الكرملين يثني على فريق ترمب بمفاوضات أوكرانيا وسط شكوك أوروبية بنهج واشنطن

أعرب الكرملين عن تفاؤل حذر بشأن المحادثات الجارية لإنهاء الحرب في أوكرانيا، مؤكداً وجود تقدم في هذا الصدد وتعاون مُحتمل مع الفريق الأمريكي الحالي. يأتي هذا في ظل شكوك أوروبية متزايدة حيال نهج إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في التوصل إلى تسوية، وتحديداً المخاوف من تقديم تنازلات قد تمس السيادة الأوكرانية. هذه التطورات الأخيرة تلقي الضوء على تعقيدات المشهد الدبلوماسي الدائر حول الأزمة الأوكرانية، وجهود إيجاد حلول مستدامة للأزمة.
تطورات مفاوضات السلام: نظرة من الكرملين
صرح يوري أوشاكوف، مساعد الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، بأن المحادثات مع الولايات المتحدة حول أوكرانيا تشهد تقدماً ملحوظاً. وأكد استعداد موسكو لمواصلة العمل مع المبعوثين الأمريكيين الحاليين، وهما ستيف ويتكوف وجاريد كوشنر، اللذين التقيا ببوتين الثلاثاء في موسكو لمدة خمس ساعات. ومع ذلك، وجه أوشاكوف انتقادًا لاذعًا للموقف الأوروبي، واصفًا إياه بأنه يعتمد على “مطالب غير مقبولة” و”لا يساهم في التسوية”.
وأشار أوشاكوف إلى غياب دور بناء للدول الأوروبية في تسهيل التوافق بين واشنطن وموسكو فيما يخص أوكرانيا، بينما يلعب صهر ترامب، جاريد كوشنر، دوراً “نشطًا للغاية” في عملية التفاوض. كما أضاف أن ترتيب اتصال مباشر بين الرئيسين بوتين وترامب يمكن أن يتم “بسرعة” في حال توفرت الظروف المناسبة، مؤكداً أن مثل هذه الأمور “تنظم بسهولة كبيرة” كما جرى في اجتماع ألاسكا.
تشكيك أوروبي حيال الدور الأمريكي
في تطور موازٍ، أبدت عواصم أوروبية رئيسية شكوكاً عميقة حول المسار الذي تسلكه الولايات المتحدة نحو إنهاء الحرب الأوكرانية. ظهرت مخاوف من احتمال “خيانة” أوكرانيا من خلال التنازل عن أراضيها، و”تلاعب” بعملية التفاوض مع كل من كييف والعواصم الأوروبية.
وقد كشفت مجلة “دير شبيجل” الألمانية عن مقتطفات من مكالمة مسربة بين قادة أوروبيين والرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي، والتي تعكس هذه المخاوف بشكل واضح.
تحذيرات ماكرون وميرتس
حذر الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون زيلينسكي من احتمال “خيانة أمريكية” فيما يتعلق بالأراضي الأوكرانية، مشيرًا إلى غياب ضمانات أمنية واضحة. بدوره، أعرب المستشار الألماني فريدريش ميرتس عن قلقه من “تلاعب” الولايات المتحدة بالطرفين، في إشارة ضمنية إلى زيارة المبعوثين الأمريكيين إلى موسكو. وفي سياق مماثل، وصف ميرتس الوضع بأنه يحمل “خطراً كبيراً” على زيلينسكي في ظل التحديات الداخلية التي تواجهه.
مخاوف من التخلي عن أوكرانيا
أعرب الرئيس الفنلندي ألكسندر ستاب، وهو حليف مقرب للرئيس ترامب، عن مخاوفه من أن يتم التخلي عن أوكرانيا وزيلينسكي وحدهما في مواجهة روسيا. حتى الأمين العام لحلف الناتو، مارك روته، أكد على أهمية حماية زيلينسكي ودعم أوكرانيا في هذه المرحلة الحساسة. هذه التصريحات المتتالية تعكس حالة من القلق والترقب في العواصم الأوروبية، وتساؤلات حول الأهداف الحقيقية من وراء جهود السلام التي تقودها الولايات المتحدة.
موقف روسيا من خطة التسوية
أكد الرئيس بوتين، في مقابلة مع قناة “إنديا توداي”، أن بعض البنود الواردة في الخطة الأمريكية لإنهاء الحرب في أوكرانيا “غير مقبولة” بالنسبة للكرملين. وشدد على أن روسيا لن تحرم أوكرانيا من حقها في ضمان أمنها، لكن ذلك يجب ألا يتم على حساب أمن روسيا.
وأضاف بوتين أن الهدف الرئيسي لروسيا هو “إنهاء الحرب التي شنها الغرب ضدنا بأيدي أوكرانيا”، مؤكداً على أهمية المفاوضات كطريقة وحيدة لحل النزاع. كما شدد على أن روسيا ستظل “تدافع دائماً عن مصالحها وشعبها”، وأن الأمر لا يتعلق بالنصر بل بحماية الناس والمصالح. وأشار إلى أن روسيا لم تبدأ هذه الحرب، وأن الغرب تغاضى عن الانقلاب الذي شهدته أوكرانيا في عام 2014. هذه التصريحات تعكس موقفاً روسياً متشدداً، مع التأكيد على ضرورة مراعاة مصالحها الأمنية في أي تسوية مستقبلية.
مستقبل المفاوضات والبحث عن حلول
الوضع الحالي يعكس حالة من عدم اليقين والتعقيد في عملية التفاوض. بينما تُظهر موسكو انفتاحاً على الحوار مع واشنطن، إلا أنها تضع شروطاً واضحة فيما يتعلق بأمنها القومي. وفي الوقت نفسه، تعبر العواصم الأوروبية عن قلقها من النهج الأمريكي، وتخشى أن يتم التوصل إلى تسوية على حساب أوكرانيا.
من الواضح أن التوصل إلى حل دائم للأزمة الأوكرانية يتطلب جهوداً دبلوماسية مكثفة، وتنسيقاً وثيقاً بين جميع الأطراف المعنية. كما يتطلب بناء الثقة، وتقديم ضمانات أمنية متبادلة، وتجنب أي خطوات قد تؤدي إلى تصعيد الأزمة. يبقى السؤال المطروح: هل ستتمكن الأطراف المعنية من التغلب على الخلافات، وإيجاد حل يضمن السلام والاستقرار في المنطقة؟ المحادثات مستمرة، والموقف يتطور باستمرار، مما يجعل من الضروري متابعة التطورات عن كثب.
الكلمات المفتاحية: الأزمة الأوكرانية، مفاوضات السلام، روسيا، الولايات المتحدة، دونالد ترامب، فلاديمير بوتين، أوروبا، جاريد كوشنر.












