مسؤولان أميركيان يكشفان ملامح القوة الدولية في غزة: “لن تقاتل حماس”

في تطورات جديدة تتعلق بوضع قطاع غزة، كشف مسؤولان أمريكيان لوكالة رويترز عن احتمال نشر قوة دولية في غزة في وقت مبكر من يناير 2026. هذه القوة، التي أذنت بها الأمم المتحدة، ستكون بمثابة قوة لإرساء الاستقرار، لكن التحدي الأكبر يبقى كيفية تحقيق نزع سلاح حركة حماس، وهو ما يثير تساؤلات حول آليات التنفيذ وفعالية هذه القوة. هذا الإعلان يأتي في سياق المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترمب للسلام، والتي بدأت بتطبيق وقف إطلاق النار الهش وتبادل الأسرى بين حماس وإسرائيل.
خطة نشر القوة الدولية: التفاصيل والتحديات
أكد المسؤولان الأمريكيان، اللذان فضلا عدم الكشف عن هويتيهما، أن القوة الدولية لن تخوض مواجهات مباشرة مع حماس. وبدلاً من ذلك، ستركز على دعم الأمن والاستقرار في القطاع. هناك اهتمام كبير من دول مختلفة بالمساهمة في هذه القوة، حيث يعمل المسؤولون الأمريكيون حاليًا على تحديد حجمها وتشكيلها ومواقع تمركزها، بالإضافة إلى وضع قواعد الاشتباك. يجري النظر في تعيين جنرال أمريكي برتبة نجمتين لقيادة هذه القوة، لكن لم يتم اتخاذ قرار نهائي بهذا الشأن حتى الآن.
دور “مجلس السلام” في تنفيذ الخطة
يعتبر نشر هذه القوة جزءًا أساسيًا من المرحلة التالية من خطة ترمب للسلام. وقد فوض قرار مجلس الأمن الدولي الصادر في 17 نوفمبر الماضي “مجلس السلام” والدول المتعاونة معه بتشكيل هذه القوة الدولية. ومن المتوقع أن يعلن ترمب عن تشكيل “مجلس السلام” وعضويته، التي ستضم رؤساء دول، في أوائل العام المقبل. هذا المجلس سيكون مسؤولاً عن الإشراف على تنفيذ الخطة ووضع اللمسات الأخيرة عليها، بما في ذلك تحديد آليات نزع السلاح.
استعدادات دولية: إندونيسيا في المقدمة
أبدت العديد من الدول استعدادها للمشاركة في القوة الدولية، وعلى رأسها إندونيسيا. فقد أعلنت إندونيسيا عن استعدادها لنشر ما يصل إلى 20 ألف جندي للمساهمة في مهام الصحة والبناء في غزة. المتحدث باسم وزارة الدفاع الإندونيسية، ريكو سيرايت، أوضح أن الأمر لا يزال في مرحلة التخطيط والإعداد، وأنهم يعملون على إعداد الهيكل التنظيمي للقوات التي سيتم نشرها. هذا الاستعداد الإندونيسي يعكس التزامًا إقليميًا بدعم جهود السلام والاستقرار في غزة.
نزع سلاح حماس: العقبة الرئيسية
يبقى نزع سلاح حركة حماس التحدي الأكبر الذي يواجه هذه الخطة. ففي حين أجاز مجلس الأمن للقوة الدولية العمل إلى جانب الشرطة الفلسطينية المدربة لتحقيق الاستقرار الأمني من خلال نزع سلاح القطاع، إلا أن طريقة تنفيذ ذلك لا تزال غير واضحة. السفير الأمريكي لدى الأمم المتحدة، مايك والتز، صرح بأن مجلس الأمن فوض القوة الدولية بنزع سلاح غزة بكل الوسائل الضرورية، بما في ذلك استخدام القوة، لكنه أشار إلى أن هذا الأمر سيكون موضع نقاش مع كل دولة مشاركة.
ردود فعل فلسطينية وإسرائيلية
حماس لم تتلق أي دعوة رسمية أو مناقشات مباشرة حول مسألة نزع السلاح من قبل الوسطاء (الولايات المتحدة ومصر وقطر). في المقابل، أعربت الفصائل والقوى الفلسطينية في غزة عن رفضها لأي بند في مشروع القرار الأمريكي يتعلق بنزع سلاح غزة. من جهته، رحب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بفكرة إنشاء قوة متعددة الجنسيات للمساعدة في نزع السلاح، لكنه أشار إلى أن بعض المهام قد تتجاوز قدرات هذه القوة.
الوضع الحالي والسيطرة الإسرائيلية
حاليًا، تسيطر إسرائيل على 53% من قطاع غزة، بينما يعيش جميع سكان القطاع البالغ عددهم مليوني نسمة تقريبًا في المنطقة المتبقية. وتنص خطة ترمب على أن القوة الدولية ستنتشر في المنطقة التي تسيطر عليها إسرائيل، وبعد أن ترسخ سيطرتها وتوطد الاستقرار، ستنسحب القوات الإسرائيلية تدريجيًا “وفقًا لمعايير ومراحل وأطر زمنية مرتبطة بنزع السلاح”. هذا الترتيب يثير تساؤلات حول مدى فعالية القوة الدولية في تحقيق الاستقرار والأمن في ظل استمرار السيطرة الإسرائيلية على جزء كبير من القطاع.
مستقبل قوة الاستقرار الدولية في غزة
إن نشر قوة دولية في غزة يمثل خطوة مهمة في جهود السلام، لكن نجاحها يعتمد على عدة عوامل، بما في ذلك القدرة على نزع سلاح حماس، وتنسيق الجهود بين جميع الأطراف المعنية، وضمان التزام إسرائيل بالانسحاب التدريجي من القطاع. المرحلة القادمة ستشهد مزيدًا من التخطيط والتنسيق بين الولايات المتحدة والأمم المتحدة والدول المشاركة لتحديد التفاصيل النهائية للخطة وتنفيذها على أرض الواقع. يبقى السؤال الأهم هو: هل ستتمكن هذه القوة من تحقيق الاستقرار الدائم في غزة، أم أنها ستواجه تحديات جمة تعيق تحقيق هذا الهدف؟ من الضروري متابعة التطورات عن كثب وتحليلها بعناية لفهم الآثار المترتبة على هذه الخطة على مستقبل غزة والمنطقة بأكملها.












