“تاسي” يتماسك رغم تراجع السيولة لأدنى مستوى في 28 أسبوعاً

شهدت سوق الأسهم السعودية أداءً متذبذباً خلال الأسبوع الجاري، حيث تمكنت من استعادة جزء من الخسائر التي تكبدتها في الأسبوع السابق، وذلك على الرغم من استمرار حالة الهدوء في التداولات. يعكس هذا الأداء تأثير عدة عوامل، أبرزها العطلات الموسمية وتراجع السيولة، بالإضافة إلى التباين في أداء السوق السعودية مقارنة بالأسواق العالمية، خاصة الأمريكية. يهدف هذا المقال إلى تحليل أسباب هذا التذبذب، واستعراض آراء المحللين حول مستقبل سوق الأسهم السعودية، والفرص الاستثمارية المتاحة.
أداء سوق الأسهم السعودية الأسبوعي: تعويض جزئي للخسائر وسط تداولات هادئة
صعد المؤشر العام للسوق السعودية، “تاسي”، بنسبة 0.7% خلال الأسبوع، معوضاً بذلك حوالي ثلث الخسائر التي مني بها في الأسبوع الذي سبقه. ومع ذلك، رافق هذا الصعود تراجع حاد في حجم التداولات، حيث بلغت 13.6 مليار ريال، وهو أدنى مستوى لها في حوالي 28 أسبوعاً. يعزى هذا الانخفاض بشكل رئيسي إلى غياب المستثمرين الأجانب بسبب عطلات نهاية العام، مما أثر بشكل كبير على حجم السيولة في السوق.
في جلسة يوم الخميس، اختتم المؤشر “تاسي” تعاملاته بانخفاض طفيف بلغ 0.1%، ولكنه ظل فوق مستوى 10500 نقطة، وهو مستوى نفسي مهم، للجلسة الرابعة على التوالي. لكن اللافت كان هو انخفاض السيولة إلى مستوى قياسي، حيث بلغت 1.66 مليار ريال، وهو أدنى مستوى يومي منذ أوائل ديسمبر 2019.
تحليل أسباب ضعف التداولات
أرجع أحمد الرشيد، المحلل المالي الأول في صحيفة “الاقتصادية”، ضعف التداولات إلى ارتفاع مساهمة المستثمرين الأجانب في السوق، مشيراً إلى أنهم يمثلون حوالي نصف حجم التداولات اليومية. ويتوقع الرشيد استمرار هذا النمط حتى مطلع شهر يناير المقبل، في ظل استمرار العطلات وغياب أي محفزات إيجابية قصيرة الأجل قادرة على تحريك السوق.
الفرص الاستثمارية المتاحة في السوق السعودية
على الرغم من حالة الهدوء السائدة، يرى خبراء الاقتصاد أن الاستثمار في سوق الأسهم السعودية لا يزال يحمل فرصاً واعدة للمستثمرين. محمد الفراج، الرئيس الأول لإدارة الأصول في “أرباح كابيتال”، أكد أن السوق السعودية تقدم فرصاً استثمارية جيدة عبر قطاعات متنوعة خلال الفترة القادمة.
ويعتبر قطاع البنوك من أبرز القطاعات الواعدة، مع التركيز على أسهم مثل “مصرف الراجحي” و”الأهلي السعودي”. بالإضافة إلى ذلك، يتوقع الفراج عودة قطاع المواد الأساسية إلى تحقيق أداء أفضل مع بداية العام الجديد، مما يجعله خياراً جذاباً للمستثمرين.
توقعات باستمرار الهدوء في التداولات
يتفق سعد آل ثقفان، عضو مجلس إدارة جمعية الاقتصاد السعودية، مع توقعات استمرار ضعف السيولة في سوق الأسهم السعودية حتى نهاية العام. ويوضح أن جلسات نهاية العام تتميز عادة بالهدوء بسبب موسم العطلات وتوقف العديد من المستثمرين الأجانب عن التداول.
ويضيف آل ثقفان أن معظم المستثمرين يفضلون تجنب فتح مراكز استثمارية جديدة خلال هذه الفترة، نظراً لقلة المحفزات الإيجابية واقتراب نهاية العام. ويرجح أن يغلق المؤشر العام للسوق السعودية قرب مستوياته الحالية، ما لم تظهر عوامل جديدة قادرة على تغيير اتجاه السوق.
تباين أداء السوق السعودية مع الأسواق الأمريكية
أشار إكرامي عبدالله، كبير المحللين الماليين في صحيفة “الاقتصادية”، إلى وجود تباين كبير بين أداء سوق الأسهم السعودية والأسواق الأمريكية، ويرجع ذلك بشكل أساسي إلى اختلاف طبيعة تأثير أسعار الفائدة على كل منهما، بالإضافة إلى الاختلاف في هيكل القطاعات.
ويوضح أن الأسواق الأمريكية تستفيد بشكل مباشر من قرارات الاحتياطي الفيدرالي بشأن أسعار الفائدة، بينما تتأثر السوق السعودية بشكل أكبر بمعدلات السايبور، التي لم تتفاعل بنفس الوتيرة مع خفض أسعار الفائدة الأمريكية. هذا التأخير في انعكاس سياسة التيسير النقدي يؤثر على سرعة تعافي السوق المحلية.
بالإضافة إلى ذلك، يرى عبدالله أن الأدوات الاستثمارية البديلة خارج السوق باتت تقدم عوائد تنافسية عالية مقارنة بسوق الأسهم، مما أدى إلى سحب جزء من السيولة الاستثمارية. كما أن هيكل السوق السعودية، الذي يتركز بشكل كبير في قطاعي الطاقة والبتروكيماويات، يجعلها أكثر عرضة لتقلبات الأسواق العالمية، خاصة أسعار النفط والطلب في الصين.
في الختام، على الرغم من التحديات التي تواجه سوق الأسهم السعودية حالياً، إلا أن الفرص الاستثمارية لا تزال متاحة، خاصة في قطاعات مثل البنوك والمواد الأساسية. يتطلب النجاح في هذه السوق متابعة دقيقة للتطورات الاقتصادية العالمية والمحلية، وفهم العوامل التي تؤثر على أداء القطاعات المختلفة. ننصح المستثمرين بالتحلي بالصبر والتروي، والبحث عن فرص استثمارية طويلة الأجل، والاستفادة من آراء الخبراء والمحللين الماليين لاتخاذ قرارات مستنيرة.












