حكومة نتنياهو بين ضغوط واشنطن ومحاولات التنصل من التزامات اتفاق غزةحكو

مع اقتراب استكمال تسليم جثث الأسرى المحتجزين في قطاع غزة، تتصاعد المخاوف بشأن التزام إسرائيل باتفاق وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة. تشهد الجهود المبذولة للانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق تعثرًا، مع تلويح إسرائيل باستئناف العمليات العسكرية بدعوى انتهاكات من جانب حركة حماس. هذا التوتر يلقي بظلاله على مستقبل اتفاق غزة، ويضع الضغوط على الوساطاء الدوليين، وعلى رأسهم الولايات المتحدة، لضمان تنفيذه الكامل.
تصاعد التوتر الإسرائيلي ومحاولات التنصل من الالتزامات
بدلاً من التقدم نحو المرحلة التالية من الاتفاق، تشهد الساحة الفلسطينية حالة من عدم اليقين المتزايد. أثارت تصريحات منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق المحتلة حول فتح معبر رفح “لخروج السكان فقط” إلى مصر، مخاوف من محاولة للالتفاف على الاتفاق. هذا الإعلان، الذي تم التنسيق له مع القاهرة والحصول على موافقة أمنية إسرائيلية، أثار ردود فعل قوية.
ردود الفعل المصرية وتأكيد آلية المعبر
سارعت مصر إلى نفي هذه التصريحات، مؤكدةً أن أي فتح لمعبر رفح سيكون في الاتجاهين، للدخول والخروج من القطاع، وفقًا لخطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب. أكد مصدر مسؤول في الهيئة العامة للاستعلامات المصرية أن العبور سيكون متاحًا لكلا الاتجاهين، وهو ما يتعارض مع الرواية الإسرائيلية التي تركز على إخراج السكان فقط.
اتهامات متبادلة ومحاولات تحميل المسؤولية
تضاربت الآراء حول هذه التطورات، حيث يرى البعض أنها محاولة إسرائيلية للتهجير الطوعي للفلسطينيين من القطاع. وقد زادت حدة التوتر مع تصريحات إسرائيلية غير مباشرة، ألقت باللوم على مصر في عدم خروج سكان غزة، زاعمة أن إسرائيل تفتح المعابر بينما ترفض مصر استقبالهم. هذه الاتهامات تهدف إلى تصوير مصر على أنها عائق أمام تنفيذ الاتفاق، وتجنب تحمل إسرائيل مسؤولية التنفيذ الكامل لالتزاماتها.
الضغوط الأمريكية وزيارة نتنياهو المرتقبة
تأتي هذه المستجدات في ظل استعداد رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو لزيارة الولايات المتحدة في نهاية الشهر الجاري. وتشير التقارير إلى أن واشنطن تمارس ضغوطًا كبيرة على نتنياهو للمضي قدمًا في المرحلة الثانية من اتفاق غزة، والتي تشمل إعادة الإعمار.
تشكيل اللجنة الإدارية ومجلس السلام
وفقًا لصحيفة هآرتس، تخطط الولايات المتحدة لتشكيل اللجنة التي ستدير قطاع غزة، بالإضافة إلى مجلس السلام، في منتصف الشهر الجاري. ومن المتوقع أن يتولى الرئيس ترامب الإشراف على هذا المجلس، مما يعكس جدية الولايات المتحدة في استكمال مراحل الاتفاق.
اعتراف إسرائيلي بالضغط الأمريكي
تُظهر التقارير الإسرائيلية اعترافًا بالضغط الأمريكي الكبير على نتنياهو للتقدم في المرحلة الثانية وبدء إعادة إعمار القطاع. وكشفت هيئة البث الإسرائيلية أن الإعلان عن إعادة فتح المعبر جاء نتيجة لهذا الضغط، وفي إطار رغبة الإدارة الأمريكية في تنفيذ خطة ترامب.
خلافات حول الأولويات: الجثث مقابل الإعمار
على الرغم من الضغوط، لا تزال هناك خلافات جوهرية بين إسرائيل والولايات المتحدة حول الانتقال إلى المرحلة الثانية. تطالب الولايات المتحدة بالبدء في عملية الإعمار، بينما تصر إسرائيل على استعادة جميع الجثث أولاً. هذا الخلاف يعكس التحديات التي تواجه تنفيذ اتفاق غزة، ويؤكد على أهمية التوصل إلى حلول وسط ترضي جميع الأطراف.
تحرك المعارضة الإسرائيلية ودعم الاتفاق
في خطوة رمزية لزيادة الضغط على نتنياهو، طرح زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد خطة من 20 بندًا للتصويت في الكنيست، وتم تبنيها بإجماع الحضور، على الرغم من غياب أحزاب الائتلاف الحاكم. هذا التصويت يعكس دعمًا واسعًا للاتفاق، ليس فقط على المستوى الدولي، بل أيضًا داخل إسرائيل.
موقف حماس وتأكيد على الالتزام بالاتفاق
من جانبها، أكدت حركة حماس، بلسان الفصائل والقوى الفلسطينية، على ضرورة إلزام إسرائيل بتنفيذ ما هو مطلوب منها بموجب اتفاق وقف إطلاق النار. وطالبت الوسطاء والدول الضامنة بفتح معبر رفح في كلا الاتجاهين، ومنع إسرائيل من التلاعب أو التهرب من هذه الاستحقاقات. هذا الموقف يعكس حرص الجانب الفلسطيني على ضمان تنفيذ اتفاق غزة بشكل كامل وعادل.
مستقبل الاتفاق: جدية الإرادة الدولية هي الفيصل
في ظل هذه التطورات المتسارعة، يبقى مستقبل اتفاق غزة معلقًا. تعتبر جدية الإرادة الدولية، وعلى رأسها الولايات المتحدة، العامل الرئيسي في تحديد مسار الاتفاق، سواء من حيث الالتزام به وتطبيق باقي بنوده، أو من حيث انهياره والعودة إلى المربع الأول. يتطلب تنفيذ الاتفاق تعاونًا حقيقيًا من جميع الأطراف، والتزامًا بالشفافية والمسؤولية، لضمان تحقيق السلام والاستقرار في المنطقة.












