اخبار الاقتصاد

تخمة متوقعة بأسواق النفط في 2026.. ماذا عن الأسعار؟

في كل يوم تقريباً، تصل ناقلة نفط إلى سواحل غيانا لتحميل شحنة نفطية يُمكن أن تصل إلى مشترٍ في أي مكان تقريباً على سطح الأرض. هذا المشهد، المتكرر أيضاً في موانئ الإمارات العربية المتحدة، يعكس واقعاً جديداً في سوق النفط: فائضاً متزايداً في المعروض يضغط على الأسعار. ففي الوقت الذي تتجه فيه أسعار النفط لتسجيل أكبر خسارة سنوية لها منذ الجائحة، وتراجع سعر البنزين في الولايات المتحدة إلى مستويات لم يشهدها منذ عام 2021، تبرز غيانا كلاعب صاعد يساهم في هذا الفائض، بعد أن كانت قبل سنوات قليلة لا تنتج برميلاً واحداً من النفط.

تزايد المعروض العالمي من النفط

هذا التدفق الهائل من النفط ليس وليد الصدفة. فإلى جانب الإنتاج المتزايد في غيانا، يواصل المنتجون القدامى والجدد على حد سواء زيادة إنتاجهم. روسيا، على وجه الخصوص، تبحث بنشاط عن مشترين لنفطها الخاضع للعقوبات، مما يزيد من حجم النفط الخام المتوفر في الأسواق العالمية. وتشير التقديرات إلى أن إجمالي كمية النفط الخام المتوفرة حالياً تبلغ حوالي 1.3 مليار برميل، وهو رقم قياسي.

دور أوبك والدول المنتجة الأخرى

الإمارات العربية المتحدة، كأحد أكبر منتجي النفط في منظمة أوبك، تشهد أيضاً حركة نشطة للسفن المحملة بالنفط. فقد صدّرت الإمارات الشهر الماضي أكبر كمية من النفط الخام منذ سنوات. بالإضافة إلى ذلك، شهدت البرازيل زيادة قياسية في إنتاجها لتصل إلى 4 ملايين برميل يومياً في أكتوبر، بينما يقترب الإنتاج الكندي من أدنى مستوياته منذ مارس. وحتى الأرجنتين والصين تساهمان في زيادة المعروض، مع طفرة النفط الصخري في الأرجنتين وزيادة إنتاج الصين لتنافس عمالقة أوبك مثل العراق.

تأثير فائض النفط على الأسعار

نتيجة لهذا الفائض الكبير في المعروض، تتجه أسعار النفط القياسية نحو تسجيل أكبر خسارة سنوية لها منذ جائحة كوفيد-19. انخفض سعر خام برنت، المعيار العالمي، بنسبة 20% هذا العام ليصل إلى حوالي 60 دولاراً للبرميل. وتتوقع شركة “ترافيغورا”، إحدى أكبر شركات تجارة السلع في العالم، أن تبقى أسعار النفط في حدود 50 دولاراً للبرميل حتى منتصف العام المقبل قبل أن تبدأ في التعافي بحلول نهاية عام 2026.

توقعات مستقبلية لأسعار النفط

يتفق معظم تجار النفط الكبار على أن هناك فائضاً في المعروض في السوق، والسؤال المطروح هو حجم هذا الفائض. تشير تقديرات وكالة الطاقة الدولية إلى أن الإنتاج قد يتجاوز الاستهلاك بنحو 3.8 مليون برميل يومياً في عام 2026. وعلى الرغم من أن بعض التجار يتوقعون أرقاماً أقل، إلا أنهم يتفقون على أن مستويات التخزين سترتفع حتماً.

الآثار الاقتصادية والسياسية لفائض النفط

انخفاض أسعار النفط يمثل خبرًا سارًا للمستهلكين والسياسيين الذين يخشون ارتفاع تكاليف المعيشة، مثل الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. ومع ذلك، فإنه يشكل أيضاً مصدر قلق اقتصادي كبير للدول المنتجة للنفط، وخاصة روسيا والسعودية، حيث انخفض سعر النفط إلى مستوى لم يشهدوه منذ حوالي عقد من الزمان، مع الأخذ في الاعتبار التضخم.

ضغوط على المنتجين الرئيسيين

تواجه السعودية، التي تحتاج إلى أسعار نفط خام تقارب 90 دولاراً للبرميل لتغطية نفقاتها، ضغوطاً متزايدة، وتقترب من أعلى مستوى سنوي لإصدار الديون هذا العام. وتدرس المملكة تعديل بعض المشاريع الضخمة ضمن “رؤية 2030” التي تهدف إلى تنويع الاقتصاد بعيداً عن النفط. أما دول أخرى مثل الجزائر وإيران وكازاخستان، فهي تحتاج إلى أسعار نفط أعلى بكثير من 100 دولار لتغطية الإنفاق الحكومي.

التوترات الجيوسياسية وتأثيرها على السوق

لا تزال سوق النفط حساسة للغاية للتوترات الجيوسياسية. فالتصعيد الأخير بين الولايات المتحدة وفنزويلا، مع فرض حصار على ناقلات النفط الخاضعة للعقوبات، يمكن أن يؤدي إلى ارتفاع الأسعار في البداية، ولكنه سيؤدي في النهاية إلى زيادة المعروض في السوق. كما أن أي اتفاق لوقف إطلاق النار في أوكرانيا، مع تخفيف العقوبات عن روسيا، قد يضيف المزيد من البراميل الروسية إلى السوق.

الخلاصة: مستقبل أسعار النفط

مع استمرار زيادة الإنتاج وتجاوز المعروض الاستهلاك، يبدو أن أسعار النفط ستظل تحت الضغط في المستقبل القريب. على الرغم من أن التوترات الجيوسياسية قد تؤدي إلى تقلبات قصيرة الأجل، إلا أن الاتجاه العام يشير إلى أن الأسعار ستستقر عند مستويات أقل. هذا الانخفاض في الأسعار له آثار اقتصادية وسياسية كبيرة، حيث يستفيد المستهلكون والسياسيون، بينما تواجه الدول المنتجة للنفط تحديات متزايدة. من المهم متابعة تطورات السوق عن كثب، وتقييم تأثير العوامل المختلفة على أسعار النفط، بما في ذلك التوترات الجيوسياسية، والزيادات في الإنتاج، ونمو الطلب العالمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى