مقالات

افتتاح مهرجان البحر الأحمر.. ليلة في حب السينما بحضور نجوم عرب وعالميين

انطلق مهرجان البحر الأحمر السينمائي في دورته الخامسة بمدينة جدة السعودية مساء الخميس، ليضيء سماء المدينة بألوان الإبداع والسينما، وسط حضور لافت لنجوم وصناع الأفلام من مختلف أنحاء العالم. ويأتي هذا الحدث السينمائي البارز تحت شعار “في حب السينما”، وهو ما يعكس الروح التي تسود الدورة الحالية وبرنامجها المتنوع والغني. مهرجان البحر الأحمر السينمائي ليس مجرد عرض للأفلام، بل هو منصة لتعزيز صناعة السينما في المملكة العربية السعودية والمنطقة، وتقديم الدعم للجيل الجديد من المخرجين والمبدعين.

حفل افتتاح مبهر وتكريم لأسطورة السينما

شهد حفل الافتتاح تكريمًا لعدد من أبرز الشخصيات السينمائية العالمية، وكان في مقدمتهم أسطورة السينما البريطانية، مايكل كين. صعد كين إلى المسرح على كرسي متحرك، برفقة أحفاده الثلاثة، ليشارك الحضور رحلة صعوده الطويلة في عالم السينما، وفوزه بجائزتي أوسكار مرموقتين. وأعرب عن سعادته بزيارة المملكة العربية السعودية للمرة الأولى، مؤكدًا على أهمية هذا المهرجان في دعم السينما العالمية.

كما كرم المهرجان الممثلة الفرنسية الشهيرة، جولييت بينوش، والمخرج الجزائري العالمي، رشيد بوشارب، بالإضافة إلى المخرج ومصمم المشاهد الخطرة، ستانلي تونج، أحد أبرز صناع الأكشن في هونج كونج. هذا التكريم يعكس التزام مهرجان البحر الأحمر بتكريم رواد السينما من مختلف الثقافات والخلفيات.

جولييت بينوش: التمثيل رحلة داخلية عميقة

خلال حفل التكريم، ألقت جولييت بينوش كلمة مؤثرة، حيث قالت: “كل أدواري، كل أفعالي، كانت في الداخل.. لم أقدّم الكثير من أفلام الأكشن، بل كان معظم ما أعيشه يحدث داخلي، ذهاباً وإياباً… صراعاً داخلياً مستمراً”. وأضافت أن التمثيل بالنسبة لها كان مرحلة من مراحل تحقيق الذات، وأنها بدأت حاليًا في دراسة الإخراج.

وأكدت بينوش أن التمثيل ساعدها على فتح قلبها، والارتقاء بروحها، وذلك من خلال الوقوف أمام أشخاص ملهمين. وشددت على أن الإلهام المتبادل بين الممثلين يساعد على إلهام عدد أكبر من الناس. كما عبرت عن حلمها الذي تحقق بالعمل مع فنانين من جميع أنحاء العالم، والمشاركة في لجان تحكيم دولية، ومشاهدة أفلام متنوعة تفتح الآفاق.

رشيد بوشارب: جذور عميقة في جدة

من جانبه، استعاد المخرج الجزائري، رشيد بوشارب، ذكريات تعود إلى نصف قرن مضى، حينما زار والداه مدينة جدة في طريقهما إلى مكة المكرمة. وأكد على عمق ارتباطه بالمدينة وثقافتها. وقال بوشارب: “أقف هنا اليوم وأنا أحمل الكثير من الأسئلة والمشاعر.. لقد بدأت الإخراج في زمن كانت فيه المنصات أمام صناع السينما العرب محدودة للغاية، وكانت أصواتنا تعاني كثيرًا كي تجد فضاء مسموعًا”.

وأضاف: “اليوم، حتى وسط التحديات التي تواجه العالم العربي وشعوبه، يسعدني أننا نخلق منصاتنا الخاصة، ونروي قصصنا بأنفسنا، ونرحب بفنانين من أنحاء العالم كافة”. وأشار إلى جلوسه بجانب كريستين دانست وكوين لطيفة، معتبرًا اللحظة رمزًا للتنوع الذي تصنعه السينما وقدرتها على جمع الثقافات.

مهرجان البحر الأحمر السينمائي: دعم للسينما السعودية والجيل الجديد

أكد الأمير بدر بن عبدالله بن فرحان، وزير الثقافة السعودي، أن مهرجان البحر الأحمر السينمائي أصبح منصة تعكس التحول الكبير الذي يشهده القطاع الثقافي في المملكة. ويستمر المهرجان حتى 13 ديسمبر، ويشارك فيه 111 فيلمًا من حوالي 70 دولة، بما في ذلك 16 فيلمًا في المسابقة الرسمية للأفلام الطويلة. وتضم قائمة الأفلام المتنافسة ثلاثة أعمال عربية بارزة: فيلم “هجرة” للمخرجة السعودية شهد أمين، وفيلم “نجوم الأمل والألم” للمخرج اللبناني سيريل عريس، وفيلم “غرق” للمخرجة الأردنية زين دريعي.

بالإضافة إلى ذلك، يقدم المهرجان برنامج “السينما السعودية الجديدة”، الذي يعرض أعمال الجيل الصاعد من المخرجين السعوديين في قسمي الأفلام الطويلة والقصيرة. هذا البرنامج يهدف إلى دعم وتشجيع المواهب الشابة في مجال السينما السعودية.

وفي كلمته خلال الافتتاح، قال الرئيس التنفيذي لمؤسسة البحر الأحمر السينمائية، فيصل بالطيور، إن اختيار فيلم الافتتاح “العملاق” (Giant) للمخرج روان أثال، جاء لكونه نموذجًا للتقارب بين الشرق والغرب. وأضاف أن الفيلم مستوحى من قصة بطل الملاكمة العالمي نسيم حميد، ويجسد دوره الممثل المصري البريطاني أمير المصري.

وعلى هامش الفعاليات، انطلقت فعاليات “سوق البحر الأحمر”، الذي يشهد هذا العام مشاركة أكثر من 140 جهة عارضة من 32 دولة. يهدف السوق إلى أن يكون ملتقى للفنانين والمنتجين والموزعين، واستكشاف المشاريع الجديدة وحلقات التعاون الممكنة على مستوى الصناعة الدولية. صناعة السينما تشهد تطورات متسارعة، وسوق البحر الأحمر يمثل فرصة مهمة لتعزيز هذه التطورات.

الفعاليات السينمائية في المملكة العربية السعودية تشهد زخمًا كبيرًا، ومهرجان البحر الأحمر السينمائي يمثل جزءًا أساسيًا من هذا الزخم. من المتوقع أن يساهم المهرجان في تعزيز مكانة المملكة كوجهة سينمائية عالمية، وجذب الاستثمارات في هذا القطاع الحيوي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى