اخبار الاقتصاد

رغم المحاربة الفرنسية.. المرجان الجزائرية تنافس “نوتيلا” الأوروبية

شهدت شركة “سيبون” الجزائرية، المُصنّعة لمنتج “المرجان” الشهير، نمواً ملحوظاً في العام الماضي، حيث ضاعفت عدد موظفيها وزادت إنتاجها بشكل كبير. لكن هذه الشركة، التي أصبحت حديث الجزائريين والفرنسيين على حد سواء، تواجه الآن تحديات جديدة تتعلق بتصدير منتجاتها إلى السوق الفرنسية، وذلك في ظل التوترات السياسية القائمة بين البلدين. قصة نجاح “المرجان” هي قصة جزائرية بامتياز، بدأت من مرآب صغير وتحولت إلى علامة تجارية مطلوبة بشدة.

النجاح الصاروخي لـ “المرجان”: من مرآب إلى مصنعين

بدأت قصة “سيبون” في عام 1997 على يد الشقيقين يوسف وقوريشي فورة، اللذين انطلقا من مرآب مستأجر في بلدة بوسماعيل الساحلية. في البداية، ركزا على إنتاج العسل المنزلي، قبل أن يتجها نحو إنتاج الشوكولاتة القابلة للدهن في عام 2021. لكن نقطة التحول الحقيقية جاءت في عام 2024، عندما اكتشفها مؤثرون جزائريون مقيمون في فرنسا بعد عودتهم من العطلة الصيفية. من خلال مراجعاتهم على “تيك توك” وجلسات التذوق المباشرة، أشادوا بـ “المرجان” ووصفها البعض بأنها “أفضل من نوتيلا”.

الطلب المتزايد وتوسيع الإنتاج

أمين أوزليفي، مدير التسويق والمتحدث باسم الشركة، يصف تلك الفترة بالقول: “خلال أسبوع واحد اختفى كل مخزوننا. كان الجميع يريد تجربتها في ذات الوقت. الجميع كان يبحث عنها وانتابهم الفضول”. لتلبية هذا الطلب الهائل، قامت “سيبون” بتمديد ساعات العمل وإضافة دوام مناوبة ثالث، بالإضافة إلى توسيع منشآتها. اليوم، تمتلك الشركة موقعين في تيبازة وموقعاً إضافياً في وهران، بمساحة إجمالية تبلغ 40 ألف متر مربع مخصصة لإنتاج الشوكولاتة القابلة للدهن. الإنتاج اليومي قفز من 8 أطنان قبل الضجة الإعلامية إلى 80 طناً حالياً، وارتفع عدد الموظفين من 300 إلى 700 موظف.

عقبات التصدير إلى فرنسا: قرار سياسي أم معايير صحية؟

في سبتمبر 2024، تلقت شهرة “المرجان” انتكاسة عندما فرضت فرنسا والاتحاد الأوروبي حظراً على استيرادها، بحجة أن الجزائر غير مدرجة ضمن الدول المخولة بتصدير منتجات الألبان، لعدم مطابقتها معايير الصحة والرقابة. لكن أوزليفي يرى أن هذا الحظر له دوافع سياسية، خاصةً في ظل التوتر القائم بين الجزائر وفرنسا. العلاقات بين البلدين تدهورت بشكل ملحوظ بعد دعم باريس لمقترح الحكم الذاتي المغربي لمنطقة الصحراء، وهو ما تعتبره الجزائر مساساً بسيادتها.

أوزليفي أكد أن “القرار كان سياسياً وغير عادل. لمسنا تضامناً واسعاً من المستهلكين”، معرباً عن أمله في عودة الصادرات بعد تحسن العلاقات. كما أشار إلى أن الجزائريين كانوا فخورين بوجود منتج وطني ينافس المنتجات الفرنسية في السوق الفرنسية، ويتميز بجودته العالية.

أسواق بديلة وفرص جديدة

على الرغم من عقبات التصدير إلى فرنسا، وجدت “سيبون” فرصاً جديدة في أسواق أخرى. قبل الحظر، كانت الشركة تصدر حوالي 10% من إنتاج “المرجان” شهرياً إلى دول الخليج. وتعتبر هذه الأسواق واعدة جداً، حيث يزداد الطلب على المنتجات الغذائية عالية الجودة. الشركة تعمل حالياً على تعزيز تواجدها في هذه الأسواق وتوسيع شبكة توزيعها.

تحديات ارتفاع أسعار البندق وتأثيرها على المستهلك

تواجه “سيبون” تحدياً آخر يتمثل في ارتفاع أسعار البندق، المكون الرئيسي في “المرجان”. بما أن الجزائر لا تنتج البندق صناعياً، فإنها تعتمد على استيراده من تركيا، أكبر منتج عالمي. موجة الصقيع التي ضربت محاصيل البندق التركية في أبريل أدت إلى ارتفاع الأسعار العالمية، مما اضطر “سيبون” إلى زيادة أسعار منتجاتها على العملاء. الشركة اضطرت لزيادة الأسعار بنحو 15%، حيث يُباع وعاء بحجم 700 غرام من “المرجان” بسعر 970 ديناراً (نحو 7.5 دولارات).

على الرغم من ارتفاع الأسعار، لا يزال الطلب على “المرجان” قوياً، حيث يعتبره الكثير من المستهلكين منتجاً فاخراً يستحق الثمن. عزيز، كبير صانعي الكريب في مقهى “إسلي” بالجزائر العاصمة، يقول: “الأطفال وذووهم يعشقونه. الطلب لا يتوقف.. بالكاد أجد ثانية لالتقاط أنفاسي”.

قصة نجاح “سيبون” و “المرجان” هي دليل على قدرة الشركات الجزائرية على المنافسة في الأسواق العالمية، وعلى الإبداع والابتكار في مجال الصناعات الغذائية. على الرغم من التحديات، فإن الشركة تواصل النمو والتوسع، وتسعى إلى تحقيق المزيد من النجاحات في المستقبل. إن مستقبل المنتجات الغذائية الجزائرية يبدو واعداً، خاصةً مع تزايد الاهتمام بالجودة والتميز. صناعة الشوكولاتة في الجزائر تشهد تطوراً ملحوظاً، و “المرجان” هي مثال حي على ذلك. تصدير المنتجات الجزائرية إلى الخارج يمثل تحدياً وفرصة في آن واحد، ويتطلب جهوداً مشتركة من الحكومة والقطاع الخاص.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى