“Open AI”: الذكاء الاصطناعي يوفر للموظفين ساعة يومياً

مع استمرار الجدل حول الأثر الاقتصادي الحقيقي لتقنيات الذكاء الاصطناعي، قدمت شركة “أوبن إيه آي” (OpenAI) نتائج مسح حديث تشير إلى فوائد ملموسة للعاملين. المسح يكشف أن استخدام منتجات الذكاء الاصطناعي الخاصة بالشركة، بما في ذلك “تشات جي بي تي” (ChatGPT)، يوفر للموظفين ما بين 40 و 60 دقيقة يومياً في مهامهم المهنية، مما يثير تساؤلات جديدة حول مدى سرعة وعمق تأثير هذه التقنيات على بيئة العمل الحديثة. هذا الكشف يأتي في وقت تزداد فيه الشكوك حول قدرة هذه التقنيات على تحقيق عائد استثماري حقيقي ورفع مستوى الإنتاجية بشكل عام.
توفير الوقت بفضل الذكاء الاصطناعي: نتائج المسح
أظهر المسح الذي أجرته “أوبن إيه آي” وشمل 9 آلاف موظف في 100 شركة مختلفة، أن تأثير الذكاء الاصطناعي يمتد عبر مجموعة واسعة من القطاعات والوظائف. الفئات الأكثر استفادة من توفير الوقت شملت العاملين في مجالات علوم البيانات، والهندسة، والاتصالات، بالإضافة إلى المحاسبين وغيرهم من المهنيين. النتائج تشير إلى أن هذه التقنيات لا تقتصر على مساعدة المتخصصين في مجال التكنولوجيا فحسب، بل تمتد لتشمل أدوارًا تقليدية أيضًا.
استفادة واسعة النطاق من مختلف القطاعات
أفاد ثلاثة أرباع الموظفين المشاركين في المسح بأن استخدام الذكاء الاصطناعي أدى إلى تحسين سرعة أدائهم أو جودة العمل الذي ينتجونه. هذا يشير إلى أن الذكاء الاصطناعي لا يقلل ببساطة من الوقت المستغرق لإنجاز المهام، بل يساعد أيضًا في تحسين المخرجات وتقديم عمل أكثر دقة وفعالية. وهذا بدوره يمكن أن يساهم في زيادة الرضا الوظيفي وتحسين الأداء العام للشركات.
الشكوك المستمرة حول الإنتاجية والذكاء الاصطناعي
على الرغم من هذه النتائج الإيجابية، لا يزال هناك جدل كبير حول مدى تأثير الذكاء الاصطناعي على الإنتاجية على المدى الطويل. فبعد ثلاث سنوات من “طفرة الذكاء الاصطناعي”، كما يصفها البعض، تظل الشكوك قائمة حول قدرته على تحقيق مكاسب حقيقية في الكفاءة والإنتاجية. وقد أظهرت دراسات سابقة نتائج متباينة، حيث وجدت بعضها عدم وجود عائد استثماري واضح من مبادرات الذكاء الاصطناعي التوليدي.
ففي أغسطس الماضي، كشف باحثون من “معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا” أن الغالبية العظمى من المؤسسات لم تحقق أي عائد ملموس من استثماراتها في هذا المجال. وفي الشهر التالي، خلص باحثون من جامعتي “هارفارد” و”ستانفورد” إلى أن بعض المحترفين يستخدمون الذكاء الاصطناعي لإنتاج “عمل رديء”؛ أي محتوى يبدو جيدًا للوهلة الأولى ولكنه يفتقر إلى العمق والجوهر الضروريين لإحداث فرق حقيقي.
جهود “أوبن إيه آي” لإثبات الأثر الاقتصادي للذكاء الاصطناعي
هذه النتائج السلبية دفعت شركات مثل “أوبن إيه آي” إلى زيادة جهودها في البحث والنشر لإظهار الأثر الاقتصادي الإيجابي لتقنيات الذكاء الاصطناعي. ويرى براد لايتكاب، الرئيس التنفيذي للعمليات في “أوبن إيه آي”، أن هناك فجوة بين الدراسات الأكاديمية وما تشهده الشركة على أرض الواقع من اعتماد متزايد للذكاء الاصطناعي من قبل الشركات. وأضاف أن وتيرة اعتماد الشركات للذكاء الاصطناعي تتسارع بشكل ملحوظ، بل وتفوق في بعض الأحيان سرعة اعتماد المستهلكين.
بالفعل، تشير بيانات “أوبن إيه آي” إلى أن أكثر من مليون شركة تدفع حاليًا مقابل استخدام منتجاتها الخاصة بالذكاء الاصطناعي في قطاع الأعمال، وهو ما يمثل أكثر من 7 ملايين “مقعد” مدفوع، أي موظفين يستخدمون الإصدارات المخصصة للعمل من “تشات جي بي تي”.
الاستخدام المتزايد للذكاء الاصطناعي ويفتح آفاقًا جديدة
أجري المسح على العاملين بعد فترة قصيرة نسبياً من بدء استخدامهم للأدوات الجديدة، ما بين 3 إلى 4 أسابيع. النتائج أظهرت أن المستخدمين الأكثر تفاعلاً، الذين يستفيدون من النماذج الأكثر تقدمًا ويقومون بدمج أدوات متعددة، هم الذين يحصلون على أكبر قدر من الفائدة. وهذا يؤكد أهمية التدريب والاستثمار في تطوير مهارات الموظفين للاستفادة الكاملة من إمكانات الذكاء الاصطناعي.
بالإضافة إلى ذلك، لاحظ التقرير أن بعض المهنيين يستخدمون الذكاء الاصطناعي لأداء مهام جديدة لم يكونوا قادرين عليها من قبل. على سبيل المثال، سجل العاملون في مجالات الهندسية وتكنولوجيا المعلومات والبحث زيادة بنسبة 36% في الرسائل المتعلقة بالبرمجة خلال الأشهر الستة الماضية، حتى بين أولئك الذين لا يشغلون مناصب تقنية تقليدية. وهذا يدل على أن الذكاء الاصطناعي يوسع نطاق قدرات الموظفين ويفتح أمامهم آفاقًا جديدة.
يقول روني تشاتيرجي، كبير خبراء الاقتصاد في “أوبن إيه آي”: “3 من كل 4 أشخاص أبدوا رأيهم بأنهم أصبحوا قادرين على القيام بأشياء لم يكونوا قادرين عليها سابقاً”. وهذه النتيجة البارزة غالبًا ما يتم تجاهلها في النقاشات الدائرة حول الذكاء الاصطناعي وتأثيره على مستقبل العمل.
في الختام، على الرغم من وجود بعض الشكوك حول الأثر الاقتصادي الكلي للذكاء الاصطناعي، إلا أن نتائج مسح “أوبن إيه آي” تشير إلى أن هذه التقنيات توفر بالفعل فوائد ملموسة للعاملين في مختلف القطاعات، من خلال توفير الوقت وتحسين جودة العمل وإتاحة فرص جديدة. ولتحقيق أقصى استفادة من هذه التقنيات، من الضروري الاستثمار في تدريب الموظفين وتطوير مهاراتهم، بالإضافة إلى مواصلة البحث والتقييم لضمان تحقيق عائد استثماري حقيقي ومستدام. ما رأيك، هل سيحدث الذكاء الاصطناعي ثورة حقيقية في عالم العمل؟ شاركنا أفكارك في قسم التعليقات أدناه!












