مقالات

برومو فيلم “الست” يشعل مواقع التواصل.. ونقاد: التقييم بعد المشاهدة

أثار البرومو الدعائي لفيلم “الست”، الذي يروي قصة حياة كوكب الشرق أم كلثوم، عاصفة من الجدل والانتقادات على منصات التواصل الاجتماعي. لم تخلُ التعليقات من إبداء الإعجاب ببعض جوانب العمل، إلا أن التركيز الأكبر كان على الشكل الخارجي للشخصية التي قدمتها الفنانة منى زكي، مما استدعى مقارنات واسعة النطاق وأعاد إلى الأذهان تجارب سابقة في تقديم سيرة ذاتية لشخصيات فنية مرموقة، مثل مسلسل “السندريلا” الذي تناول حياة الفنانة سعاد حسني. هذا الجدل يسلط الضوء على التحديات الكبيرة التي تواجه صناع الأفلام والمسلسلات عند محاولة تجسيد شخصيات تاريخية وثقافية بحجم أم كلثوم، وكيف يمكن لردود فعل الجمهور أن تشكل مسار النقاش حول العمل قبل عرضه.

الفيلم “الست”: فريق عمل ضخم وطموحات كبيرة

الفيلم من تأليف أحمد مراد، المعروف بأسلوبه التشويقي والقصص المعقدة، ويضم في بطولته نخبة من ألمع نجوم السينما المصرية، بمن فيهم منى زكي في دور أم كلثوم، ومحمد فراج، ونيللي كريم، وأحمد خالد صالح. ويشارك في الفيلم كضيوف شرف كل من كريم عبد العزيز، وأحمد حلمي، وعمرو سعد، وسيد رجب، مما يعزز من توقعات الجمهور بنجاح العمل. الفيلم من إخراج مروان حامد، الذي أثبت موهبته في تقديم أعمال سينمائية متميزة.

الجدل حول مظهر منى زكي بدور أم كلثوم

تسببت رؤية المخرج مروان حامد لشكل أم كلثوم كما ظهر في البرومو في موجة من الانتقادات. يرى الكثيرون أن المظهر العام للممثلة منى زكي لا يتماشى مع الصورة الذهنية الراسخة لأم كلثوم في أذهانهم، سواء من حيث الملامح أو الملابس أو طريقة التعبير. هذا الجدل يعيد إلى الواجهة النقاش حول حدود التقليد والابتكار في تجسيد الشخصيات التاريخية، وهل من الضروري الالتزام التام بالمظهر الخارجي أم يمكن لصناع العمل تقديم رؤية فنية مختلفة؟

“السندريلا” والتجارب السابقة في السير الذاتية

لم يكن هذا الجدل جديداً على الجمهور العربي، فقد شهد مسلسل “السندريرا” الذي تناول حياة سعاد حسني انتقادات مماثلة، خاصة فيما يتعلق بمظهر الممثلة التي جسدت دورها. هذه التجارب السابقة تظهر أن تقديم سيرة ذاتية لشخصية فنية محبوبة ومؤثرة أمر بالغ الصعوبة، ويواجه تحديات كبيرة تتعلق بتوقعات الجمهور، وصعوبة الوصول إلى مستوى الإقناع المطلوب. كما أن هذه المسلسلات والأفلام غالباً ما تثير جدلاً حول الحقائق التاريخية، ومدى التزام صناع العمل بالدقة والموضوعية.

آراء الفنانين والنقاد في مواجهة الانتقادات

تباينت آراء الفنانين والنقاد حول الجدل الدائر. الفنانة صابرين، التي قدمت دور أم كلثوم في مسلسل ناجح، أعربت عن تقديرها لمنى زكي وأكدت أنها ممثلة موهوبة، مشيرة إلى أن الفيلم سيقدم معالجة مختلفة تماماً عن الأعمال السابقة. وأوضحت صابرين أن طبيعة الفيلم السينمائي تختلف عن طبيعة المسلسل التلفزيوني الطويل، وأن صناع “الست” لديهم رؤية جديدة يرغبون في تقديمها للجمهور. بالإضافة إلى ذلك، أبدت الناقدة ماجدة موريس غضبها من “الهجوم غير المبرر” على الفيلم، مؤكدة أن الحكم على العمل يجب أن يكون بعد مشاهدته كاملاً، وليس بناء على برومو قصير.

“استفزاز الجمهور” و”برومو باهت”.. نظرة أعمق

من جهته، أشار أستاذ السينما وليد سيف إلى أن البرومو استفز الجمهور بسبب “الصورة الشكلية” لأم كلثوم التي جاءت بعيدة عن صورتهم الذهنية. بينما وصف الناقد أحمد السماحي البرومو بأنه “باهت” وغير موفق، معتبراً أن التركيز المفرط على الشكل دون إبراز الجوهر الموسيقي للفيلم قد ساهم في زيادة حدة الانتقادات. وأضاف السماحي أن الجمهور كان متوحداً بشكل غير مسبوق في الهجوم على البرومو، وهو ما يعكس الأهمية الكبيرة التي توليها الجماهير لصورة أم كلثوم في أذهانهم.

الفيلم “الست” وتحدي تقديم أيقونة عربية

يأتي فيلم “الست” بعد 25 عاماً من عرض مسلسل “أم كلثوم” الشهير، وبالتزامن مع الذكرى الخمسين لرحيلها، مما يزيد من الضغوط والتوقعات. تقديم قصة حياة أم كلثوم يمثل تحدياً كبيراً لصناع الفيلم، فهي ليست مجرد فنانة عظيمة، بل هي أيقونة عربية تمثل جزءاً هاماً من الذاكرة الجماعية للوطن العربي. ومن المقرر عرض الفيلم في دور السينما العربية يوم 10 ديسمبر الجاري، ويبقى السؤال مطروحاً: هل سيتمكن الفيلم من تجاوز الانتقادات الأولية، وتقديم صورة مقنعة ومؤثرة لكوكب الشرق؟

في الختام، يمثل فيلم “الست” حالة استثنائية من الجدل والانتقادات حول تقديم السير الذاتية للشخصيات التاريخية. وبينما تدافع بعض الأصوات عن حق صناع العمل في تقديم رؤية فنية جديدة، يظل الجمهور حريصاً على الحفاظ على الصورة الذهنية لأم كلثوم. سيحتاج الفيلم إلى الكثير من الجودة والإبداع ليثبت نفسه ويحظى بقبول واسع من الجمهور العربي، ويبقى الوقت كافياً للكشف عن الوجه الحقيقي لهذا العمل الطموح.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى