مشروع قانون الدفاع الأميركي | موازنة قياسية بـ 901 مليار دولار.. والصين أكبر التهديدات

مشروع قانون الدفاع الأمريكي لعام 2026، بميزانية قياسية، يثير جدلاً واسعاً ويحدد أولويات واشنطن
كشف الكونجرس الأمريكي، مساء الأحد، عن مشروع قانون الدفاع لعام 2026، والذي يمثل أكبر ميزانية دفاعية في تاريخ الولايات المتحدة، حيث تصل إلى 901 مليار دولار. هذا المشروع الضخم ليس مجرد تخصيص للأموال، بل هو بيان سياسي واقتصادي وعسكري يعكس رؤية واشنطن للتحديات المستقبلية، وعلى رأسها المنافسة المتزايدة مع الصين، ودعم حلفائها، وتعزيز الأمن القومي. من المتوقع أن يخضع مشروع قانون الدفاع للتصويت خلال الأسبوع الجاري، ويحمل في طياته تغييرات جذرية في استراتيجيات الولايات المتحدة.
ميزانية قياسية وتحديد الأولويات الاستراتيجية
تجاوزت ميزانية مشروع قانون الدفاع لعام 2026 طلب الرئيس السابق دونالد ترامب الذي كان يقدر بـ892.6 مليار دولار، لتصل الى 901 مليار دولار. هذا الارتفاع يعكس إدراك الكونجرس للحاجة الملحة لتعزيز القدرات العسكرية الأمريكية في ظل بيئة جيوسياسية متغيرة باستمرار. الميزانية تتضمن زيادة بنسبة 4% في رواتب الجنود الأمريكيين، إدراكاً لجهودهم وتضحياتهم، بالإضافة إلى استثمارات كبيرة في مجالات حيوية مثل الدفاع الصاروخي وتحديث القدرات النووية.
تركيز على المنافسة مع الصين
يحمل مشروع القانون رسالة واضحة حول اعتبار الصين التهديد الأكبر للولايات المتحدة. ويهدف إلى إعادة تشكيل المنافسة الاقتصادية والعسكرية بين البلدين من خلال عدة آليات. وتشمل هذه الآليات فرض قيود جديدة على الاستثمارات الصينية في القطاعات الاستراتيجية، وحظر مجموعة واسعة من التقنيات الصينية من سلاسل توريد البنتاغون، وتوسيع الجهود الدبلوماسية والاستخباراتية لمراقبة النفوذ العالمي لبكين. هذه الخطوات تعكس قلق واشنطن المتزايد بشأن التقدم التكنولوجي والاقتصادي للصين وتأثيره على الهيمنة الأمريكية.
حظر الشركات الصينية وتعزيز الأمن السيبراني
لا يقتصر مشروع قانون الدفاع على الجوانب العسكرية التقليدية، بل يتطرق إلى التهديدات الناشئة مثل الأمن السيبراني والتكنولوجيا الحيوية. ويتضمن المشروع حظراً على التعاملات مع شركات التكنولوجيا الحيوية الصينية، خاصة تلك المرتبطة بالجيش أو أجهزة الأمن الصينية، وذلك لحماية البيانات والمعلومات الحساسة. بالإضافة إلى ذلك، يفرض قيوداً على شراء وزارة الدفاع لمجموعة من المنتجات الصينية مثل البطاريات المتقدمة والشاشات الإلكترونية، ويدعو إلى التخلص التدريجي من الأجهزة التقنية المصنوعة في الصين.
مراقبة الأنشطة الصينية حول العالم
يُوجه مشروع القانون وزارة الخارجية إلى إرسال فريق متخصص من “ضباط الشؤون الصينية الإقليميين” إلى السفارات الأمريكية حول العالم. مهمة هذا الفريق هي رصد الأنشطة التجارية والتكنولوجية والبنية التحتية الصينية، بما في ذلك مبادرة “الحزام والطريق”، وتقييم تأثيرها على المصالح الأمريكية. كما يتطلب المشروع تقديم تقارير نصف سنوية تقارن الوجود الدبلوماسي العالمي للصين مع ذلك الخاص بالولايات المتحدة، بهدف تقييم مدى فعالية الدبلوماسية الأمريكية في مواجهة النفوذ الصيني المتزايد.
دعم إسرائيل وأوكرانيا في خضم التحديات الإقليمية
يخصص مشروع قانون الدفاع جزءاً كبيراً لدعم حلفاء الولايات المتحدة، وعلى رأسهم إسرائيل. ويتضمن المشروع بنوداً تمنع البنتاغون من المشاركة في المعارض الدفاعية الدولية التي تستبعد إسرائيل، وتُجيز التمويل الأمريكي لمنظومات الدفاع الصاروخي الإسرائيلية مثل “القبة الحديدية” و”مقلاع داود”. هذا الدعم يأتي في سياق التوترات الإقليمية المتصاعدة، وخاصة بعد هجمات إيران الأخيرة على إسرائيل.
بالإضافة إلى ذلك، يتضمن المشروع تقديم مساعدات عسكرية لأوكرانيا، من خلال إعادة تفويض 400 مليون دولار سنوياً كمساعدات أمنية حتى السنة المالية 2027. ويلزم إدارة ترامب بتقديم تقارير دورية حول مساهمات الحلفاء في دعم أوكرانيا، بهدف زيادة الضغط على الدول الأوروبية لتقديم المزيد من المساعدة.
إلغاء تفويضات الحرب في العراق
من بين أبرز بنود مشروع قانون الدفاع هو إلغاء تفويضين قديمين باستخدام القوة في العراق، وهما “تفويض حرب الخليج 1991″ و”تفويض غزو العراق 2002”. يعتبر هذا الإجراء بمثابة “انتصار صغير” للمشرعين الذين يدعون إلى تقييد السلطات الواسعة للرئيس في شن الحروب. ومع ذلك، يظل تفويض “استخدام القوة” لعام 2001 سارياً، وهو الأساس القانوني الرئيسي لـ”الحرب على الإرهاب”.
الذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية: نظرة مستقبلية
يتضمن مشروع قانون الدفاع أيضاً بنوداً تتعلق بالتقنيات الناشئة مثل الذكاء الاصطناعي والعملات الرقمية. وعلى الرغم من أن المشروع لا يتضمن حظراً على تنظيم الذكاء الاصطناعي على مستوى الولايات، إلا أنه ينشئ لجنة جديدة بعنوان “لجنة توجيه مستقبل الذكاء الاصطناعي” لدراسة التحديات والفرص التي يمثلها هذا المجال. كما يرفض المشروع تقييد إصدار عملة رقمية للاحتياطي الفيدرالي، مع إدراك المخاطر المحتملة المتعلقة بالخصوصية والحريات المدنية.
مستقبل مشروع القانون
من المتوقع أن يتم التصويت على مشروع قانون الدفاع في مجلس النواب خلال الأسبوع الجاري، وبعد ذلك يتجه إلى مجلس الشيوخ للتصويت. وإذا تمت الموافقة عليه من قبل كلا المجلسين، فسيتم إرساله إلى مكتب الرئيس ترامب للتوقيع عليه وتحويله إلى قانون. هذا القانون سيكون له تأثير كبير على السياسة الدفاعية الأمريكية في السنوات القادمة، وسيعكس أولويات واشنطن في عالم يتسم بالتنافس والتهديدات المتزايدة.
الكلمات المفتاحية الثانوية: البنتاغون، الأمن القومي، الصين، العلاقات الدولية.












