اخبار الاقتصاد

تراجع حاد لأسعار الفضة وسط عمليات بيع لجني أرباح

شهدت أسعار الفضة تقلبات حادة في الآونة الأخيرة، حيث تراجعت بشكل ملحوظ بعد أن اخترقت حاجز 80 دولارًا للأونصة، وهو مستوى لم يسبق له مثيل. يأتي هذا الانخفاض بعد موجة صعود تاريخية، مدفوعة بشكل أساسي باختلالات كبيرة في العرض والطلب، مما دفع المتعاملين إلى جني الأرباح. هذا التطور يثير تساؤلات حول مستقبل هذا المعدن الثمين، خاصة مع استمرار التوترات الجيوسياسية وتغيرات أسعار الفائدة العالمية.

ارتفاع أسعار الفضة ثم التصحيح: نظرة عامة

ارتفعت أسعار الفضة بشكل كبير في الأيام الأخيرة، حيث سجلت قفزة قياسية بلغت 84 دولارًا للأونصة، بعد خمسة أيام متتالية من المكاسب. ومع ذلك، سرعان ما انعكس الاتجاه، حيث انخفض المعدن الأبيض بنسبة تصل إلى 5% في يوم واحد، مما يشير إلى حالة من عدم الاستقرار في السوق. يعزو المحللون هذا التقلب إلى عدة عوامل متداخلة، بما في ذلك ضعف الدولار الأمريكي، وتصاعد التوترات الجيوسياسية، والأوضاع الاقتصادية العالمية.

العوامل التي دفعت أسعار الفضة إلى الارتفاع

ساهمت عدة عوامل في تعزيز جاذبية الفضة كملاذ آمن، مما أدى إلى ارتفاع أسعارها بشكل ملحوظ. من بين هذه العوامل:

ضعف الدولار وتأثيره على المعادن النفيسة

شهد الدولار الأمريكي انخفاضًا ملحوظًا في قيمته خلال الأسبوع الماضي، مسجلاً أكبر تراجع أسبوعي له منذ يونيو. عادةً ما يرتبط ضعف الدولار بارتفاع أسعار المعادن النفيسة، بما في ذلك الفضة والذهب، حيث تصبح هذه المعادن أكثر جاذبية للمستثمرين الذين يبحثون عن بدائل للعملة الأمريكية.

التوترات الجيوسياسية ودورها في السوق

تصاعد التوترات الجيوسياسية في مناطق مختلفة من العالم، مثل فنزويلا ونيجيريا، عزز أيضًا الطلب على المعادن النفيسة كملاذ آمن. فرض الولايات المتحدة حصارًا على ناقلات النفط الفنزويلية، بالإضافة إلى الضربات التي شنتها على تنظيم “داعش” في نيجيريا، أثارت مخاوف بشأن الاستقرار العالمي، مما دفع المستثمرين إلى البحث عن أصول أكثر أمانًا مثل الفضة.

تخفيضات أسعار الفائدة ومشتريات البنوك المركزية

أدت سلسلة من تخفيضات أسعار الفائدة من قبل الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، بالإضافة إلى زيادة مشتريات البنوك المركزية للمعادن النفيسة، إلى زيادة الطلب على الفضة والذهب. تعتبر أسعار الفائدة المنخفضة حافزًا للاستثمار في الأصول التي لا تدر عوائد، مثل المعادن النفيسة، بينما تعكس مشتريات البنوك المركزية ثقتها في هذه الأصول كاحتياطي استراتيجي.

اختلالات هيكلية في سوق الفضة: عامل رئيسي في التقلبات

يشير المحللون إلى أن سوق الفضة يواجه اختلالات هيكلية حادة بين العرض والطلب، مما يساهم في التقلبات الكبيرة في الأسعار. على عكس الذهب، فإن سوق الفضة أقل عمقًا، مما يعني أن المخزونات المحدودة والسيولة المتاحة يمكن أن تتبخر بسرعة. هذا الاختلاف يجعل الفضة أكثر عرضة للتلاعب والتقلبات السعرية.

يقول توني سايكامور، محلل الأسواق لدى “آي جي أستراليا”: “لا مجال للخطأ، نحن نشهد فقاعة تاريخية تتشكل في سوق الفضة”. ويضيف أن المشترين حاليًا يدفعون علاوة كبيرة تبلغ 7% للتسليم الفوري مقارنة بالانتظار لمدة عام، مما يعكس الطلب القوي على المعدن الفعلي.

نقص المخزونات وتأثير التحقيقات الأمريكية

شهدت الخزائن في لندن تدفقات كبيرة من الفضة منذ أزمة أكتوبر، لكن هذا التدفق أدى إلى نقص في المخزونات في أماكن أخرى، مثل الصين. في الوقت نفسه، يترقب المتعاملون نتائج تحقيق تجريه وزارة التجارة الأمريكية حول ما إذا كانت واردات المعادن الحيوية تشكل خطرًا على الأمن القومي. قد يؤدي هذا التحقيق إلى فرض رسوم جمركية أو قيود تجارية أخرى على الفضة، مما يزيد من الضغط على العرض.

الاستخدامات الصناعية للفضة ومخاطر نقص الإمدادات

تتميز الفضة بخصائص عملية واسعة الاستخدام تجعلها مكونًا أساسيًا في العديد من الصناعات، بما في ذلك الألواح الشمسية، ومراكز بيانات الذكاء الاصطناعي، والإلكترونيات. مع اقتراب المخزونات من أدنى مستوياتها على الإطلاق، تبرز مخاطر حدوث نقص في الإمدادات قد يؤثر سلبًا على هذه الصناعات.

أعرب إيلون ماسك عن قلقه بشأن نقص إمدادات الفضة، مشيرًا إلى أنها مطلوبة في العديد من العمليات الصناعية. هذا التأكيد من شخصية مؤثرة مثل ماسك يسلط الضوء على أهمية الفضة في الاقتصاد العالمي.

مؤشرات فنية وتحركات الأسعار المستقبلية

تشير المؤشرات الفنية إلى أن موجة الصعود في أسعار الفضة قد تكون سريعة ومبالغًا فيها. على سبيل المثال، أظهر مؤشر القوة النسبية للفضة على مدى 14 يومًا قراءة تقارب 80 نقطة، وهو مستوى يتجاوز بكثير عتبة 70 التي تعتبر إشارة إلى تشبع الشراء. هذا يشير إلى أن الأسعار قد تكون عرضة لتصحيح حاد.

في الوقت الحالي، تراجعت أسعار الفضة إلى 76.47 دولارًا للأونصة، في حين انخفض سعر الذهب أيضًا إلى 4495.73 دولارًا للأونصة. من المتوقع أن تستمر أسعار المعادن النفيسة في التقلب في المستقبل القريب، حيث تتأثر بالعديد من العوامل الاقتصادية والجيوسياسية.

بشكل عام، يظل سوق الفضة معقدًا وغير مؤكد. يجب على المستثمرين توخي الحذر وإجراء أبحاثهم الخاصة قبل اتخاذ أي قرارات استثمارية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى