رسميا صدور مرسوم مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية

في خطوة حاسمة لمواجهة خطر المخدرات وحماية المجتمع الكويتي، صدر مؤخرًا المرسوم الأميري بقانون رقم 59 لسنة 2025، والذي يمثل نقلة نوعية في تشريعات مكافحة المخدرات والمؤثرات العقلية وتنظيم استعمالها والاتجار فيها. يهدف هذا القانون الجديد إلى توحيد الجهود وتفعيل الإجراءات الرادعة ضد كل من يساهم في ترويج أو انتشار هذه الآفة الخطيرة، مع التركيز على حماية الشباب وضمان مستقبل آمن للأجيال القادمة. من أهم ملامح هذا القانون، التشديد على العقوبات القاسية التي تصل إلى الإعدام أو السجن المؤبد، بالإضافة إلى غرامات مالية كبيرة.
المرسوم بقانون رقم 59 لسنة 2025: نظرة عامة
ينفذ المرسوم بقانون بعد أسبوعين من نشره في الجريدة الرسمية، ويضم 84 مادة موزعة على 13 فصلًا. يمثل هذا القانون دمجًا للقانون رقم 74 لسنة 1983 بشأن مكافحة المخدرات وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، والمرسوم بقانون رقم 48 لسنة 1987 بشأن مكافحة المؤثرات العقلية وتنظيم استعمالها والاتجار فيها، بهدف توحيد المفاهيم والأحكام القانونية. هذه الخطوة تهدف إلى تسهيل تطبيق القانون وتعزيز فعاليته في مكافحة تجارة المخدرات وحماية المجتمع.
أهداف الدمج وتوحيد التشريعات
كانت الحاجة ملحة لدمج التشريعات السابقة، نظرًا للتطورات المتسارعة في أساليب تهريب وترويج المخدرات والمؤثرات العقلية. يساهم هذا الدمج في:
- توحيد المصطلحات والمفاهيم المتعلقة بالمخدرات والمؤثرات العقلية.
- تبسيط الإجراءات القانونية المتعلقة بالتحقيق والمحاكمة.
- زيادة التنسيق بين الجهات المعنية بمكافحة المخدرات.
- توفير إطار قانوني شامل ومتكامل لمواجهة هذه الظاهرة.
تنظيم تراخيص التعامل مع المخدرات والمؤثرات العقلية
يهدف القانون الجديد إلى تنظيم صارم للتعامل مع المواد المخدرة والمؤثرات العقلية، بحيث لا يتم السماح بالاتجار بها أو استعمالها إلا في حالات محددة وتحت إشراف ورقابة صارمة.
شروط الحصول على التراخيص
يُشترط للحصول على ترخيص بالتعامل في المخدرات والمؤثرات العقلية الحصول على إذن من وزير الصحة، والذي يُصدر قرارًا تحدد فيه إجراءات واشتراطات الحصول على الترخيص، وأوجه التصرف فيها، وإجراءات التنازل عنها وإتلافها. يهدف هذا الإجراء إلى ضمان أن يكون التعامل مع هذه المواد محصورًا على الجهات المصرح لها فقط، والتي تلتزم بالشروط والضوابط اللازمة لمنع تسريبها إلى السوق السوداء.
حظر التعامل غير المرخص
يحظر القانون صراحةً إنتاج أو صنع أو استيراد أو تصدير أو نقل أو حيازة أو شراء أو بيع أو الاتجار في المواد المخدرة أو المؤثرة عقليًا أو صرفها أو وصفها طبيًا أو تناولها أو إدخالها في جسد الغير أو التعامل بها بأية صورة كانت، إلا في الأحوال وبالشروط المنصوص عليها في القانون.
العقوبات الرادعة
يتميز القانون الجديد بتشديد العقوبات على مرتكبي جرائم المخدرات، بهدف تحقيق الردع العام والخاص.
عقوبات الجلب والتهريب
يعاقب بالإعدام أو الحبس المؤبد، بالإضافة إلى غرامة لا تقل عن 100 ألف دينار ولا تجاوز مليوني دينار (أو ما يعادل قيمة المواد)، كل من يقوم بجلب أو تهريب المواد المخدرة أو المؤثرة عقليًا بقصد الاتجار.
عقوبات الحيازة والترويج
يعاقب بالإعدام أو الحبس المؤبد، وغرامة لا تقل عن 50 ألف دينار ولا تجاوز 500 ألف دينار، كل من يقوم بحيازة أو شراء أو بيع أو ترويج المواد المخدرة أو المؤثرة عقليًا بقصد الاتجار. كما يعاقب بالإعدام كل من ينشئ أو يدير تنظيمًا عصابيًا للاتجار في المخدرات.
العلاج والتأهيل
لم يغفل القانون الجديد الجانب العلاجي والتأهيلي للمدمنين والمتعاطين، بل حرص على توفير الدعم والمساعدة لهم لمساعدتهم على التغلب على هذه الآفة.
حماية المتعاطي الذي يطلب العلاج
لا تقام الدعوى الجزائية ضد المدمن الذي يتقدم من تلقاء نفسه إلى مركز علاج الإدمان طلبًا للعلاج وإعادة التأهيل، قبل قيد أي شكوى أو طلب لملاحقته. ويشترط تسليم المدمن جميع المواد المخدرة التي بحوزته إلى المركز.
إنشاء مراكز تأهيل وعلاج
ينص القانون على إنشاء مراكز للتأهيل ومراكز لعلاج الإدمان، تهدف إلى توفير الرعاية اللازمة للمدمنين والمتعاطين، وإعادة دمجهم في المجتمع. كما يسمح القانون للقطاع الأهلي بإنشاء وحدات طبية مماثلة تحت إشراف وزارة الصحة.
الرقابة الإدارية وتفعيل دور الجهات الأمنية
يعزز القانون الجديد دور الرقابة الإدارية والجهات الأمنية في مكافحة المخدرات، من خلال منح موظفيها صفة الضبطية القضائية، وتخولهم بتفتيش المؤسسات الحكومية والأهلية والمرخص لها بالتعامل مع هذه المواد.
في الختام، يمثل المرسوم بقانون رقم 59 لسنة 2025 خطوة جريئة ومهمة في مسيرة مكافحة المخدرات في الكويت. من خلال توحيد التشريعات، وتشديد العقوبات، وتوفير العلاج والتأهيل، وتعزيز الرقابة، يهدف القانون إلى حماية المجتمع وتقويض جهود تجار المخدرات، وبناء مستقبل آمن للأجيال القادمة. ولتحقيق أقصى فائدة من هذا القانون، من الضروري تفعيل آليات التنفيذ، وزيادة الوعي بأضرار المخدرات، وتعزيز التعاون بين جميع الجهات المعنية.












