقوبات، تم تجميدها في أعقاب الغزو الروسي لأوكرانيا في فبراير 2022. الهدف من تجميد هذه الأصول هو تقويض قدرة روسيا على تمويل الحرب والضغط عليها لإنهاء العدوان. ومع ذلك، فإن مسألة كيفية استخدام هذه الأموال لا تزال موضع نقاش مكثف.
دور بلجيكا و”يوروكلير” في تجميد الأصول
تلعب بلجيكا دوراً محورياً في تجميد الأصول الروسية، حيث تحتضن مؤسسة “يوروكلير” (Euroclear)، وهي أكبر شركة إيداع للأوراق المالية في العالم، الجزء الأكبر من هذه الأصول. وقد أبدت بلجيكا قلقاً بشأن مسؤوليتها المحتملة عن سداد أي قروض يتم تقديمها باستخدام هذه الأصول في حال تم فك تجميدها بشكل مفاجئ. لذلك، تطالب بروكسل بتقديم ضمانات قوية من الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء لتخفيف هذه المخاطر وحماية مصالحها. هذا القلق البلجيكي أدى إلى تعطيل بعض الخطط الأولية لاستغلال الأصول الروسية.
رد فعل روسيا: دعوى قضائية ضد “يوروكلير”
في رد فعل على تجميد الأصول، أعلن البنك المركزي الروسي عن رفع دعوى قضائية أمام محكمة التحكيم في موسكو ضد شركة “يوروكلير” البلجيكية. ويزعم البنك المركزي أن إجراءات “يوروكلير” غير قانونية وأنها تمنعه من التصرف في أمواله وأوراقه المالية. تعتبر هذه الدعوى القضائية خطوة تصعيدية من جانب روسيا، وتهدف إلى تحدي شرعية العقوبات الغربية وتأكيد حقوقها في الوصول إلى أصولها. من المتوقع أن تكون هذه القضية معقدة وطويلة الأمد.
الضغط المتزايد على حلفاء أوكرانيا لتقديم الدعم المالي
يتزايد الضغط على حلفاء أوكرانيا لإيجاد مصادر تمويل جديدة، خاصة بعد تعليق إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للمساعدات العسكرية والمالية المقدمة لكييف. تحتاج أوكرانيا بشكل عاجل إلى حوالي 135 مليار يورو خلال العامين المقبلين لسد فجوات الميزانية الأساسية، وقد أبلغت حلفاءها أنها تحتاج إلى تمويل جديد بحلول أبريل القادم. في هذا السياق، تبرز فكرة استخدام الأصول الروسية المجمدة كحل ممكن لتوفير الدعم المالي اللازم لأوكرانيا، ولكنها تواجه تحديات قانونية وسياسية كبيرة. الاستثمار في إعادة إعمار أوكرانيا بعد الحرب هو أيضاً خيار قيد الدراسة.
مستقبل الأصول الروسية المجمدة: بين العقوبات وإعادة الإعمار
يبقى مستقبل الأصول الروسية المجمدة غير واضحاً. في حين أن الاتحاد الأوروبي يواصل تمديد تجميدها كجزء من حزمة عقوبات أوسع نطاقاً، هناك نقاش متزايد حول كيفية استخدام هذه الأموال بشكل فعال لدعم أوكرانيا. تشمل الخيارات المطروحة استخدام عائدات الأصول لتوفير مساعدات مالية مباشرة، أو استخدام الأصول كضمان لتقديم قروض، أو استخدامها في تمويل مشاريع إعادة الإعمار بعد انتهاء الحرب. بغض النظر عن الخيار الذي سيتم اعتماده، فإن الهدف النهائي هو ضمان أن تتحمل روسيا مسؤولية أفعالها وأن يتم تعويض أوكرانيا عن الأضرار التي لحقت بها. تجميد الأصول الروسية يظل أداة رئيسية في جهود المجتمع الدولي لدعم أوكرانيا وتحقيق العدالة.












