ترمب يمهل كييف أياماً للرد على مقترح السلام.. وزيلينسكي: مستعد لانتخابات خلال 60 يوماً بشروط

في خضم الحرب الدائرة في أوكرانيا، تتصاعد الضغوط على الرئيس فولوديمير زيلينسكي لقبول مقترح سلام جديد، يطرح تنازلات إقليمية مقابل ضمانات أمنية غير واضحة المعالم. هذا المقترح، الذي قدمه مبعوثو الرئيس الأمريكي دونالد ترمب، يضع زيلينسكي أمام خيار صعب، ويثير تساؤلات حول مستقبل المفاوضات والوحدة الغربية. يواجه الرئيس الأوكراني مهلة زمنية قصيرة للرد، بينما يستعد لإجراء انتخابات في ظل ظروف قاسية.
الضغوط الأمريكية ومقترح السلام المتنازع عليه
كشفت صحيفة “فاينانشيال تايمز” البريطانية عن تفاصيل مكثفة حول الضغوط التي تمارسها إدارة ترمب على أوكرانيا. فقد منح مبعوثا ترمب، ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، زيلينسكي مهلة لا تتعدى أياماً للرد على مقترح السلام. جوهر هذا المقترح يكمن في مطالبة أوكرانيا بالتنازل عن أراضٍ لصالح روسيا، مقابل ضمانات أمنية لم يتم تحديدها بشكل واضح من قبل واشنطن حتى الآن.
هذا المقترح أثار قلق كييف، حيث يخشى زيلينسكي من أنه قد يؤدي إلى تفكك الوحدة الغربية، خاصة وأن الولايات المتحدة تقدمت بهذا المقترح دون التشاور الكافي مع الحلفاء الأوروبيين. وأكد زيلينسكي لنظرائه الأوروبيين أنه تعرض لضغوط كبيرة خلال المكالمة التي استمرت ساعتين مع ويتكوف وكوشنر.
مهلة زمنية لإتمام الصفقة قبل نهاية العام
وفقًا لمصادر مطلعة، يأمل الرئيس ترمب في إتمام اتفاق السلام قبل نهاية العام، وتحديدًا قبل أعياد الميلاد. هذا الإطار الزمني الضيق يزيد من الضغوط على زيلينسكي لاتخاذ قرار سريع، حتى لو كان ذلك يعني تقديم تنازلات قد لا يرضى عنها.
استعداد أوكرانيا للانتخابات بشروط
على الرغم من الضغوط المتزايدة، أعلن الرئيس زيلينسكي استعداده لإجراء انتخابات خلال 60 إلى 90 يومًا، بشرط توفير الأمن اللازم. وأكد أنه سيطلب من البرلمان إعداد التشريعات اللازمة لإجراء الانتخابات خلال فترة الأحكام العرفية.
لكن زيلينسكي شدد على أن إجراء الانتخابات يتطلب مساعدة من الشركاء الأمريكيين والأوروبيين في ضمان الأمن، وهو ما يمثل تحديًا كبيرًا في ظل استمرار القتال. هذا الإعلان يعكس رغبة أوكرانيا في إظهار التزامها بالديمقراطية، حتى في ظل الظروف الصعبة.
“كييف عالقة بين المطالب والضغوط”
وصف مسؤولون غربيون الوضع الذي يواجهه زيلينسكي بأنه معقد للغاية. فهو عالق بين المطالب الإقليمية التي لا يمكنه قبولها، والضغوط الأمريكية التي لا يمكنه تجاهلها. زيلينسكي نفسه صرح بأن “الأمريكيين يبحثون عن مساومة اليوم”، مما يعكس إدراكَه للتوجه الأمريكي نحو إيجاد حل سريع للصراع.
هذا الوضع دفع زيلينسكي إلى التشاور مع الحلفاء الأوروبيين قبل إبداء أي رد فعل على عرض واشنطن، في محاولة للحفاظ على الوحدة الغربية وتجنب أي انقسامات.
التطورات الميدانية وتصعيد روسي
في الوقت الذي تتزايد فيه الضغوط الدبلوماسية، تشهد الجبهات القتالية تصعيدًا روسيًا ملحوظًا. فقد كثفت القوات الروسية هجماتها بالصواريخ والطائرات المسيّرة على البنية التحتية للطاقة في أوكرانيا، وحققت تقدمًا ثابتًا، وإن كان مكلفًا، على الجبهة جنوب شرقي البلاد.
في منطقة دونيتسك، استولت القوات الروسية على معظم مركز التحصينات الاستراتيجي في بوكروفسك، مما يهدد البلدة التابعة لها ميرنوجراد بحصار محتمل. هذا التقدم الروسي يضع ضغوطًا إضافية على زيلينسكي لقبول مقترح السلام، حيث يخشى من فقدان المزيد من الأراضي.
موقف روسيا وتصريحات بوتين
من جانبه، أكد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين أن روسيا ستستكمل الحرب في أوكرانيا “حتى نهايتها المنطقية”، مجددًا قوله إن إقليم دونباس “أرض روسية”. هذه التصريحات تعكس عدم وجود أي نية لدى روسيا للتراجع عن أهدافها في أوكرانيا، وتزيد من صعوبة التوصل إلى حل سلمي.
البحث عن حلول وسط
على الرغم من التحديات الكبيرة، يواصل زيلينسكي جهوده للتوصل إلى اتفاق سلام. وأعلن أنه يعمل “بنشاط كبير” على مكوّنات اتفاق لإنهاء الحرب، وأنه مستعد لعرضها على الشركاء الأمريكيين. ويرى أن التعاون مع الجانب الأمريكي يمكن أن يؤدي إلى إيجاد خطوات فعالة وسريعة نحو إنهاء الصراع.
الخلاصة:
إن الوضع في أوكرانيا يظل معقدًا للغاية، حيث تتشابك الضغوط السياسية والعسكرية. يواجه الرئيس زيلينسكي خيارًا صعبًا بين التنازل عن الأراضي والحفاظ على الوحدة الغربية، بينما تواصل روسيا تصعيدها العسكري. مقترح السلام الذي قدمته الولايات المتحدة يمثل نقطة تحول حاسمة في الصراع، ويتطلب من جميع الأطراف المعنية إيجاد حلول وسط تضمن الأمن والاستقرار في المنطقة. مستقبل أوكرانيا، وربما مستقبل النظام الأمني الأوروبي، معلق على القرارات التي ستتخذ في الأيام القادمة.
اقرأ أيضاً:
بوتين: الحرب ستستمر حتى “نهايتها المنطقية”.. وزيلينسكي: سنرسل خطة سلام منقحة لواشنطن.












