وزارة العدل الأميركية في مرمى الانتقادات بعد حذف صور ترمب من ملفات إبستين

في تطور مثير للجدل، تواجه وزارة العدل الأمريكية انتقادات حادة بسبب حذف صور من ملفات قضية جيفري إبستين، بما في ذلك صورة للرئيس السابق دونالد ترامب، وذلك بعد وقت قصير من نشرها. هذا الحذف المفاجئ، الذي لم يسبقه أي تفسير رسمي أو إشعار للجمهور، أثار تساؤلات حول مدى شفافية الحكومة في التعامل مع هذه القضية الحساسة. وتأتي هذه الخطوة في ظل ضغوط متزايدة للكشف عن جميع الوثائق المتعلقة بشبكة إبستين الجنسية.
ملفات إبستين: جدل حول الصور المحذوفة
الجمعة الماضية، نشرت وزارة العدل الأمريكية دفعة جديدة من الوثائق المتعلقة بتحقيقاتها في قضية الملياردير المدان جيفري إبستين. هذه الوثائق، التي طال انتظارها، كانت متاحة للعامة، ولكن سرعان ما اختفت بعضها، بما في ذلك صورًا مثيرة للجدل. الصور المحذوفة تضمنت لوحات فنية تظهر نساء عاريات، بالإضافة إلى صور لمجموعة من الصور معروضة في خزانة ومكتب إبستين. الصورة الأكثر إثارة للجدل كانت تلك الموجودة داخل أحد الأدراج، والتي تظهر دونالد ترامب وزوجته ميلانيا ترامب، بالإضافة إلى جيسلين ماكسويل، شريكة إبستين.
ردود فعل غاضبة من الكونجرس والمجتمع المدني
أثار حذف هذه الصور موجة من الغضب والانتقادات. أعضاء من الكونجرس، وخاصة الديمقراطيون في لجنة الرقابة بمجلس النواب، طالبوا بتفسير فوري. كتبوا على وسائل التواصل الاجتماعي: “هذه الصورة، الملف 468، من ملفات إبستين والتي تتضمن دونالد ترامب، تم إزالتها الآن من ملفات وزارة العدل. بام بوندي، هل هذا صحيح؟ ما الذي يتم التستر عليه؟ نحتاج إلى شفافية للجمهور الأمريكي.” كما عبر مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي عن استيائهم، وتساءلوا عن سبب إخفاء هذه المعلومات.
تفسير وزارة العدل: مراجعة مستمرة
في ردها الوحيد حتى الآن، اكتفت وزارة العدل الأمريكية بنشر بيان مقتضب على منصة “إكس” (تويتر سابقًا). أفاد البيان بأن “الصور والمواد الأخرى ستستمر مراجعتها وإخفاؤها وفقًا للقانون وبكل حرص مع حصولنا على معلومات إضافية”. هذا التفسير لم يهدئ من حدة الانتقادات، بل زاد من الشكوك حول دوافع الوزارة الحقيقية. العدل الأمريكية حذفت 16 صورة دون إبداء أسباب واضحة.
قضية إبستين: تاريخ من عدم الشفافية
هذا الحذف ليس الحادثة الأولى من نوعها في قضية إبستين. فقد واجهت إدارة ترامب انتقادات سابقة بسبب حجب آلاف الوثائق المتعلقة بالقضية. نشر هذه الوثائق كان نتيجة لقانون أقره الكونجرس ووقعه ترامب الشهر الماضي، مما يدل على الضغوط الهائلة التي واجهتها الحكومة للكشف عن المعلومات. المسؤولون في إدارة ترامب برروا الحجب السابق بحماية ضحايا الاتجار بالجنس، ووعدوا بنشر المزيد من الوثائق بعد فرزها.
