“التحالف”: أبلغنا الإمارات منع مغادرة شحنات الأسلحة من ميناء المكلا لكنها نُقلت إلى قاعدة الريان

في تطورات متسارعة للأحداث في اليمن، تصاعدت حدة التوتر بين أطراف تحالف دعم الشرعية، بعد إعلان قيادة القوات المشتركة عن تنفيذ عملية عسكرية محدودة في ميناء المكلا، وذلك على خلفية شحنة عسكرية قادمة من الإمارات. هذا الحدث أثار جدلاً واسعاً وردود فعل متباينة، ويتطلب تحليلاً معمقاً لفهم أبعاده وتداعياته. يركز هذا المقال على تفاصيل العملية العسكرية في المكلا، والخلافات التي أدت إليها، ووجهات نظر الأطراف المعنية، بالإضافة إلى التداعيات المحتملة على الوضع اليمني الهش.
تفاصيل العملية العسكرية في ميناء المكلا: ما الذي حدث؟
أعلنت قيادة تحالف دعم الشرعية في اليمن، الثلاثاء، عن تنفيذ ضربة جوية محدودة استهدفت دعماً عسكرياً خارجياً في ميناء المكلا بمحافظة حضرموت. وأكد المتحدث العسكري باسم التحالف، اللواء الركن تركي المالكي، أن العملية لم تتسبب في أي إصابات بشرية أو أضرار في البنية التحتية للميناء.
الخلاف بدأ عندما وصلت سفينتان قادمتان من ميناء الفجيرة إلى المكلا، وحملتا على متنهما أكثر من 80 عربة بالإضافة إلى حاويات مليئة بالأسلحة والذخائر. أفاد المالكي أن السفينتين دخلتا الميناء دون الحصول على التصاريح اللازمة من الحكومة اليمنية أو قيادة التحالف، كما قامتا بإغلاق أجهزة التتبع الخاصة بهما قبل الدخول إلى المياه الإقليمية اليمنية.
وبعد توثيق عملية الإنزال، تم إبلاغ المسؤولين الإماراتيين على مستوى عالٍ بمنع خروج هذه الشحنة من الميناء، بهدف تجنب وصولها إلى مناطق الصراع. لكن، الجانب الإماراتي قام بنقل العربات والحاويات إلى قاعدة الريان، دون إبلاغ القيادة السعودية، مما اعتبره التحالف تصعيداً غير مقبول.
ردود الأفعال الرسمية: تضارب الروايات وضرورة التوضيح
أثارت العملية العسكرية في المكلا ردود فعل رسمية متباينة. فقد أصدرت وزارة الخارجية الإماراتية بياناً نفت فيه أن تكون الشحنة المذكورة تحتوي على أي أسلحة. وأوضحت أن العربات التي تم إنزالها كانت مخصصة للاستخدام من قبل القوات الإماراتية العاملة في اليمن، وأن هناك تنسيقاً مسبقاً مع السعودية بشأنها.
وأعربت الوزارة عن دهشتها واستهجانها لاستهداف الشحنة في ميناء المكلا، مؤكدة أن ذلك يخالف اتفاقيات التنسيق بين البلدين. من جانبه، أكد المتحدث العسكري باسم التحالف أن المعلومات المتاحة لديهم تؤكد أن الشحنة كانت تهدف إلى دعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي وتأجيج الصراع في المحافظات الشرقية من اليمن.
هذا التضارب في الروايات يلقي بظلال من الشك على طبيعة الشحنة وأهدافها، ويبرز أهمية إجراء تحقيق شفاف ومستقل لتحديد الحقائق وتوضيح المسؤوليات. كما يسلط الضوء على الحاجة الماسة إلى تعزيز آليات التنسيق بين أطراف التحالف لتجنب المزيد من الخلافات والتصعيد.
خلفيات الخلاف: المجلس الانتقالي الجنوبي وتوازنات القوى
يعود الخلاف حول العملية العسكرية في المكلا إلى الصراع الدائر حول النفوذ في اليمن، وتحديداً حول دور المجلس الانتقالي الجنوبي. يدعم التحالف بقيادة السعودية الحكومة اليمنية المعترف بها دولياً، بينما يُتهم المجلس الانتقالي الجنوبي بالسعي إلى تحقيق انفصال الجنوب عن الشمال.
وتشير التقارير إلى أن الإمارات كانت تدعم المجلس الانتقالي الجنوبي بشكل غير مباشر، وتوفر له الدعم العسكري والمالي. هذا الدعم الإماراتي أثار قلق السعودية، التي تخشى من أن يؤدي إلى تقسيم اليمن وزعزعة الاستقرار الإقليمي.
الوضع في حضرموت، بشكل خاص، معقد. تسيطر قوات حضرمية موالية للمجلس الانتقالي الجنوبي على مناطق واسعة من المحافظة الغنية بالنفط، وتسعى إلى توسيع نفوذها. قلق الحكومة اليمنية والتحالف يكمن في أن هذا التوسع قد يؤدي إلى تقويض سلطة الحكومة المركزية وإشعال فتيل صراع جديد.
تداعيات محتملة: هل نشهد تصعيداً إقليمياً؟
الخلاف حول العملية العسكرية في المكلا يحمل في طياته تداعيات محتملة على الوضع في اليمن وعلى المنطقة بأسرها. قد يؤدي هذا الخلاف إلى:
- تدهور العلاقات بين السعودية والإمارات: الخلاف العلني حول دعم المجلس الانتقالي الجنوبي قد يزيد من حدة التوتر بين الرياض وأبوظبي، ويؤثر على التعاون الثنائي في المجالات الأخرى.
- زيادة التصعيد في اليمن: قد يشجع الدعم الإماراتي للمجلس الانتقالي الجنوبي على مواصلة تصعيد الموقف، ورفض الانخراط في مفاوضات جادة مع الحكومة اليمنية.
- تعقيد جهود السلام: الخلاف بين أطراف التحالف قد يعيق جهود السلام التي تبذلها الأمم المتحدة والمجتمع الدولي، ويجعل من الصعب التوصل إلى حل سياسي شامل للأزمة اليمنية.
- تمكين الجماعات المتطرفة: في ظل الفوضى والصراع، قد تستغل الجماعات المتطرفة الوضع لتعزيز نفوذها وتنفيذ عمليات إرهابية.
الحاجة إلى الحوار والتنسيق: طريق نحو الاستقرار
لتجنب التداعيات السلبية المحتملة، من الضروري أن يعود الحوار والتنسيق بين السعودية والإمارات. يجب على الطرفين العمل على إيجاد حلول للخلافات القائمة، والتركيز على دعم جهود السلام في اليمن. كما يجب على الحكومة اليمنية والمجلس الانتقالي الجنوبي الانخراط في مفاوضات جادة، والبحث عن حلول سياسية تضمن الاستقرار والازدهار لجميع اليمنيين.
بالإضافة إلى ذلك، من الضروري احترام سيادة اليمن ووحدة أراضيه. يجب على جميع الأطراف الخارجية الامتناع عن التدخل في الشؤون الداخلية اليمنية، وتجنب دعم أي طرف على حساب الآخر. إن الاستقرار المستدام في اليمن لا يمكن تحقيقه إلا من خلال الحوار والتنسيق والالتزام بالحلول السياسية. التحليل الدقيق لـ العملية العسكرية في المكلا يكشف عن عمق التحديات التي تواجه اليمن، والحاجة الماسة إلى جهود مشتركة ومخلصة لإنهاء الأزمة وتحقيق السلام.
الوضع يتطلب أيضاً معالجة الأسباب الجذرية للصراع، مثل الفقر والتهميش والفساد. يجب على المجتمع الدولي تقديم الدعم اللازم لليمن في مجال التنمية الاقتصادية والاجتماعية، وتمكين الشعب اليمني من بناء مستقبل أفضل.












