اخبار الاقتصاد

“هنغلي”: طلب الصين على النفط سيظل ضعيفاً ببداية 2026 إلا لو حدث ذلك

أثارت تصريحات جانيت كونغ، الرئيسة التنفيذية لشركة “هنغلي بتروكيميكال إنترناشونال”، مخاوف بشأن مستقبل الطلب على النفط في الصين، أكبر مستهلك ومستورد للنفط في العالم. فقد توقعت كونغ استمرار ضعف الطلب حتى منتصف العام المقبل على الأقل، ما لم تتدخل الحكومة الصينية بسياسات جديدة ومحفزة. هذه التصريحات جاءت على هامش قمة السلع الآسيوية المنعقدة في سنغافورة، وتثير تساؤلات حول مسار التعافي الاقتصادي في الصين وتأثيره على أسواق الطاقة العالمية.

ضعف الطلب على النفط في الصين: نظرة متفائلة بحذر

تعتبر الصين محركًا رئيسيًا للطلب العالمي على النفط، حيث يعتمد اقتصادها المتنامي بشكل كبير على الطاقة. ومع ذلك، يشهد الاقتصاد الصيني تباطؤًا ملحوظًا في النمو، مدفوعًا بعوامل متعددة تشمل الحروب التجارية، وتحديات قطاع العقارات، والتحول نحو مصادر الطاقة المتجددة. هذا التباطؤ يؤثر بشكل مباشر على الطلب على النفط، كما أشارت إليه جانيت كونغ.

وأضافت كونغ أن الوضع الحالي يفتقر إلى أي عوامل إيجابية واضحة، مبديةً شكوكها في إمكانية تحسن الطلب بشكل كبير في المدى القريب. وشددت على أن السياسات الحكومية تمثل “العامل المفاجئ” الذي قد يغير المعادلة، مشيرةً إلى أهمية “الجلسات الثنائية” السنوية كمحطة رئيسية للإعلان عن أي حزم تحفيز اقتصادي جديدة.

تأثير التحول نحو المركبات الكهربائية

لا يقتصر الأمر على التباطؤ الاقتصادي، بل إن التحول المتسارع في الصين نحو المركبات الكهربائية يقلل بشكل كبير من الطلب على النفط في قطاع النقل، وهو أحد أكبر القطاعات المستهلكة للنفط. تدعم الحكومة الصينية بقوة هذا التحول من خلال تقديم حوافز ضريبية وإعانات مالية، بالإضافة إلى استثمارات ضخمة في البنية التحتية لشحن السيارات الكهربائية.

تخمة في قطاع البتروكيماويات تزيد الطين بلة

قد يبدو قطاع البتروكيماويات، الذي يشهد نموًا دائمًا، بمثابة نقطة مضيئة في هذا المشهد القاتم. ومع ذلك، حتى هذا القطاع يعاني من فائض في الطاقة الإنتاجية في الصين. هذا الفائض يعني أن المصانع لديها طاقة إنتاجية أكبر من حجم الطلب الفعلي، مما يضغط على الأسعار ويقلل من الحاجة إلى النفط كمادة خام أساسية.

هذه الظاهرة تعزز من الصورة العامة لضعف الطلب على النفط في الصين، وتؤكد على أن التعافي في هذا السوق سيكون بطيئًا ومعقدًا. ويتطلب الأمر تدخلًا حكوميًا فعالًا لإنعاش الطلب وتعزيز النمو الاقتصادي بشكل عام، بالإضافة إلى إدارة فائض الطاقة الإنتاجية في القطاع البتروكيميائي.

هل يمكن للاحتياطيات الاستراتيجية أن تنقذ الموقف؟

أشارت كونغ إلى أن مشتريات الصين لتعزيز احتياطياتها الاستراتيجية من النفط الخام قد تساعد في رفع الواردات مؤقتًا. ومع ذلك، أكدت أن هذه المشتريات لا تعكس بالضرورة زيادة في الطلب الفعلي، بل هي خطوة تهدف إلى تعزيز الأمن الطاقي للبلاد.

وأضافت: “لا توجد حاجة عاجلة حالياً لشراء المزيد من النفط، لكن القدرة والإمكانات متوفرة للقيام بذلك”. وأوضحت أن أي زيادة في الاحتياطيات الاستراتيجية ستكون مدفوعة بالاعتبارات السياسية والاستراتيجية، أكثر من كونها استجابة للحاجة الفعلية في السوق.

زيادة حصص تصدير الوقود كحل محتمل

لم تستبعد كونغ إمكانية أن يؤدي قرار من السلطات الصينية بالسماح للمصافي بزيادة حصص تصدير الوقود إلى ارتفاع الطلب على النفط. هذا الإجراء قد يساهم في تقليل الفائض المحلي وزيادة الصادرات، وبالتالي دعم أسعار النفط.

ومع ذلك، تبقى هذه مجرد احتمالية، ولا تزال تعتمد على القرارات الحكومية والظروف الاقتصادية العالمية.

الخلاصة: سيناريوهات متعددة وتوقعات حذرة

بشكل عام، تشير تصريحات جانيت كونغ إلى توقعات حذرة بشأن مستقبل الطلب على النفط في الصين. فالخلفية الاقتصادية الضعيفة، والتحول نحو المركبات الكهربائية، وفائض الطاقة الإنتاجية في قطاع البتروكيماويات، كلها عوامل تساهم في إبقاء الطلب عند مستويات منخفضة على الأقل حتى منتصف العام المقبل.

يبقى النفط في الصين رهيناً بالقرارات الحكومية والتحولات الهيكلية في الاقتصاد. من المهم متابعة تطورات “الجلسات الثنائية” وتقييم تأثيرها المحتمل على أسواق الطاقة. ندعوكم لمتابعة مقالاتنا وتحليلاتنا المتجددة لفهم أعمق للتطورات في هذا السوق الحيوي. كما نرحب بآرائكم واستفساراتكم حول هذا الموضوع.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى