اخبار الامارات

“قاتل الدبابات”.. فخ “الكورنيت” يثير قلق إسرائيل

قبيل انطلاق الهجوم البري الكامل الذي بدأه الجيش الإسرائيلي على قطاع غزة اليوم، رداً على عملية “طوفان الأقصى”، نشرت الصحف الإسرائيلية تقارير عن مخاطر هذا الاجتياح.

ووفقاً لصحيفة “كالكاليست” الإسرائيلية، فإن التهديد الرئيس للقوات البرية للجيش الإسرائيلي هو الصاروخ الروسي المضاد للدبابات المسمى “كورنيت” الذي تم استخدامه في حرب لبنان الثانية. فما هو مدى تهديد هذا الصاروخ، وكيف يعمل وما هي فوائده؟ وماذا يعني وجوده بحوزة “حماس” داخل غزة؟

أقوى منظومة مضادة للدبابات

منظومة “كورنيت” التي يتم التحكم فيها عن بُعد، تعد أقوى منظومة صواريخ موجهة مضادة للدبابات، وتلقب بقاتلة الدبابات، حيث تصيب أهدافها بمعدل يصل إلى 5 أضعاف النسخة السابقة “كورنيت إي”.

وأرسلت دول حلف شمال الأطلسي إلى أوكرانيا دفعات من دباباتها ذات التكنولوجيا المتطورة،  لمساعدة أوكرانيا على ردع الهجوم الروسي، ومعها بدأ استخدام الصاروخ “كورنيت” الروسي بشكل كثيف من الطرفين الروسي والأوكراني، ضد دبابات الطرف الآخر، لتصبح أوكرانيا ساحة مفتوحة لمعركة من هذا النوع.

قدرات “كورنيت

بدأ تطوير منظومة صواريخ “كورنيت” التي تسير في اتجاه الهدف كحركة “الدبور”، عام 1988 وعُرضت للمرة الأولى عام 1994، وهي منظومة صواريخ مخصصة في المقام الأول للتعامل مع دبابات القتال الرئيسة بمدى 8 كيلومترات، وتمتلك صواريخ موجهة بأشعة الليزر يمكنها مقاومة أي وسائل تشويش معادية خلال رحلة الصاروخ نحو الهدف، وفق وكالة “سبوتنيك” الروسية.

تم تصميم الصاروخ للعمل على متن مركبات مدرعة، والمنظومة مزودة بنظام تعقب آلي للأهداف يمكّنها من إصابة الأهداف بدقة عالية دون متابعة من وحدة الإطلاق.

وبعد تحسينها أصبحت قادرة على التصدي للأهداف الجوية مثل الطائرات المسيّرة الخاصة بالاستطلاع، كما أنها تستطيع تنفيذ عمليات إطلاق متزامنة لأكثر من صاروخ، ما يمكنها من تدمير أكثر من هدف في وقت واحد.

مدى النسخة الجديدة من الصاروخ أصبح ضعف النسخة السابقة “كورنيت إي”، وبمعدل دقة لإصابة الهدف نحو 5 مرات، ويراوح مدى صاروخها بين 150 متراً و10 كيلومترات.

 مواصفات “كورنيت

 صواريخ “كورنيت” ذات رؤوس مزدوجة جوفاء وتخترق هياكل المدرعات التي يراوح سمكها بين 110 و130 سنتيمتراً.

ويمكن تجهيز رأس الصاروخ بحشوة شديدة الانفجار قادرة على إصابة أحدث أنواع الدبابات، ويمكن نصبها على مدرعات بحيث تحمل 16 صاروخاً من هذا النوع، بما في ذلك 8 صواريخ جاهزة للقتال.

 طاقم المدرعة بحاجة إلى 8 ثوانٍ فقط لتحويل المنظومة من وضع المسير إلى وضع القتال.

ويمكن إطلاقه من خلال منصة تُثبت على الأرض أو الكتف مباشرة لأنه موجه بالليزر، ولديه قدرة على المناورة من خلال الالتفاف في حلقات دائرية أثناء تحليقه باتجاه الهدف حتى يطبق على الهدف.

 كما أن الصاروخ قادر على حسم أي معركة مع دبابات حلف الناتو، سواء دبابة “إم 1 أبرامز” الأميركية أو “ليوبارد” الألمانية، وهو ما ينطبق أيضاً على دبابات “ميركافا” الإسرائيلية.

و منظومة “الكورنيت” كفيلة بتحقيق مبدأ “ارمِ وانسَ”، لأنها تضمن احتمالية إصابة الهدف بنسبة لا تقل عن 99%.

وتسطيع تلك المنظومة حسم المعارك مع الدبابات، كما لدى تلك الصواريخ القدرة الفائقة على المواجهة المباشرة في الحرب، وإلحاق الهزيمة بالدبابات.

وعلى عكس الصواريخ الغربية الجديدة المضادة للدبابات، لا يضرب صاروخ كورنيت الهدف من الأعلى، حيث تكون الدبابات في كثير من الأحيان أقل حماية، فهو يطير بشكل مسطح ويضرب الجانب، ما يسمح باستخدامه لمهاجمة المواقع وشقوق المخابئ، وحتى إسقاطه طائرات هليكوبتر.

