اخبار الاقتصاد

تراجع خطط التسريح بالشركات الأميركية في نوفمبر

شهد سوق العمل الأمريكي تطورات متضاربة في شهر نوفمبر، حيث انخفضت عمليات تسريح الموظفين المعلنة بعد قفزة كبيرة في أكتوبر، لكنها ظلت عند مستويات مرتفعة تاريخياً. هذه التقلبات تأتي في وقت يراقب فيه الاحتياطي الفيدرالي عن كثب مؤشرات التوظيف قبل اجتماعه القادم، والذي يتوقع أن يناقش مسار أسعار الفائدة. البيانات الصادرة عن شركة “تشالنجر، غراي آند كريسماس” تقدم صورة معقدة، وتثير تساؤلات حول قوة التعافي الاقتصادي وتوقعات الشركات المستقبلية.

انخفاض طفيف في تسريح الموظفين بعد أكتوبر القياسي

أعلنت الشركات الأمريكية عن تسريح الموظفين من 71321 وظيفة في شهر نوفمبر، وفقاً لتقرير صادر عن شركة إعادة التوظيف “تشالنجر، غراي آند كريسماس”. على الرغم من أن هذا الرقم يمثل انخفاضًا ملحوظًا بنسبة تقريبية 50% مقارنةً بشهر أكتوبر، الذي شهد أعلى عدد من إعلانات التسريح في أكثر من عقدين، إلا أنه لا يزال مرتفعًا مقارنةً بالسنوات السابقة. فقد تجاوزت تسريحات نوفمبر حاجز 70 ألف وظيفة للمرة الثالثة فقط منذ عام 2008، مما يشير إلى استمرار الضغوط على بعض القطاعات.

تفسير الانخفاض النسبي

أوضح آندي تشالنجر، مدير الإيرادات في الشركة، أن الانخفاض في خطط التسريح يعتبر “مؤشرًا إيجابيًا”. ومع ذلك، أكد أن الارتفاع بنسبة 24% مقارنةً بالعام الماضي يثير بعض القلق. يعكس هذا الارتفاع السنوي حالة عدم اليقين التي تعيشها الشركات، والتي قد تكون حذرة في اتخاذ قرارات التوظيف الجديدة.

تأثير بيانات سوق العمل على قرارات الفائدة

تأتي هذه البيانات في وقت بالغ الأهمية للاحتياطي الفيدرالي، حيث يستعد للاجتماع الأخير له هذا العام. يرجح معظم المحللين أن يقوم البنك المركزي بخفض أسعار الفائدة مرة أخرى، بهدف تحفيز النمو الاقتصادي. سوق العمل هو أحد أهم العوامل التي يأخذها الفيدرالي في الاعتبار عند اتخاذ قراراته المتعلقة بالسياسة النقدية.

ومع ذلك، هناك انقسام نادر داخل الفيدرالي حول المسار الأمثل لأسعار الفائدة. ففي حين يرى البعض ضرورة الاستمرار في خفض الفائدة لدعم الاقتصاد، يفضل آخرون الإبقاء عليها مرتفعة لكبح جماح التضخم. البيانات المتعلقة بتسريح الموظفين ونوايا التوظيف ستكون بالتأكيد جزءًا من المناقشات الدائرة داخل الفيدرالي.

نوايا التوظيف تبلغ أدنى مستوياتها منذ 2010

بالإضافة إلى ارتفاع معدلات تسريح الموظفين، تشير البيانات إلى تراجع كبير في نوايا التوظيف. فقد انخفضت بنسبة 35% خلال العام الحالي مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي. وبحسب التقرير، فإن خطط التوظيف منذ بداية العام وحتى الآن هي الأدنى منذ عام 2010، وتشمل هذا الانخفاض التوظيف الموسمي المعتاد في العطلات.

هذا التراجع يؤكد أن الشركات ليست فقط تتخلى عن الموظفين، بل إنها أيضاً تتردد في إضافة وظائف جديدة. وهذا يمكن أن يكون له تأثير سلبي على النمو الاقتصادي في المستقبل.

قطاعات الاتصالات والتكنولوجيا تقود عمليات التسريح

تصدر قطاع الاتصالات عمليات تسريح الموظفين في شهر نوفمبر، ويرجع ذلك بشكل رئيسي إلى قرارات شركة “فيرايزون للاتصالات”. كما شهدت قطاعات التكنولوجيا والأغذية والخدمات ارتفاعًا في إعلانات التسريح، حيث بررت العديد من الشركات هذه القرارات بإعادة الهيكلة والظروف الاقتصادية الصعبة. هذا يشير إلى أن بعض القطاعات تواجه تحديات خاصة تتطلب منها خفض التكاليف وتقليل حجم القوى العاملة.

بيانات إضافية تؤكد تباطؤ التوظيف

تأتي هذه النتائج متوافقة مع بيانات أخرى صدرت مؤخرًا. فقد أظهرت أبحاث “ADP” أن الشركات الأمريكية تخلت عن وظائف في نوفمبر بأعلى وتيرة منذ أكثر من عامين، وأن هذا التراجع يقوده بشكل خاص الشركات الصغيرة. الشركات الصغيرة تعتبر محركًا رئيسيًا للنمو الاقتصادي، لذا فإن تراجع توظيفها يثير قلقًا إضافيًا.

ومن المقرر أن تصدر شركة “ريفليو لابز” تقريرًا عن سوق العمل في وقت لاحق، مما سيوفر المزيد من الرؤى حول الوضع الحالي. يعتمد الاقتصاديون بشكل متزايد على بيانات القطاع الخاص، خاصةً بعد تأخير إصدار التقارير الرسمية بسبب الإغلاق الحكومي الفيدرالي.

تأجيل إصدار تقرير الوظائف الرسمي

من المقرر أن يصدر تقرير الوظائف لشهر نوفمبر من مكتب إحصاءات العمل في 16 ديسمبر، بعد أن كان من المقرر إصداره في 5 ديسمبر. ويأتي هذا التأجيل بسبب توقف عملية جمع البيانات خلال فترة الإغلاق الحكومي، الذي يعتبر الأطول على الإطلاق. بالإضافة إلى ذلك، سيتخطى المكتب إصدار تقرير كامل عن وظائف أكتوبر بسبب عدم إمكانية جمع بعض البيانات بأثر رجعي.

في الختام، على الرغم من الانخفاض النسبي في عمليات تسريح الموظفين في شهر نوفمبر مقارنة بأكتوبر، إلا أن الوضع العام في سوق العمل الأمريكي لا يزال يثير بعض القلق. فالارتفاع السنوي في التسريحات، والانخفاض الحاد في نوايا التوظيف، يشيران إلى أن الشركات حذرة بشأن مستقبل الاقتصاد. وستكون هذه البيانات مهمة جدًا للاحتياطي الفيدرالي، حيث يستعد لاتخاذ قراراته المتعلقة بالسياسة النقدية.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى