تناول الوجبات الخفيفة أمام التلفزيون.. هل يزيد الوزن؟

تناول الوجبات الخفيفة أمام التلفزيون هو عادة مألوفة للكثيرين، خاصةً خلال الأوقات الاحتفالية والإجازات. لكن هل تعلم أن هذه العادة البسيطة قد تكون لها تأثيرات كبيرة على وزنك وصحتك؟ دراسات حديثة تكشف عن أن الأكل أمام التلفزيون يزيد من استهلاك السعرات الحرارية بشكل ملحوظ، وغالبًا ما يفوق التوقعات. هذا المقال سيتناول بالتفصيل هذه الظاهرة، وأسبابها، وكيفية تجنبها للحفاظ على صحة أفضل.
لماذا يزيد الأكل أمام التلفزيون من وزنك؟
قد يبدو الأمر غير منطقي، لكن الانتباه إلى شاشة التلفزيون أثناء تناول الطعام يؤثر سلبًا على قدرتنا على إدراك كمية الطعام التي نستهلكها. فالدماغ، عندما يكون مشغولاً بمتابعة الأحداث والشخصيات على الشاشة، يقلل من تركيزه على الإشارات الجسدية التي تدل على الشبع. هذا يعني أننا نستمر في الأكل حتى بعد أن يشعر جسمنا بالامتلاء، مما يؤدي إلى زيادة في السعرات الحرارية المتناولة.
تأثير التشتت على الإدراك الحسي
التشتت البصري والسمعي الذي يوفره التلفزيون يقلل من وعينا بالإشارات الحسية المتعلقة بالطعام، مثل المذاق والرائحة والملمس. عندما نركز على هذه الإشارات، نميل إلى تناول الطعام ببطء أكبر والاستمتاع به بشكل كامل، مما يساعدنا على الشعور بالشبع بكميات أقل. بالمقابل، الأكل السريع وغير الواعي أمام التلفزيون يقلل من هذه الإشارات ويشجع على الإفراط في الأكل.
دراسات علمية تؤكد العلاقة بين التلفزيون والوزن
أظهرت العديد من الدراسات العلمية أن هناك علاقة قوية بين مشاهدة التلفزيون وتناول كميات أكبر من الطعام. إحدى الدراسات التي أجريت في الولايات المتحدة ونشرت نتائجها في مجلة Physiology and Behaviour، كشفت أن استهلاك السعرات الحرارية يزداد بنسبة 25% تقريبًا عند تناول الطعام أثناء مشاهدة التلفزيون مقارنة بتناوله في بيئة هادئة.
تجربة معهد وورسيستر بوليتكنيك
قام باحثون من معهد وورسيستر بوليتكنيك في ولاية ماساتشوستس بتجربة مثيرة للاهتمام شملت 114 مشاركًا. تم تقسيم المشاركين إلى ثلاث مجموعات: مجموعة شاهدت التلفزيون أثناء تناول الوجبات الخفيفة، ومجموعة استخدمت الهواتف الذكية، ومجموعة ثالثة تناولت الطعام دون أي مشتتات. النتائج كانت واضحة: مشاهدو التلفزيون استهلكوا في المتوسط 164 سعرة حرارية، بينما استهلكت المجموعة التي تناولت الطعام دون تشتيت 131 سعرة حرارية فقط. لم تظهر المجموعة التي استخدمت الهواتف الذكية فرقًا كبيرًا عن المجموعة الأخيرة.
الأكل أمام الشاشات الأخرى: الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية
على الرغم من أن الدراسة المذكورة ركزت على التلفزيون، إلا أن نفس المبدأ ينطبق على الأجهزة الأخرى التي توفر تشتيتًا بصريًا وسمعيًا، مثل الهواتف الذكية والأجهزة اللوحية. قد يكون استخدام الهواتف الذكية أثناء الأكل أقل تأثيرًا من مشاهدة التلفزيون، ربما بسبب انشغال اليدين بالجهاز، مما يقلل من سرعة الأكل. ومع ذلك، فإن التشتت الذهني الذي يسببه الهاتف الذكي لا يزال يؤثر على إدراكنا لكمية الطعام. لذا، من المهم الانتباه إلى هذه العادة حتى عند استخدام الهواتف الذكية أو الأجهزة اللوحية. العادات الغذائية الصحية تتطلب وعيًا كاملاً بما نأكله.
كيف تتجنب الأكل العشوائي أمام التلفزيون؟
لتجنب الآثار السلبية لـ الأكل أمام التلفزيون، إليك بعض النصائح العملية:
- خصص وقتًا لتناول الطعام: اجعل تناول الطعام تجربة منفصلة وممتعة، بعيدًا عن أي عوامل تشتيت.
- تناول الطعام على المائدة: بدلًا من الجلوس أمام التلفزيون، اجلس على المائدة وركز على وجبتك.
- استخدم أطباقًا أصغر: يمكن أن يساعد ذلك في التحكم في حجم الوجبة.
- امضغ الطعام ببطء: هذا يعطي جسمك الوقت الكافي لإرسال إشارات الشبع إلى الدماغ.
- اشرب الماء: شرب الماء قبل وأثناء الوجبة يمكن أن يساعدك على الشعور بالشبع.
- كن واعيًا بمشاعرك: في كثير من الأحيان، نلجأ إلى الأكل العاطفي للتغلب على التوتر أو الملل. حاول تحديد هذه المشاعر وإيجاد طرق صحية للتعامل معها.
- خطط لوجباتك الخفيفة: إذا كنت ترغب في تناول وجبة خفيفة أثناء مشاهدة التلفزيون، فخطط لها مسبقًا واختر خيارات صحية مثل الفواكه أو الخضروات.
الأكل الواعي: مفتاح السلوك الغذائي الصحي
إن تبني مبادئ الأكل الواعي هو الحل الأمثل للتغلب على هذه المشكلة. الأكل الواعي يعني الانتباه الكامل لتجربة تناول الطعام، بما في ذلك المذاق والرائحة والملمس، بالإضافة إلى الإشارات الجسدية التي تدل على الشبع. من خلال ممارسة الأكل الواعي، يمكنك تحسين علاقتك بالطعام واتخاذ خيارات صحية أكثر.
في الختام، على الرغم من أن الأكل أمام التلفزيون قد يبدو بريئًا، إلا أنه يمكن أن يكون له تأثير كبير على وزنك وصحتك. من خلال فهم الآليات التي تؤدي إلى الإفراط في الأكل أثناء مشاهدة التلفزيون، واتباع النصائح المذكورة أعلاه، يمكنك التحكم في عاداتك الغذائية والاستمتاع بحياة أكثر صحة وسعادة. شارك هذا المقال مع أصدقائك وعائلتك لتوعيتهم بهذه القضية المهمة!