إسرائيل و “كورنيت”

يعرف الجيش الإسرائيلي “الكورنيت” جيداً، منذ حرب لبنان الثانية عام 2006، حيث أطلق “حزب الله” مثل هذه الصواريخ على الدبابات وعلى المواقع والبؤر الاستيطانية.

وكثيراً ما يستخدم التنظيم اللبناني الصاروخ، خصوصاً النسخة التي يتم تصنيعها في إيران. وتتحرك فرق الإطلاق التابعة لـ”حزب الله”، على مركبات رباعية الدفع تستخدم أيضاً كمواقع إطلاق وتحمل كل منها ما بين ثلاثة وخمسة صواريخ.

في المقابل، يقول الجيش الإسرائيلي، إن لديه رداً تكنولوجياً على هذه الصواريخ يتمثل في أنظمة دفاع نشطة يمكنها رصد الصاروخ عندما يكون في الهواء ويقترب من الدبابة، ومن ثم تطلق الرصاص عليه بشكل غزير لتسقطه قبل أن يصل إلى هدفه.

وفي هذا السياق، ابتكرت الصناعات العسكرية الإسرائيلية في 2011 منظومة دفاعية تدعى “معطف الريح”، وهي تقنية عسكرية يتم تزويد الدبابات بها لاعتراض الصواريخ المضادة للدبابات، ولكن بسبب زيادة استخدام كتائب القسام للكورنيت، فقد قرر الجيش الإسرائيلي التزوّد بـ200 مدرعة “نمر”، وهي من أكثر المدرعات قوة ومتانة.

في يوليو 2014، دمرت دبابة “ميركافا 4” مثل هذا الصاروخ الذي تم إطلاقه عليها في قطاع غزة.

“حماس” و “كورنيت”

أما “حماس” فقد تبنت استخدام الصاروخ في غزة، وحصلت على الكورنيت من إيران، كما يعتقد خبراء في إسرائيل.

وتدربت الفرق المضادة للدبابات التابعة لـ”حماس” لسنوات على إطلاق الصواريخ باستخدام برامج محاكاة مخصصة.

وفي عام 2010، بدأت الفصائل الفلسطينية في غزة بإطلاق الصواريخ على قوات الجيش الإسرائيلي، حيث قامت بنصب كمائن وبتتبع وتصويب بشكل جيد، وأطلقت النار على السيارات والحافلات التي كانت تمر في نقاط قريبة من السياج الفاصل بين القطاع وإسرائيل.

ومن المتوقع أن ترسل “حماس” فرقاً صغيرة متنقلة، وفقاً للمنظومة القتالية الروسية التي صممت الصاروخ، حيث يحمل أحد المشغلين قاذفة الصواريخ التي تزن 36 كجم، ويحمل اثنان آخران من أفراد الطاقم الصواريخ، وفي بعض الأحيان ينضم المزيد لتأمين الإطلاق.

المعركة الحالية

ساحة المعركة التي بدأت اليوم في غزة ستعقد الأمور، فالدمار واسع النطاق لمدن قطاع غزة ويترك للفصائل الفلسطينية الكثير من الأنقاض للاختباء فيها، ما يصعب مهمة الرصد على الجيش الإسرائيلي، ويصبح الوضع أشبه بالفخ.

وهذا يعني أن الفصائل لن تتمكن من الاستفادة من مدى الكورنيت الطويل دون التسلق إلى ارتفاع وكشف مواقع أفرادها، والبديل هو الاقتراب من قوات الجيش الإسرائيلي، ومحاولة إطلاق النار من مسافة قريبة.

فهل يمكن استهداف الدبابات من مسافة قريبة؟

الإجابة: نعم، حيث يبلغ الحد الأدنى لنطاق “كورنيت” 150 متراً، ولكن من هذا المدى، يمكن رصد مكان الإطلاق بسهولة.

ولإطلاق “كورنيت” يجب التصويب يدوياً، وتشغيل الليزر والاستمرار حتى يصل الصاروخ إلى الهدف. وعندما يتم تشغيل الليزر، تتحول من صياد إلى طريدة، وقد تكون هذه مشكلة صغيرة بالنسبة لـ”حماس”، ولكن إذا تم التخلص من جميع فرقها المضادة للدبابات، فإن هذه الحرب ستكون قصيرة جداً ولن تكون في صالحها.

خلاصة القول، “الكورنيت” صاروخ خطر، باعتراف الجيش الإسرائيلي الذي يقول إنه يعرف كل شيء عنه منذ سنوات، وقد طور أدوات وأساليب وإجراءات للتعامل مع التهديد.

وبالتالي ستكون أرض غزة ساحة جديدة بعد أوكرانيا لإظهار مدى فاعلية أسلحة هذا الطرف أو ذاك ضد الآخر، بغض النظر عن وقوع مزيد من القتلى من الجانبين.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى