معرض الكويت الدولي الـ 48 للكتاب يسلط الضوء على الإعلام الكويتي ودوره الثقافي

في خضم فعاليات معرض الكويت الدولي الـ 48 للكتاب، سلطت الأضواء على تاريخ عريق وحاضر مزدهر ومستقبل واعد للإعلام الكويتي، وذلك خلال جلسة حوارية حظيت باهتمام كبير في “رواق الثقافة”. الجلسة، التي جمعت نخبة من الإعلاميين الكويتيين، لم تكن مجرد استعراض لتاريخ الصحافة والإذاعة والتلفزيون، بل كانت بمثابة وقفة تأمل في دور الإعلام كركيزة أساسية في بناء الهوية الثقافية الكويتية ومواكبة التطورات العالمية. هذه المقالة تستعرض أبرز ما جاء في هذه الجلسة، مع التركيز على الإعلام الكويتي وتحدياته وفرصه.
تاريخ الإعلام الكويتي: من المجلات الأولى إلى التلفزيون الرسمي
تاريخ الإعلام الكويتي يعود إلى بدايات القرن العشرين، حيث كانت مجلة “الكويت” أول منارة إعلامية في البلاد عام 1928، وإن كانت تطبع خارج الكويت. تبعتها مجلة “كاظمة” عام 1948، والتي شهدت طباعتها داخل الكويت، مما شكل نقطة تحول هامة في مسيرة الإعلام المحلي.
دور المطبوعات في تشكيل الوعي الثقافي
الدكتور أحمد الحيدر، رئيس قسم الإعلام في الجامعة الدولية للعلوم والتكنولوجيا، أكد على الدور الثقافي المحوري للوسائل الإعلامية المطبوعة، وعلى رأسها مجلة “العربي” التي صدرت عام 1958. هذه المجلة، التي عُرفت بـ “هدية الكويت إلى العرب”، لم تكن مجرد منشور ثقافي، بل كانت منصة لتبادل الأفكار والمعارف، وساهمت بشكل كبير في تشكيل الوعي الثقافي العربي. كميات طباعتها الكبيرة وشعبيتها الواسعة خير دليل على تأثيرها العميق.
نشأة الإذاعة والتلفزيون في الكويت
بالانتقال إلى الإذاعة والتلفزيون، يتبين أن الكويت سبقت العديد من دول الخليج والمنطقة العربية في هذا المجال. بدأت الإذاعة كمحطة خاصة في عام 1951، ثم تحولت إلى محطة حكومية في عام 1961، وهو العام الذي شهد تأسيس التلفزيون الرسمي في الكويت. هذه الخطوات كانت بمثابة نقلة نوعية في مجال الإعلام، وفتحت آفاقًا جديدة للتواصل والتعبير.
المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب ومعرض الكتاب
تأسيس المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب كان له بالغ الأثر على المشهد الثقافي والإعلامي في الكويت. فبعد عامين من تأسيس المجلس، انطلق أول معرض للكتاب في الكويت عام 1975، ليصبح ثالث أقدم معرض كتاب عربي بعد القاهرة وبيروت. هذا المعرض، الذي اختتم فعالياته مؤخرًا، يمثل منصة حيوية لتبادل الأفكار وتعزيز القراءة والثقافة.
الوعي الشعبي ودعم الإعلام
الدكتور الحيدر أشار إلى أن التجربة الكويتية كانت ثرية بفضل الوعي الكبير الذي كان يتمتع به الشعب الكويتي في تلك الفترة. ففي الأربعينات والخمسينات، كان الكويتيون يسافرون في بعثات للدراسة في الخارج، وعندما يعودون محملين بالمعرفة والخبرات، فإن ذلك ينعكس إيجابًا على الإعلام والمجتمع ككل.
الإعلام الكويتي في العصر الحديث: التطور والتحديات
بعد عام 1990، شهد الإعلام الكويتي تحولًا ملحوظًا، حيث برزت الصحافة التي تركز على الشأن المحلي، وتغيرت موضوعات الإعلام لتلبية احتياجات المجتمع المتغيرة. كما زاد الدعم الحكومي للإعلام والثقافة، مما ساهم في تطويره وتعزيز دوره.
القوة الناعمة والتميز الكويتي
الدكتور فواز العجمي أكد أن الكويت تمتلك اليوم قوة ناعمة تتمثل في الجانب الثقافي، وأن هناك حرصًا كبيرًا على الحفاظ على التميز ومواكبة التطور التكنولوجي. وأضاف أن الكويت تعمل على مواكبة التطور العالمي في المجال الثقافي، مع انتشار وسائل التواصل الاجتماعي، وأن هناك حرصًا شعبيًا وحكوميًا على تحقيق التميز في هذا المجال.
دور الشباب ووسائل التواصل الاجتماعي
الشباب الكويتي لعب دورًا هامًا في إثراء الساحة الإعلامية والثقافية من خلال منصات التواصل الاجتماعي. وقد أصبحت الكويت حاضرة ببصمتها في كل محفل ثقافي أو إعلامي أو فني. بالإضافة إلى ذلك، فإن القطاع الخاص في الكويت يقدم نماذج مميزة في مجال الإعلام، ومنصة (51) خير مثال على ذلك.
مستقبل الإعلام الكويتي في ظل الذكاء الاصطناعي
الدكتور حسين إبراهيم تحدث عن مستقبل الإعلام الكويتي في ظل وجود الذكاء الاصطناعي، متوقعًا أن يستمر الإعلام الكويتي بقوة وحضوره. وأشار إلى أننا نعيش اليوم مرحلة انتقال من الإعلام التقليدي إلى الإعلام الحديث ثم إلى الإعلام الذكي الذي يعتمد على تقنيات الذكاء الاصطناعي.
تحديات وفرص الذكاء الاصطناعي
الذكاء الاصطناعي يمثل تحديًا وفرصة في الوقت ذاته. فمن ناحية، قد يؤدي إلى انتهاء بعض الوظائف وأخذ دور الكثير من العاملين في مجالات متعددة. ومن ناحية أخرى، يمكن أن يساعد في تطوير الإعلام وتحسين جودته. لذلك، من الضروري أن نوظف الذكاء الاصطناعي ونستفيد منه بأسلوب أخلاقي وإيجابي، وأن نواكب تطوراته بما يخدم مهنة الإعلام.
في الختام، يمكن القول أن الإعلام الكويتي يمر بمرحلة تحول مهمة، تتطلب مواكبة التطورات العالمية والاستفادة من الفرص التي تتيحها التكنولوجيا الحديثة، وعلى رأسها الذكاء الاصطناعي. مع الحفاظ على الأصالة والتمسك بالقيم الثقافية، يمكن للإعلام الكويتي أن يواصل دوره الريادي في بناء المجتمع وتنمية الثقافة. ندعوكم لمتابعة آخر أخبار الإعلام الكويتي والتفاعل مع محتواه لتعزيز هذا الدور الحيوي.