صمت ترامب وتأثيره على الرأي العام
على الرغم من الجدل المتصاعد، لم يصدر أي تعليق مباشر من الرئيس السابق دونالد ترامب حول هذه القضية. وقد سبق لترامب أن وصف قضية إبستين بأنها “خدعة”، لكنه لم يتطرق إلى تفاصيل الصور المحذوفة أو الانتقادات الموجهة لوزارة العدل. هذا الصمت أثار المزيد من التساؤلات حول علاقته بإبستين وما إذا كان لديه ما يخفيه.
الصور المنشورة: لمحة عن عالم إبستين
الوثائق التي نُشرت حتى الآن قدمت لمحة عن عالم جيفري إبستين الفاخر والمثير للجدل. تضمنت الصور منازل إبستين في نيويورك وجزر العذراء الأمريكية، بالإضافة إلى صور لبعض المشاهير والسياسيين. ظهرت صور للرئيس السابق بيل كلينتون بشكل ملحوظ، بينما كانت صور ترامب أقل عددًا. على الرغم من أن كلا الرئيسين كانا مرتبطين بإبستين في السابق، إلا أنهما أنكرا لاحقًا أي صداقة معه. لم يتهم أي منهما بأي مخالفات مرتبطة بإبستين، ولا يوجد دليل على أن هذه الصور لعبت دورًا في أي قضايا جنائية.
تأخير النشر الكامل: غضب الضحايا
على الرغم من تحديد الجمعة كموعد نهائي لنشر جميع الوثائق، أعلنت وزارة العدل أنها تخطط لإصدار السجلات بشكل تدريجي. وقالت إن التأخير يرجع إلى الوقت اللازم لإخفاء أسماء الضحايا والمعلومات التعريفية الأخرى. هذا الأسلوب أثار غضبًا واسعًا بين ضحايا إبستين وأعضاء الكونجرس الذين دفعوا لتمرير القانون الذي يلزم الوزارة بالكشف عن المعلومات.
مارينا لاسيردا، إحدى الضحايا اللواتي يزعم أنهن تعرضن للاستغلال الجنسي من قبل إبستين، عبرت عن خيبة أملها قائلة: “أشعر مرة أخرى أن وزارة العدل، ونظام العدالة، يخذلاننا”.
حجم الملفات: مهمة شاقة
من المهم ملاحظة أن الوثائق التي نُشرت مؤخرًا تمثل جزءًا صغيرًا فقط من الكم الهائل من المعلومات التي بحوزة وزارة العدل الأمريكية. فقد ذكر مساعد المدعي العام تود بلانش أن المدعين الفيدراليين في مانهاتن يمتلكون أكثر من 3.6 مليون سجل من تحقيقات الاتجار بالجنس ضد إبستين وجيسلين ماكسويل. هذا الحجم الهائل من الملفات يجعل مهمة الفرز والنشر الكامل مهمة شاقة ومعقدة.
الخلاصة: الحاجة إلى الشفافية الكاملة
إن حذف صور من ملفات قضية جيفري إبستين، وخاصة تلك التي تظهر شخصيات عامة مثل دونالد ترامب، يثير مخاوف جدية بشأن الشفافية والمساءلة. في حين أن حماية ضحايا الاتجار بالجنس أمر بالغ الأهمية، إلا أنه لا ينبغي أن يكون ذريعة لحجب المعلومات عن الجمهور. يتطلب الأمر تحقيقًا شاملاً لتحديد سبب حذف هذه الصور، والتأكد من أن وزارة العدل الأمريكية تلتزم بالقانون وتعمل لصالح العدالة. قضية إبستين تتطلب شفافية كاملة لضمان عدم تكرار مثل هذه الجرائم وحماية الضحايا المحتملين. المطالبة بـ الشفافية في ملفات إبستين ليست مجرد مطلب قانوني، بل هي ضرورة أخلاقية لتعزيز الثقة في نظام العدالة. التحقيقات في قضية جيفري إبستين يجب أن تكون شاملة ونزيهة لكشف كافة الملابسات.












