اخبار الاقتصاد

لماذا تستخدم هونغ كونغ الخيزران في البناء؟

في أعقاب حريق مروع شهدته مدينة هونغ كونغ مؤخرًا – وهو الأسوأ في المدينة منذ أكثر من 60 عامًا – تتجه السلطات نحو تغيير جذري في ممارسات البناء التقليدية. يتعلق الأمر بالتخلص التدريجي من استخدام سقالات الخيزران، وهي ميزة مميزة في أفق هونغ كونغ لعقود. تتعمق التحقيقات في سبب حريق “وانغ فوك كورت” وتدرس دور المواد المستخدمة في التجديدات، بما في ذلك سقالات الخيزران المغطاة بشباك بلاستيكية، في تسهيل انتشار النيران.

لماذا كانت سقالات الخيزران شائعة في هونغ كونغ؟

لطالما كانت هونغ كونغ من بين عدد قليل جدًا من الأماكن حول العالم التي لا تزال تعتمد بشكل كبير على سقالات الخيزران في مشاريع البناء والصيانة. تعود جذور هذه الممارسة إلى الصين القارية، حيث كانت تستخدم لآلاف السنين. في الستينيات، ومع الطفرة الاقتصادية التي شهدتها هونغ كونغ، ازدهرت حرفة بناء سقالات الخيزران لتلبية الطلب المتزايد على البناء السريع.

بينما تبنت البر الرئيسي الصيني السقالات المعدنية كطريقة أكثر حداثة، استمرت هونغ كونغ في الاعتماد على مهارات آلاف العمال المتخصصين في ربط وتشبيك عيدان الخيزران. تعتبر هذه السقالات خيارًا جذابًا بسبب وزنها الخفيف، وتكلفتها المنخفضة، وتوافرها الوفير. بالإضافة إلى ذلك، تتميز سقالات الخيزران بمرونة كبيرة، مما يسهل تعديلها وتركيبها في المساحات الضيقة وغير المنتظمة التي تتميز بها المباني المتراصة في هونغ كونغ.

مخاطر سقالات الخيزران: السلامة على المحك

على الرغم من تاريخها الطويل واستخداماتها العملية، إلا أن سقالات الخيزران ليست خالية من المخاطر. فقد شهدت هونغ كونغ العديد من الحوادث المتعلقة بسقالات الخيزران على مر السنين. من بين هذه الحوادث، انهيار كبير في مشروع كاي تاك الفاخر العام الماضي، والذي أسفر عن وفاة عاملين وتوجيه اتهامات بالقتل غير العمد.

الخيزران الجاف قابل للاشتعال، ويمكن أن يساهم في انتشار الحريق بسرعة. في أكتوبر، اندلع حريق في برج تشيناكيم، وهو مبنى مغطى بسقالات الخيزران، مما أدى إلى نقل أربعة أشخاص إلى المستشفى. يشير خبراء السلامة، مثل فينسنت هو من معهد هونغ كونغ لسلامة المباني، إلى أن الخيزران يصبح أكثر قابلية للاشتعال مع مرور الوقت وتدهور جودته، مما يتطلب فحصًا وصيانة دقيقة.

ومع ذلك، يرى آخرون أن المشكلة لا تكمن في مادة الخيزران نفسها، بل في عدم الالتزام ببروتوكولات السلامة. أشار لي كونغ سينغ، رئيس معهد هونغ كونغ لممارسي السلامة، إلى أن المواد المستخدمة في تغطية السقالات، مثل الألواح البلاستيكية، قد تكون غير مقاومة للهب، مما أدى إلى سرعة انتشار النيران في حريق “وانغ فوك كورت”. وتحقيقات الحريق لا تزال مستمرة.

تغييرات جديدة في لوائح السلامة وتأثيرها المحتمل

قبل حادثة حريق “وانغ فوك كورت”، كانت حكومة هونغ كونغ قد أعلنت بالفعل في مارس عن خطط لزيادة استخدام السقالات المعدنية في مشاريع البناء العامة. تنص اللوائح الجديدة على أن 50٪ على الأقل من أعمال البناء العامة الجديدة يجب أن تستخدم سقالات معدنية، وذلك بسبب “نقاط الضعف الجوهرية” في سقالات الخيزران، بما في ذلك التباين في الخصائص الميكانيكية، والتدهور بمرور الوقت، وقابلية الاحتراق العالية.

هذا التحول أيضًا يهدف إلى مواءمة ممارسات البناء في هونغ كونغ مع تلك المتبعة في البر الرئيسي الصيني والاقتصادات المتقدمة الأخرى. ومع ذلك، أثار هذا القرار معارضة من بعض الجهات الفاعلة في الصناعة، التي أكدت أن الحوادث ترتبط بشكل أكبر بعدم الالتزام ببروتوكولات السلامة، وليس بالعيوب الهيكلية في سقالات الخيزران نفسها.

إضافة إلى ذلك، هناك مخاوف بشأن تأثير هذا الانتقال على التراث الثقافي لهونغ كونغ وعلى العمالة المحلية. قد يؤدي استبدال سقالات الخيزران بسقالات معدنية إلى تفضيل العمالة غير المحلية على الحرفيين المحليين المتخصصين في بناء سقالات الخيزران التقليدية.

استجابة حكومية سريعة بعد الحريق

في أعقاب حريق “وانغ فوك كورت” المدمر، أعلن الرئيس التنفيذي لهونغ كونغ، جون لي، في 27 نوفمبر أن الحكومة ستسعى بنشاط إلى استبدال سقالات الخيزران بالكامل في جميع مشاريع البناء وتسهيل انتقال العمال إلى استخدام السقالات المعدنية.

ومع ذلك، يشدد خبراء السلامة على أن استبدال سقالات الخيزران بالسقالات المعدنية لن يلغي جميع المخاطر. يشير فينسنت هو إلى أن مواد البناء الأخرى، مثل الشباك والمنصات الخشبية والألواح الواقية، تحتاج أيضًا إلى حماية مناسبة من الحرائق لضمان سلامة المباني.

الخلاصة

يمثل حريق “وانغ فوك كورت” نقطة تحول في طريقة تعامل هونغ كونغ مع سلامة البناء. القرار بالتخلص التدريجي من سقالات الخيزران يعكس رغبة متزايدة في تبني معايير سلامة أكثر صرامة واتباع ممارسات البناء الحديثة. وبينما يثير هذا التحول تساؤلات حول التراث الثقافي والعمالة المحلية، فإن الهدف النهائي هو حماية حياة السكان وضمان بيئة بناء أكثر أمانًا في هونغ كونغ. نتوقع رؤية تغييرات كبيرة في أفق المدينة في السنوات القادمة مع استبدال سقالات الخيزران التقليدية بهياكل معدنية أكثر حداثة.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى