اخر الاخبار

بينهم روسيان.. فرنسا تعتقل 4 أشخاص بتهم التجسس لصالح قوة أجنبية

قالت الشرطة الفرنسية، الأربعاء، إنها قامت بتوقيف 4 أشخاص، بينهم امرأة روسية تدير منظمة غير ربحية مقرها فرنسا، للاشتباه في “تجسسهم” لصالح قوة أجنبية، حسبما أفادت به صحيفة “فاينانشيال تايمز”. تأتي هذه الاعتقالات في ظل تصاعد المخاوف الأوروبية من التدخل الروسي، خاصةً بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. هذه القضية تسلط الضوء على الجهود المتزايدة المضادة للتجسس والتي تهدف إلى حماية المصالح الأمنية والاقتصادية الفرنسية. التحقيق يركز بشكل كبير على احتمال تورط هؤلاء الأفراد في جمع معلومات حساسة لصالح كيانات أجنبية، مما يهدد الاستقرار الوطني.

قضية التجسس الفرنسي الروسي: تفاصيل التحقيقات والتوقيفات

تعتبر هذه القضية تطوراً هاماً في سياق التوترات الجيوسياسية الحالية. أفاد ممثلو الادعاء في باريس بأن “3 من المتهمين وُضعوا رهن الاحتجاز المؤقت، في حين مُنع رجل رابع، متهم بالتواطؤ مع قوة أجنبية، من مغادرة فرنسا وعليه مراجعة الشرطة”. ويشمل ذلك امرأة فرنسية روسية تُدعى (آنا نوفيكوفا)، مؤسسة جمعية “SOS Donbass” التي تدعي مساعدة سكان شرق أوكرانيا، ولكنها تخضع لتحقيق مكثف بسبب أنشطتها المحتملة التي تخدم مصالح أجنبية.

المنظمة، التي تروج لوقف تسليم الأسلحة إلى أوكرانيا عبر موقعها الإلكتروني وتشكل “جسر سلام” بين أوروبا وروسيا، أثارت بالفعل شكوك السلطات الفرنسية. وكشفت التحقيقات أنها كانت تحت المراقبة منذ يناير الماضي، حيث كان ضباط الأمن الوطني الفرنسي يبحثون في أي أفعال قد تضر “بالمصالح الأساسية للأمة”.

جمع المعلومات لصالح جهات أجنبية

أظهرت التحقيقات الأولية أن المشتبه بهم كانوا على اتصال بمسؤولين تنفيذيين في شركات فرنسية مختلفة، بهدف الحصول على معلومات تتعلق بالمصالح الاقتصادية الفرنسية. هذا يشير إلى عملية منظمة لجمع المعلومات الاستخباراتية التي يمكن أن تستغلها دولة أجنبية. ولا تزال تفاصيل المعلومات التي تم جمعها قيد التحقيق، ولكن يُعتقد أنها ذات قيمة استراتيجية كبيرة.

يعكس هذا السلوك، وفقاً للنيابة العامة، جرائم قد تصل عقوبتها إلى السجن لمدة 45 عامًا بالإضافة إلى غرامات تقدر بـ 600 ألف يورو، تشمل المشاركة في جريمة منظمة و التجسس وجمع الاستخبارات لصالح جهة أجنبية.

“مواجهة هجينة” مع روسيا وتصعيد الدعايات

وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الوضع بأنه “مواجهة هجينة” مع روسيا، وهو ما يعني أن التهديد لا يقتصر على الأساليب التقليدية للحرب، بل يشمل أيضاً مجموعة واسعة من الإجراءات السرية والتخريبية. هذه الإجراءات تتراوح بين الاستفزازات الدبلوماسية والهجمات الإلكترونية وحملات التضليل الإعلامي.

وقد شهدت فرنسا بالفعل عدداً من هذه الأعمال الدعائية، بما في ذلك التوابيت الفارغة التي عُثر عليها بالقرب من برج إيفل في عام 2024، والتي كانت تهدف إلى تثبيط الدعم العسكري الفرنسي لأوكرانيا. الأمر الذي دفع إلى إجراء تحقيق لمعرفة ما إذا كانت روسيا أو الجماعات المرتبطة بها تقف وراء هذه الاستفزازات. بالإضافة إلى ذلك، ألقي القبض على فردين من مولدوفا للاشتباه في تورطهم في جهود الدعاية الروسية، وذلك إثر اكتشاف أكثر من 200 رسم لـ “نجمة داوود” على واجهات مباني باريس في عام 2023.

صلة ملصقات قوس النصر بالقضية

وقعت الاعتقالات الأخيرة يومي 20 و21 نوفمبر، وجاءت بعد أن كشف المحققون صلة بينها وبين حادثة وضع ملصقات مؤيدة لروسيا على “قوس النصر”. تُظهر هذه الملصقات، التي تحمل شعار “شكراً للجندي السوفيتي المنتصر”، محاولة واضحة لإثارة المشاعر المؤيدة لروسيا في قلب العاصمة الفرنسية. وتقود تسجيلات كاميرات المراقبة الشرطة إلى رجل روسي متورط في هذه القضية، والذي كان من بين المعتقلين في الأيام الأخيرة. وهذا يعزز فكرة وجود شبكة عمل منظمة تعمل لصالح مصالح روسية في فرنسا.

التأهب الأوروبي وتصاعد التهديدات الروسية

لا تقتصر هذه القضية على فرنسا وحدها، بل تمثل جزءاً من اتجاه أوسع نطاقاً في جميع أنحاء أوروبا. فمنذ الغزو الروسي لأوكرانيا في عام 2022، كانت الحكومات الأوروبية في حالة تأهب قصوى لعلامات التدخل الروسي. وقد شمل ذلك تحليق طائرات مسيرة مشبوهة بالقرب من المطارات وعمليات تخريبية، مثل انفجار خط سكك حديد في بولندا هذا الشهر، والذي اتهمت الحكومة الروسية بالوقوف وراءه.

ألمانيا، باعتبارها أكبر مورد للمساعدات العسكرية لأوكرانيا في القارة، كانت هدفاً خاصاً للعمليات الروسية السرية. فقد ألقي القبض على رجلين في بافاريا في وقت سابق من هذا العام، للاشتباه في كونهما عميلين روسيين والتخطيط لقصف مواقع صناعية وعسكرية.

هذا الارتفاع في الأنشطة الاستخباراتية و التخريبية يتطلب استجابة أوروبية موحدة وقوية. ويؤكد ضرورة تعزيز التعاون الأمني وتبادل المعلومات بين الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي لمواجهة التهديد الروسي المتزايد. إن فهم طبيعة هذه العمليات والتهديدات الهجينة التي تتعرض لها أوروبا أمر بالغ الأهمية لحماية المصالح الوطنية والقارية. بالإضافة إلى ذلك، فإن التركيز على مكافحة التجسس وتحديد الأفراد الذين يعملون لصالح كيانات أجنبية يعتبر أمراً ضرورياً لضمان الأمن والاستقرار.

التحقيقات جارية في فرنسا، ومن المتوقع أن تكشف عن المزيد من التفاصيل حول هذه القضية وما إذا كانت جزءاً من عملية أكبر لزعزعة استقرار أوروبا. يجب على المجتمع الدولي أن يدين هذه الأنشطة ويدعم الجهود المبذولة لتحقيق العدالة و حماية الأمن القومي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى