المغرب في 2026.. استثمارات كأس العالم قاطرة نمو الاقتصاد

ستبقى سنة 2025 عالقة في أذهان المغاربة، فهي ليست مجرد عام عادي، بل نقطة تحول شهدت فيها المملكة إنجازات متتالية في مختلف المجالات. من الإنجازات الرياضية التاريخية، مروراً بانتهاء سنوات الجفاف الطويلة، وصولاً إلى التدفق غير المسبوق للاستثمارات في بورصة الدار البيضاء، تُعد 2025 عاماً استثنائياً يستحق التوثيق والتحليل. هذا العام، يشهد المغرب نمواً اقتصادياً ملحوظاً، مدفوعاً بقطاعات رئيسية، ويضع البلاد على مسار واعد نحو مستقبل أكثر ازدهاراً. النمو الاقتصادي في المغرب يتجه نحو تحقيق رقم قياسي، مما يبشر بتحسن في مستوى المعيشة وفرص العمل.
النمو الاقتصادي المغربي: قفزة نوعية في 2025
من المتوقع أن يحقق الناتج المحلي الإجمالي في المغرب نمواً بنسبة تقارب 5% هذا العام، وهو الأعلى منذ أربع سنوات. يعزى هذا الانتعاش بشكل كبير إلى الأداء القوي للقطاع الزراعي، الذي استفاد من الأمطار الغزيرة التي أنهت سنوات الجفاف، بالإضافة إلى تحسن أداء قطاعي الصناعة والخدمات. هذا النمو يمثل بارقة أمل بعد سنوات من التحديات الاقتصادية، ويضع المغرب في موقع تنافسي على الصعيد الإقليمي.
قطاع السياحة يقود الانتعاش
بالإضافة إلى القطاعات التقليدية، يستفيد المغرب من أداء استثنائي لقطاع السياحة. تدفق الجماهير لمتابعة مباريات كأس أمم أفريقيا 2025، التي تستضيفها مدن المملكة خلال شهري ديسمبر ويناير، ساهم بشكل كبير في زيادة الإيرادات السياحية. تخطط المملكة لمضاعفة الطاقة الاستيعابية لمطاراتها إلى 80 مليون مسافر بحلول عام 2030، مما يعكس الثقة في استمرار نمو هذا القطاع الحيوي.
استثمارات ضخمة في البنية التحتية
تستثمر الحكومة المغربية بشكل غير مسبوق في مشاريع البنية التحتية، تقدر قيمتها بأكثر من 100 مليار دولار خلال السنوات الخمس المقبلة. تهدف هذه الاستثمارات إلى تحسين البنية التحتية للبلاد، بما في ذلك تأهيل الملاعب، وتوسعة المطارات، وتمديد خطوط السكك الحديدية والطرق السريعة، وذلك استعداداً لاستضافة كأس أمم أفريقيا واستعداداً لكأس العالم في نهاية العقد الجاري. هذه المشاريع ستخلق فرص عمل جديدة، وتعزز النمو الاقتصادي، وتحسن جودة الحياة للمواطنين.
ملعب الدار البيضاء: تحفة معمارية عالمية
من أبرز هذه المشاريع، بناء ملعب ضخم في ضواحي مدينة الدار البيضاء، والذي سيكون الأكبر في العالم بطاقة استيعابية تناهز 115 ألف متفرج. هذا الملعب، الذي يتم إنشاؤه من قبل تحالف مغربي بتكلفة 370 مليون دولار، سيصبح رمزاً للطموح المغربي، ووجهة عالمية لمنافسات كرة القدم.
تحديات النمو الاقتصادي في المغرب
على الرغم من الإنجازات الاقتصادية الملحوظة، لا يزال المغرب يواجه بعض التحديات. أحد أهم هذه التحديات هو ارتفاع معدل البطالة، الذي يتجاوز 13%، وخاصة بين الشباب حيث ارتفع إلى 38% في الربع الثالث من العام الجاري. يتطلب حل هذه المشكلة تحفيز النمو الاقتصادي إلى مستويات أعلى، وخلق فرص عمل جديدة، وتنويع الاقتصاد بعيداً عن الاعتماد المفرط على القطاع الزراعي.
التحول نحو الصناعات ذات التكنولوجيا العالية
يرى الخبراء أن التركيز يجب أن ينصب على تطوير الصناعات ذات التكنولوجيا العالية، والتي يمكن أن توفر قيمة مضافة أكبر، وتمتص جزءاً من البطالة. يجب أيضاً تحسين جودة التعليم، وتوجيهه نحو احتياجات سوق العمل، وتقليل الاعتماد على القطاع غير الرسمي. الاستثمار في رأس المال البشري، وتشجيع الابتكار، وتعزيز بيئة الأعمال، هي عوامل أساسية لتحقيق نمو اقتصادي مستدام وشامل.
مستقبل الاستثمار في المغرب
تتوقع الحكومة المغربية زيادة الاستثمار الحكومي بنسبة 12% في العام المقبل، ليصل إلى أكثر من 380 مليار درهم (حوالي 41.5 مليار دولار). يمثل هذا الرقم 21% من الناتج المحلي الإجمالي، وهو مستوى غير مسبوق في تاريخ البلاد. سيتم ضخ هذه الأموال من خلال القطاعات الحكومية، والشركات التابعة لها، وأيضاً الصندوق السيادي محمد السادس للاستثمار. هذا الاستثمار الضخم سيساهم في تسريع وتيرة النمو الاقتصادي، وتحسين البنية التحتية، وخلق فرص عمل جديدة. الاستثمار في المغرب يمثل فرصة واعدة للمستثمرين المحليين والأجانب، نظراً للبيئة الاستثمارية الجاذبة، والموقع الاستراتيجي، والإمكانيات الكبيرة التي تتمتع بها البلاد.
ختاماً، يمكن القول أن سنة 2025 تمثل بداية حقبة جديدة في تاريخ المغرب الاقتصادي. الإنجازات المتتالية، والاستثمارات الضخمة، والخطط الطموحة، كلها مؤشرات إيجابية تدل على أن المغرب يسير بخطى ثابتة نحو مستقبل أكثر ازدهاراً. يبقى التحدي الأكبر هو تحويل هذا النمو إلى فرص عمل ملموسة، وتحسين مستوى معيشة جميع المواطنين. من خلال الاستمرار في الإصلاحات الاقتصادية، وتشجيع الابتكار، وتنويع الاقتصاد، يمكن للمغرب أن يحقق طموحاته، ويصبح قوة اقتصادية إقليمية وعالمية.












