محكمة أميركية تستبعد حليفة ترمب “حبة” من منصب المدعي العام في نيوجيرزي

قضت محكمة استئناف اتحادية أمريكية، الاثنين، بأن تعيين ألينا حبة، المحامية الشخصية السابقة للرئيس دونالد ترمب، كمدعية عامة للولايات المتحدة في ولاية نيوجيرزي كان غير قانوني. هذا الحكم يمثل انتكاسة جديدة لإدارة ترمب في محاولاتها لتثبيت حلفائها في مناصب رئيسية داخل وزارة العدل، ويضع علامة استفهام كبيرة حول شرعية العديد من القضايا الجنائية الفيدرالية المعلقة في الولاية. هذا القرار يتعلق بشكل مباشر بموضوع تعيين ألينا حبة، وهو ما سنقوم بتحليله بتفصيل في هذا المقال.
تفاصيل الحكم وأسبابه
هيئة قضائية مكونة من ثلاثة قضاة في الدائرة الثالثة لمحكمة الاستئناف الأمريكية في فيلادلفيا، اتخذت هذا القرار بالإجماع. وقد أكدت المحكمة بذلك حكماً سابقاً أصدره قاضي المحكمة الجزئية ماثيو بران في أغسطس الماضي، والذي خلص إلى أن إدارة ترمب خالفت قانون التعيينات الاتحادي عند إسناد منصب المدعي العام في نيوجيرزي إلى حبة.
الخلاف الرئيسي يكمن في كيفية ملء هذا المنصب. ففي أعقاب استقالة المدعي العام السابق، سعت الإدارة إلى تعيين حبة بشكل مؤقت ثم ترقيتها إلى منصب دائم دون الحصول على موافقة مجلس الشيوخ، وهو ما يعتبره القانون الأمريكي مخالفاً للإجراءات المتبعة. القاضي دي مايكل فيشر، وفي تعليقه على الحكم، أشار إلى الصعوبات التي تواجهها الإدارة في تعيين المرشحين الذين اختارتهم، وهو ما يعكس حالة من العرقلة القانونية والسياسية.
تأثير الحكم على القضايا الجنائية في نيوجيرزي
يُتوقع أن يكون لهذا الحكم تداعيات كبيرة على مئات القضايا الجنائية الفيدرالية المعلقة حالياً في نيوجيرزي. وبشكل مباشر، سيُطلب من وزارة العدل تعيين مدع عام جديد للإشراف على هذه القضايا، مما قد يؤدي إلى تأخيرات أو حتى إعادة نظر في بعضها.
احتمالات الاستئناف والإجراءات المستقبلية
من جانبها، تحتفظ الإدارة الأمريكية بحق استئناف هذا الحكم أمام المحكمة العليا الأمريكية. إذا قررت الإدارة المضي قدماً في الاستئناف، فإن مصير العديد من القضايا الجنائية في نيوجيرزي سيبقى معلقاً حتى يصدر حكم نهائي من المحكمة العليا. في الوقت الحالي، يجب على وزارة العدل البدء في عملية البحث عن مرشح مؤهل وملتزم بالإجراءات القانونية الصحيحة لشغل منصب المدعي العام. هذا الإجراء ضروري لاستعادة الثقة في سير العدالة.
سياق أوسع: الخلافات حول تعيينات ترمب في وزارة العدل
هذا الحكم ليس منفصلاً عن سياق أوسع من الخلافات والطعون التي واجهت تعيينات إدارة ترمب في وزارة العدل. فقد أثار الرئيس ترمب، مراراً وتكراراً، انتقادات بسبب سعيه لتسييس وزارة العدل واستخدامها لتحقيق أهداف سياسية وشخصية. محاولات الإدارة لتنصيب شخصيات موالية لها في المناصب الرئيسية، دون الالتزام بالإجراءات القانونية المعتادة، أثارت قلق المراقبين القانونيين والحقوقيين.
ويظهر هذا الأمر بشكل جلي من خلال القضايا المماثلة. فقد رفض قضاة فيدراليون تعيينات أخرى لأعضاء وزارة العدل، معتبرين أنها غير قانونية. على سبيل المثال، تم رفض تعيين المدعية العامة لنيويورك، ليتيتيا جيمس، كما تخلفت محاولات الإدارة في دعاوى جنائية ضد مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي السابق جيمس كومي. هذه الأحكام، على الرغم من أنها قد تكون عرضة للاستئناف، تشير إلى أن القضاء الأمريكي لا يزال حكماً قوياً على احترام سيادة القانون.
ردود الفعل على الحكم
أثار الحكم ردود فعل متباينة. فقد أعرب محامو المتهمين عن ارتياحهم للقرار، مؤكدين أنه يدعم مبدأ سيادة القانون. وقد صرحوا بأنهم سيواصلون تحدي أي تعيينات غير قانونية أخرى تم إجراؤها من قبل إدارة ترمب.
في المقابل، لم يصدر رد رسمي فوري من البيت الأبيض، الذي أحال الأسئلة إلى وزارة العدل. وقد أكدت ألينا حبة، في بيان نشر على منصة “إكس” (تويتر سابقاً)، أنها كانت تدافع عن زملائها المدعين الفيدراليين الذين حُرموا من حقهم في عقد جلسات استماع في مجلس الشيوخ.
ما الذي يعنيه هذا لمستقبل وزارة العدل؟
إن قضية تعيين ألينا حبة هذه، والقرارات المماثلة التي سبقتها، تثير تساؤلات مهمة حول استقلالية وزارة العدل ودورها في نظام الحكم. فمن الضروري أن تظل وزارة العدل مؤسسة مستقلة وغير حزبية، قادرة على تطبيق القانون بشكل عادل ونزيه دون تدخل سياسي.
يجب على الإدارات المستقبلية أن تلتزم بالإجراءات القانونية الواضحة عند تعيين أعضاء وزارة العدل، وأن تحترم دور مجلس الشيوخ في عملية الموافقة. إن تجنب هذه الإجراءات، كما حدث في حالة حبة، يمكن أن يقوض الثقة في سلامة النظام القضائي ويضر بسيادة القانون. هناك حاجة مستمرة لضمان الشفافية والتأكيد على أخلاقيات العمل في المؤسسات التي تسهر على تطبيق العدالة.
في الختام، يمثل الحكم الصادر بشأن تعيين ألينا حبة انتصاراً لسيادة القانون والتزام القضاء الأمريكي بالإجراءات الدستورية. ويبقى السؤال المطروح: هل ستستأنف الإدارة هذا الحكم؟ وهل ستلتزم في المستقبل بالإجراءات القانونية الصحيحة عند تعيين أعضاء وزارة العدل؟ الإجابة على هذه الأسئلة ستحدد إلى حد كبير مستقبل وزارة العدل ودورها في حماية الحقوق والحريات.












