“ضمانات أمنية ومفاوضات على الأراضي”.. النص الكامل للخطة الأوروبية بشأن أوكرانيا

في خضم الجهود الدبلوماسية المتواصلة لإنهاء الحرب في أوكرانيا، قدمت دول أوروبية، الأحد، رؤية معدلة للخطة الأمريكية للسلام، مما يمثل تطوراً هاماً في مساعي التوصل إلى حل سياسي. هذه الخطة الجديدة، التي تهدف إلى إيجاد أرضية مشتركة بين الأطراف المتنازعة، تتضمن تعديلات جوهرية على المقترحات الأولية، خاصة فيما يتعلق بالقيود المفروضة على القوات المسلحة الأوكرانية، والضمانات الأمنية لكييف، واستخدام الأصول الروسية المجمدة في عمليات إعادة الإعمار. هذا المقال سيتناول تفاصيل خطة السلام في أوكرانيا الجديدة، وتحليل التعديلات الرئيسية التي أدخلتها الدول الأوروبية، وتأثيرها المحتمل على مسار المفاوضات.
تعديلات جوهرية على الخطة الأمريكية
الخطة الأمريكية الأصلية، التي قادتها إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب، اقترحت قيوداً صارمة على حجم القوات المسلحة الأوكرانية، حيث حددت سقفاً أقصى بـ 600 ألف جندي. إلا أن النسخة الأوروبية المعدلة ترفع هذا السقف إلى 800 ألف جندي “في وقت السلم”، مما يعكس رغبة الدول الأوروبية في منح أوكرانيا قدرة أكبر على الدفاع عن نفسها. هذا التعديل يعتبر خطوة مهمة نحو تلبية المخاوف الأوكرانية بشأن قدرتها على الحفاظ على أمنها في المستقبل.
بالإضافة إلى ذلك، ترفض الخطة الأوروبية الاعتراف المسبق بالسيطرة الروسية على بعض المناطق الأوكرانية، وهو ما كانت تتضمنه الخطة الأمريكية. بدلاً من ذلك، تقترح الخطة الأوروبية أن تبدأ المفاوضات بشأن تبادل الأراضي من خط التماس الحالي، مما يفتح الباب أمام أوكرانيا لاستعادة الأراضي التي فقدتها.
الضمانات الأمنية لأوكرانيا واستخدام الأصول الروسية
أحد أبرز جوانب الخطة الأوروبية هو الدعوة إلى منح أوكرانيا ضمانات أمنية قانونية قوية، بما في ذلك من الولايات المتحدة، على غرار المادة الخامسة من ميثاق حلف شمال الأطلسي (الناتو). المادة الخامسة، التي تعتبر حجر الزاوية في التحالف، تنص على أن أي هجوم على أحد أعضاء الناتو يعتبر هجوماً على الجميع، مما يوفر رادعاً قوياً ضد أي عدوان مستقبلي.
وتشير الخطة إلى أن الولايات المتحدة قد تقدم ضمانات تحاكي المادة الخامسة مقابل تعويض مالي، مع استثناءات في حال قيام أوكرانيا بشن هجوم على روسيا. كما تتضمن الخطة شروطاً واضحة بشأن العقوبات في حال خرق روسيا للاتفاق.
علاوة على ذلك، تدعو الخطة الأوروبية إلى استخدام الأصول الروسية المجمدة في إعادة إعمار أوكرانيا، وهو ما يعتبر خطوة حاسمة نحو تحميل روسيا مسؤولية الأضرار التي سببتها الحرب. وتشمل هذه الأصول السيادية الروسية التي ستظل مجمدة حتى تقوم روسيا بدفع تعويضات عن الأضرار التي لحقت بأوكرانيا. هذا الإجراء يهدف إلى توفير التمويل اللازم لإعادة بناء البنية التحتية الأوكرانية المتضررة، وتحسين الظروف المعيشية للمواطنين الأوكرانيين.
تفاصيل الخطة الأوروبية: 28 بنداً نحو السلام
تتكون الخطة الأوروبية من 28 بنداً، تغطي مجموعة واسعة من القضايا، بما في ذلك الأمن، والسيادة، والاقتصاد، والإنسانية. وتشمل بعض البنود الرئيسية ما يلي:
- إعادة التأكيد على سيادة أوكرانيا: تؤكد الخطة على أهمية احترام سيادة أوكرانيا ووحدة أراضيها.
- اتفاق عدم اعتداء: تسعى الخطة إلى التوصل إلى اتفاق عدم اعتداء شامل بين روسيا وأوكرانيا وحلف الناتو.
- الحد من حجم الجيش الأوكراني: يقتصر عدد أفراد الجيش الأوكراني على 800 ألف جندي في وقت السلم.
- ضمانات أمنية قوية: تحصل أوكرانيا على ضمانات أمنية قانونية قوية، بما في ذلك من الولايات المتحدة.
- إعادة إعمار أوكرانيا: تتضمن الخطة حزمة إعادة تنمية عالمية قوية لأوكرانيا، ممولة جزئياً من الأصول الروسية المجمدة.
- إعادة دمج روسيا في الاقتصاد العالمي: تسعى الخطة إلى إعادة دمج روسيا تدريجياً في الاقتصاد العالمي، مع تخفيف العقوبات على مراحل.
- حل القضايا الإنسانية: تتضمن الخطة بنوداً لمعالجة القضايا الإنسانية، مثل تبادل الأسرى وإعادة المعتقلين المدنيين.
مستقبل المفاوضات وتأثير الخطة الأوروبية
تعتبر مفاوضات السلام في أوكرانيا عملية معقدة تتطلب جهوداً دبلوماسية مكثفة وتنازلات من جميع الأطراف. الخطة الأوروبية المعدلة تمثل خطوة إيجابية نحو إيجاد حل سياسي، حيث أنها تعالج بعض المخاوف الرئيسية التي أبدتها أوكرانيا والدول الأوروبية.
ومع ذلك، لا يزال هناك العديد من التحديات التي يجب التغلب عليها، بما في ذلك إقناع روسيا بقبول شروط الخطة، وضمان تنفيذ جميع البنود بشكل كامل وفعال. الوضع في أوكرانيا لا يزال متقلباً، ويتطلب متابعة دقيقة وتنسيقاً وثيقاً بين جميع الأطراف المعنية.
في الختام، تمثل الخطة الأوروبية المعدلة للسلام في أوكرانيا تطوراً هاماً في مساعي التوصل إلى حل سياسي. من خلال معالجة بعض المخاوف الرئيسية وتقديم مقترحات جديدة، تفتح الخطة الباب أمام مفاوضات بناءة يمكن أن تؤدي إلى إنهاء الحرب وتحقيق السلام الدائم في أوكرانيا. يبقى أن نرى ما إذا كانت هذه الخطة ستنجح في تحقيق أهدافها، ولكنها بالتأكيد تمثل خطوة في الاتجاه الصحيح.












