كيف زلزل تسونامي العملات المشفرة إمبراطورية ترمب في الكريبتو؟

شهدت أسهم شركة “أميركان بتكوين كورب” (American Bitcoin Corp) المتخصصة في تعدين العملات المشفرة انهيارًا مفاجئًا يوم الثلاثاء، مما أثار جدلاً واسعًا حول مستقبل الاستثمارات المرتبطة بعائلة ترمب في هذا المجال. فقد تراجعت أسهم الشركة بشكل حاد، حيث انخفضت بنسبة 33% في الساعة 9:31 صباحًا بتوقيت “وول ستريت”، أي بعد دقيقة واحدة فقط من بدء التداول. وتفاقمت الخسائر لتصل إلى 42% بعد خمس دقائق، وتجاوزت حاجز الـ 50% بحلول الساعة 9:56 صباحًا. هذا الهبوط السريع أدى إلى تحول “أميركان بتكوين” إلى رمز للانكماش الذي يشهده سوق العملات الرقمية، وتحديدًا المشاريع التي تروج لها عائلة ترمب.
انهيار أسهم “أميركان بتكوين كورب” وتداعياته
على الرغم من أن سوق العملات المشفرة بشكل عام شهد بعض التراجع خلال الشهرين الماضيين، مع انخفاض قيمة البيتكوين بنسبة 25% تقريبًا في الفترة نفسها، إلا أن المشاريع المرتبطة بعائلة ترمب كانت الأكثر تضررًا. هذا الانخفاض الحاد يثير تساؤلات حول المخاطر المرتبطة بالاستثمارات التي تعتمد على الدعم السياسي والشخصي، ومدى قدرة هذه المشاريع على الصمود في وجه التقلبات الطبيعية للسوق.
شركة “وورلد ليبرتي فاينانشال” (World Liberty Financial)، التي أسسها الرئيس دونالد ترمب وأبناؤه، لم تسلم أيضًا من هذا الانخفاض، حيث هوى رمزها (WLFI) بنسبة 51% من أعلى مستوى له في أوائل سبتمبر. وهذا الانخفاض يتجاوز بكثير ما شهده كل من البيتكوين ومؤشر العملات المشفرة الصغرى، مما يشير إلى وجود عوامل خاصة تؤثر على هذه المشاريع.
تأثير أوسع على إمبراطورية ترمب الاستثمارية في الكريبتو
لم تقتصر الخسائر على الشركتين المذكورتين، بل امتدت لتشمل أصولًا أخرى مرتبطة بعائلة ترمب. على سبيل المثال، انخفضت أسهم شركة “آلت 5 سيغما” (Alt5 Sigma)، التي روج لها أبناء ترمب، بنحو 75% بسبب تزايد عدد القضايا القانونية التي تواجهها. أما عملات “الميم” (meme coins) التي تحمل اسم الرئيس وزوجته ميلانيا، فقد انخفضت قيمتها بنحو 90% و99% على التوالي مقارنة بمستوياتها القياسية في يناير الماضي.
وتحمل أسهم أميركان بتكوين، حاليًا انخفاضًا إجماليًا بنسبة 75% بعد الهبوط الكبير الذي شهدته يوم الثلاثاء، على الرغم من تسجيلها ارتفاعًا بنسبة 11% في تداول ما قبل افتتاح السوق الأميركية يوم الأربعاء. هذه التقلبات المتطرفة تلقي بظلالها على الثروات التي جمعتها العائلة في وقت سابق من العام.
تراجع الثقة وتأثيره على الاستثمارات
هذه التطورات ألقت بظلالها على الثروات الضخمة التي جمعتها العائلة من خلال استثماراتها في العملات الرقمية. ومع ذلك، فإن أهمية هذه الأحداث تتجاوز مجرد الخسائر المالية، فهي تؤثر أيضًا على صورة الرئيس ترمب أمام الرأي العام، وعلى الثقة في صناعة الأصول الرقمية ككل. الدعم الذي قدمه دونالد ترمب للعملات المشفرة ساهم في رفع قيمتها خلال فترة ولايته الثانية، وجعل سعر البيتكوين مؤشرًا على نجاحه السياسي.
ولكن ما كان يُنظر إليه على أنه “ميزة ترمب” قد تحول فجأة إلى عبء، حيث أزال أحد الركائز الأساسية لدعم الأصول المشفرة، وكشف عن مدى سهولة انهيار الثقة في الأسواق عالية المخاطر، وحتى في شخصية الرئيس نفسه.
تحولات في المواقف الرسمية والتحقيقات
بينما بدأت الإدارة الحالية في اتخاذ موقف أكثر حذرًا تجاه تعدين العملات المشفرة، إلا أن هذا التغيير في السياسة، بالإضافة إلى عوامل أخرى، ساهم في زيادة الضغوط على الشركات المرتبطة بعائلة ترمب.
فقد بدأت “أميركان بتكوين” في مواجهة تحقيق بشأن آلات التعدين التي تستوردها من الصين، والتي يُزعم أنها تشكل تهديدًا للأمن القومي الأميركي. كما أن شركة “ألت 5 سيغما” تواجه تحقيقات جنائية في رواندا، مما أدى إلى استقالة عدد من المسؤولين التنفيذيين.
ردود الفعل وتأملات مستقبلية
في حين خفف الرئيس ترمب من ترويجه العلني للعملات المشفرة، لجأ ابنه إريك ترمب إلى وسائل التواصل الاجتماعي لإلقاء اللوم على انتهاء فترة حظر البيع على أسهم الشركة، بدلاً من الاعتراف بأي ضعف أوسع نطاقًا في السوق. وكتب إريك ترمب على منصة “إكس”: “أساسياتنا لا تضاهى تقريبًا… أنا ملتزم بنسبة 100% بريادة هذا القطاع”.
تتفق الآراء على أن التقلبات الدرامية في الأصول المرتبطة بعائلة ترمب ليست ظاهرة جديدة على قطاع العملات المشفرة، الذي عُرف بتقلباته الشديدة. ومع ذلك، فإن حجم الخسائر وسرعة انهيار الأسهم يثيران قلق المستثمرين.
في النهاية، أظهرت هذه الأحداث مدى المخاطرة التي تنطوي عليها الاستثمارات في مجال العملات المشفرة، ومدى تأثير العوامل السياسية والتنظيمية على هذه الأسواق. قد يكون هذا بمثابة درس للمستثمرين الذين يعتمدون على الدعم السياسي أو الشخصي لاتخاذ قراراتهم الاستثمارية، ويؤكد أهمية إجراء البحوث والتحليلات الدقيقة قبل الاستثمار في أي أصل مالي.












