اخر الاخبار

“هجليج”… أخطر تطور في الحرب يهدد قطاع النفط في السودان وجنوب السودان

سيطرت قوات الدعم السريع على حقل هجليج النفطي، وهو تطور يلقي بظلاله على مستقبل الطاقة في السودان وجنوب السودان. هذا الحدث ليس مجرد تغيير في السيطرة العسكرية، بل هو إنذار بتداعيات اقتصادية واستراتيجية عميقة، تمتد آثارها لتشمل الاستقرار السياسي والاقتصادي في البلدين والمنطقة بأسرها. حقل هجليج، الذي يقع في ولاية جنوب كردفان، يمثل شريان حياة لقطاع النفط في كل من السودان وجنوب السودان، وأي تعطيل لعملياته يهدد بتقويض اقتصادات البلدين.

أهمية حقل هجليج الاستراتيجية

يُعد حقل هجليج منشأة محورية في منظومة إنتاج ونقل النفط في السودان وجنوب السودان. فهو ليس مجرد موقع رئيسي لإنتاج النفط السوداني، بل يلعب دوراً حاسماً في معالجة نفط جنوب السودان وتصديره. يمثل الحقل نقطة عبور حيوية لخطوط الأنابيب التي تمتد إلى ميناء بشائر في بورتسودان، مما يجعل أي اضطراب أمني أو تشغيلي فيه ذا أثر إقليمي واسع. الاعتماد المتبادل بين البلدين على هذا الحقل يجعل الوضع الحالي بالغ التعقيد والحساسية.

التداعيات الاقتصادية المباشرة على السودان وجنوب السودان

سيطرة قوات الدعم السريع على حقل هجليج قد تؤدي إلى فقدان السودان لإنتاجه النفطي بالكامل. بالتزامن مع ذلك، ستتوقف صادرات نفط جنوب السودان التي تتم معالجتها داخل الحقل. هذا الوضع سيعمق الأزمة الاقتصادية في كلا البلدين، ويضاعف من تعقيدات المشهد السياسي والأمني. جنوب السودان، الذي يعتمد على النفط كمصدر لأكثر من 90% من إيراداته من العملات الأجنبية، سيتعرض لضغوط مالية هائلة. أما السودان فيخسر، وفقاً لتقارير، نحو 20 ألف برميل من الخام يومياً، بالإضافة إلى رسوم العبور والتصدير التي تقدر بملايين الدولارات. هذه الخسائر الفادحة ستزيد من معاناة الشعبين وتعرقل جهود التنمية.

مباحثات مشتركة لإنقاذ الموقف

في أعقاب هذه التطورات، بدأت مباحثات مشتركة بين السلطات في السودان وجنوب السودان بشأن ملفات النفط. وصل وفد رفيع المستوى من جوبا إلى بورتسودان، والتقى برئيس مجلس السيادة، عبد الفتاح البرهان، تمهيداً للتوقيع على اتفاقيات ثنائية. وزير النفط السوداني، ووزير النفط بالإنابة في جوبا، يناقشان حالياً ملف النفط والأوضاع في حقل هجليج، في إطار مساعٍ مشتركة لاحتواء التطورات الأخيرة وتعزيز الشراكات النفطية بين البلدين. هذه المباحثات تمثل بارقة أمل في إيجاد حل للأزمة وتجنب المزيد من التصعيد.

تقييمات الخبراء حول الوضع في حقل هجليج

وزير الطاقة السوداني الأسبق، جادين علي عبيد، وصف سيطرة الدعم السريع على منطقة هجليج بأنها تطور بالغ الخطورة، لما تحمله من تداعيات اقتصادية جسيمة على السودان وتأثيرات سلبية مباشرة على جنوب السودان. وأوضح أن توقف النشاط النفطي في الحقل يعني خروج السودان من دائرة الإنتاج النفطي بالكامل، مع خسارة ما يتراوح بين 30 و40 ألف برميل يومياً من إنتاجه المحلي، بالإضافة إلى خسارة عائدات خدمات معالجة ونقل نحو 50 ألف برميل يومياً من نفط جنوب السودان.

تساؤلات حول دور الأطراف الإقليمية والدولية

رئيس حزب المؤتمر السوداني، عمر الدقير، أثار تساؤلات حول دخول قوات من جنوب السودان إلى حقل هجليج، معتبراً أنه لا يمكن أن يتم ذلك دون تفاهم غير معلن بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع وحكومة جوبا. هذا يشير إلى وجود ديناميكيات معقدة تتجاوز الصراع الداخلي في السودان، وتورط أطراف إقليمية ودولية في محاولة التأثير على الوضع. من المهم فهم هذه الديناميكيات من أجل التوصل إلى حل مستدام للأزمة.

مستقبل قطاع النفط السوداني وجنوب السودان

الخبير في القطاع النفطي، المهندس إسماعيل محمد، يشير إلى أن توقف إنتاج النفط في حقل هجليج، الذي يُقدّر إنتاجه اليومي بحوالي 90–100 ألف برميل، له تأثيرات كبيرة على البنية التحتية للمنشأة وعلى الاقتصاد في الخرطوم وجوبا. ويضيف أن التوقف المستمر يؤدي إلى خسائر مالية مباشرة نتيجة انخفاض العائدات النفطية، كما يفاقم آثار الإهمال على المعدات وشبكات النقل وخطوط الأنابيب، مما يزيد من كلفة إعادة التشغيل لاحقاً ويهدد استدامة الإنتاج على المدى المتوسط.

حقل هجليج: نظرة على الأرقام والموقع

يقع حقل هجليج النفطي العملاق قرب الحدود مع جنوب السودان، على بعد نحو 45 كيلومتراً غرب منطقة “أبيي” في ولاية جنوب كردفان. يضم الحقل نحو 75 بئراً نفطية، أهمها “مربع 6″، وهو الأكبر من حيث الإنتاج. يُعد الحقل أحد الأعمدة الرئيسة لقطاع النفط السوداني، إذ يمد مصفاة الخرطوم بإمدادات الخام، ويدعم الاقتصاد الوطني عبر التصدير بواسطة خطوط أنابيب يبلغ طولها نحو 1600 كيلومتر، وصولاً إلى ميناء بشائر بمدينة بورتسودان.

في الختام، سيطرة قوات الدعم السريع على حقل هجليج النفطي تمثل تحدياً كبيراً للسودان وجنوب السودان. يتطلب حل هذه الأزمة جهوداً مشتركة من جميع الأطراف المعنية، بما في ذلك الحكومة السودانية، وحكومة جنوب السودان، والمجتمع الدولي. من الضروري إعطاء الأولوية لحماية المنشآت النفطية وضمان استمرار إنتاج النفط، من أجل تجنب المزيد من التدهور الاقتصادي والاجتماعي في البلدين. كما يجب العمل على تعزيز الحوار والتفاوض بين الأطراف المتنازعة في السودان، من أجل التوصل إلى حل سياسي شامل يضمن السلام والاستقرار في المنطقة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى