الاتحاد الأوروبي يدعو إلى قيود على حجم وموازنة جيش روسيا ضمن تسوية أوكرانيا

أثار التطور الأخير في المفاوضات حول الأزمة الأوكرانية جدلاً واسعاً على الساحة الدولية، وخاصة في أوروبا، مع دعوات متزايدة لضمان حل عادل ومستدام يراعي مصالح جميع الأطراف. ففي خضم محاولات التوصل إلى تسوية، دعت الممثلة العليا للسياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي، كايا كالاس، إلى فرض قيود على القدرات العسكرية الروسية، مؤكدةً على ضرورة وجود “ضمانات أمنية” لكييف ورفض الخطة الأمريكية التي يراها البعض “منحازة لروسيا”. هذه الدعوة تأتي بالتزامن مع تصاعد الانتقادات الأوروبية للخطة الأمريكية المقترحة لإنهاء الحرب، والتي تعتبرها أوروبا خطوة نحو تسليم أوكرانيا لموسكو.
## دعوة أوروبية لتقييد الجيش الروسي كجزء من تسوية أوكرانيا
أكدت كايا كالاس، في تصريحات لها الأربعاء، أن أي اتفاق سلام دائم يجب أن يتضمن “تنازلات” من الجانب الروسي، وشددت على ضرورة “تقييد الجيش الروسي وميزانيته العسكرية” لمنع تكرار أي عدوان مستقبلي على القارة الأوروبية. هذه التصريحات تعكس قلقاً متزايداً في أوروبا بشأن التهديد الأمني الذي تشكله روسيا، وتؤكد على تفضيل الحلول التي تضمن استقراراً طويل الأمد في المنطقة. وتعتبر كالاس أن التركيز يجب أن يكون على منع استمرار الحرب، وليس فقط على إيجاد حل سريع قد يكون هشاً وغير مستدام.
## ردود الفعل الأوروبية على الخطة الأمريكية للسلام
لم تلق الخطة الأمريكية، المكونة من 28 بنداً، ترحيباً واسعاً في أوروبا، بل واجهت انتقادات حادة بسبب ما وصفه البعض بـ “انحيازها لمطالب موسكو”. فقد أثارت الخطة قلقاً بالغاً في العواصم الأوروبية، وحتى في واشنطن نفسها، حيث عبرت الخارجية الأمريكية ووكالات الاستخبارات عن مفاجأتها ببعض البنود المقترحة. وتحديداً، يرى الأوروبيون أن الخطة قد تفرض قيوداً غير مقبولة على القوات المسلحة الأوكرانية وتستلزم تنازلات إقليمية قد تُضعف سيادة أوكرانيا.
وزير الخارجية السويدية ماريا مالمر ستينرجارد عبّرت عن رغبة السويد في المضي قدماً في حزمة العقوبات العشرين ضد روسيا، وزادت من الضغط على موسكو. كما رحبت بجهود الولايات المتحدة لفرض المزيد من العقوبات، مع التأكيد على ضرورة استمرار الضغط على روسيا لإجبارها على التراجع عن سياستها العدوانية.
## النسخة الأوروبية المعدلة من خطة السلام ورفض القيود على أوكرانيا
استجابةً لهذه الانتقادات، قدمت دول أوروبية نسخة معدلة من الخطة الأمريكية للسلام في أوكرانيا، الأحد الماضي، تهدف إلى معالجة المخاوف التي أثارتها الخطة الأصلية. هذه النسخة الجديدة ترفض بشكل قاطع القيود المقترحة على القوات المسلحة الأوكرانية، وتدعو إلى منح واشنطن “ضمانات أمنية” قوية لكييف، بالإضافة إلى استخدام الأصول الروسية المجمدة في تمويل جهود إعادة الإعمار في أوكرانيا.
### تفاصيل النسخة الأوروبية: قوات أوكرانيا والحدود المتنازع عليها
الوثيقة الأوروبية المقترحة تقترح تحديد الحد الأقصى للقوات المسلحة الأوكرانية بـ 800 ألف جندي “في وقت السلم”، وهو ما يمثل زيادة مقارنة بالحد الأقصى الشامل البالغ 600 ألف جندي الذي اقترحته الخطة الأمريكية. بالإضافة إلى ذلك، تنص الوثيقة على أن “المفاوضات بشأن تبادل الأراضي ستبدأ من خط التماس” الفعلي، بدلاً من الاعتراف المسبق بمناطق معينة تسيطر عليها روسيا “بحكم الأمر الواقع”، كما تقترح الخطة الأمريكية. هذه النقطة بالذات تعتبر حساسة للغاية وتعكس رفض أوروبا الاعتراف بأي مكاسب إقليمية حققتها روسيا من خلال عدوانها.
## تصريحات هامة تؤكد على الموقف الأوروبي القوي
عكس المستشار الألماني فريدريش ميرتس، في تصريحات قوية الأربعاء، الموقف الأوروبي الحازم تجاه الحرب، مؤكداً على أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يجب أن يدرك أنه “لا خيار أمامه للخروج من هذا الصراع بنجاح”. وأضاف ميرتس، في كلمة أمام البرلمان الألماني، أن أوروبا “ليست لعبة بيد الآخرين، بل فاعل يتمتع بالسيادة ويدافع عن مصالحه وقيمه”.
رئيسة المفوضية الأوروبية، أورسولا فون دير لاين، شددت أيضاً على أن أي اتفاق بشأن أوكرانيا يجب أن يضمن أمناً حقيقياً لأوكرانيا وأوروبا، وحذرت من مغبة السماح بتغيير الحدود بالقوة، قائلة: “إذا قمنا اليوم بشرعنة وتقنين تقويض الحدود، فإننا نفتح الباب لمزيد من الحروب غداً”. هذا التحذير يأتي في إطار رفض أوروبا لأي محاولة لفرض واقع جديد على الأرض من خلال القوة العسكرية.
في الختام، من الواضح أن أوروبا تتخذ موقفاً حازماً في مفاوضات السلام حول أوكرانيا، وترفض أي حلول قد تضر بسيادتها أو استقرارها. الدعوة إلى تقييد الجيش الروسي والتشديد على ضرورة التنازلات من الجانب الروسي والتمسك بالخطة الأوروبية المعدلة، كلها مؤشرات تدل على أن أوروبا عازمة على لعب دور محوري في تحديد مستقبل أوكرانيا، وأنها لن تقبل بأي تسوية لا تراعي مصالحها وقيمها. لمتابعة آخر المستجدات حول هذا الموضوع، ندعوكم إلى زيارة [رابط لمقال آخر ذي صلة] و [رابط لمصدر إخباري موثوق].












