اخبار الامارات

«نجمة واحدة».. ابتزاز الشركات الصغيرة بسلاح «التقييمات السلبية»

لم يعد التقييم الإلكتروني مجرد ملاحظة يتركها زبون على صفحة مطعم أو شركة خدمات، فقد تحوّل في حالات عدة إلى أداة مساومة أو ضغط تهدد أصحاب الأعمال. فبعدما اكتشف البعض أن «نجمة واحدة» كفيلة بخفض الحجوزات، وإرباك المشروعات الصغيرة، وفتح الباب أمام نوع جديد من الابتزاز الرقمي، باتت هذه الظاهرة تشكل تهديداً حقيقياً للاقتصاد الرقمي في الإمارات. هذا المقال يستعرض تفاصيل هذه المشكلة المتنامية، وتأثيرها على الشركات، والإجراءات القانونية المتاحة، وكيفية حماية الأعمال من هذا النوع من الابتزاز.

انتشار الابتزاز عبر التقييمات الإلكترونية: تهديد للأعمال

أكد أصحاب مطاعم وشركات تأجير سيارات ومشروعات صغيرة أنهم يتعرضون بشكل دوري لهجمات من التعليقات السلبية، تظهر عادة من حسابات مجهولة في فترة زمنية قصيرة، ثم تتبعها رسائل تطلب مبالغ مالية مقابل حذف التقييمات أو منع تكرار الهجمات. يشير أصحاب الأعمال إلى أن الضرر الذي يلحق بسمعتهم يكون سريعاً وفادحاً، بينما يستغرق استعادة الوضع السابق وقتاً طويلاً وجهداً كبيراً. هذه الممارسات تشكل تهديداً مباشراً لاستقرار الأعمال، خاصةً المشروعات الصغيرة والمتوسطة التي تعتمد بشكل كبير على التقييمات عبر الإنترنت لجذب العملاء.

كيف تتم عمليات الابتزاز؟

تتنوع طرق الابتزاز عبر التقييمات الإلكترونية، ولكنها تشترك في عدة عناصر أساسية. غالباً ما يبدأ الأمر بنشر تقييمات سلبية وهمية على منصات مثل «خرائط غوغل» و«تريب أدفايزر». ثم يتبع ذلك اتصال من المبتز يطالب بمبلغ مالي مقابل حذف التقييمات المسيئة. في بعض الحالات، يهدد المبتز بنشر المزيد من التقييمات السلبية إذا لم يتم تلبية مطالبه. كما أن المبتزين غالباً ما يكونون من خارج الدولة، مما يزيد من صعوبة تعقبهم ومحاسبتهم. صاحب شركة تأجير سيارات ذكر أنه تعرض لطلب 100 دولار مقابل حذف تقييم واحد يزعم أن الشركة لا ترد مبلغ الضمان.

استهداف نقاط الضعف في الخدمات

لا يركز المبتزون على الإساءة العامة للخدمة، بل يستهدفون نقاط ضعف محددة. على سبيل المثال، بدلاً من انتقاد جودة الطعام في مطعم، قد يركزون على سرعة الخدمة أو نظافة المكان. وبالمثل، في شركات تأجير السيارات، قد يزعمون وجود رسوم خفية أو تلف في السيارة. هذه الاستراتيجية تزيد من مصداقية التقييمات السلبية وتجعلها أكثر تأثيراً على العملاء المحتملين.

التحذيرات القانونية والتسويقية من الابتزاز الرقمي

خبراء في القانون والتسويق والتقنية حذروا من خطورة الابتزاز الإلكتروني عبر التقييمات، مؤكدين أن القانون الإماراتي يجرم هذه الأساليب باعتبارها تهديداً صريحاً. المادة (42) من المرسوم بقانون اتحادي رقم (34) لسنة 2021 بشأن مكافحة الشائعات والجرائم الإلكترونية، تعاقب كل من يبتز أو يهدد عبر الوسائل الإلكترونية بالحبس والغرامة حتى 500 ألف درهم. ومع ذلك، تواجه الشركات صعوبة في الإبلاغ عن هذه الجرائم عبر المنصات العالمية بسبب صعوبة إثبات أن التقييم جزء من عملية ابتزاز.

صعوبات الإبلاغ عن التقييمات الوهمية

على الرغم من وجود قوانين تجرم الابتزاز الإلكتروني، إلا أن الإبلاغ عن التقييمات الوهمية يواجه تحديات كبيرة. تتطلب عملية الإبلاغ إثبات أن الحساب الذي نشر التقييم وهمي أو أنه تم إنشاؤه خصيصاً للإضرار بسمعة الشركة. هذا الإثبات قد يكون صعباً، خاصةً إذا كان المبتز يستخدم حسابات مزيفة أو يخفي هويته. بالإضافة إلى ذلك، قد تستغرق المنصات العالمية وقتاً طويلاً للرد على طلبات الإبلاغ، مما يسمح للتقييمات السلبية بالبقاء منشورة لفترة طويلة والتسبب في أضرار كبيرة.

دور التسويق الرقمي في مواجهة الأزمة

يؤكد خبراء التسويق الرقمي على أهمية بناء سمعة قوية عبر الإنترنت من خلال استراتيجيات تسويقية فعالة. يشددون على ضرورة التفاعل مع العملاء والرد على تعليقاتهم بشكل احترافي وسريع. كما ينصحون بإنشاء محتوى إيجابي يعكس جودة الخدمات والمنتجات التي تقدمها الشركة. بالإضافة إلى ذلك، يمكن للشركات استخدام أدوات تحليل البيانات لمراقبة التقييمات عبر الإنترنت وتحديد أي أنماط غير طبيعية قد تشير إلى وجود حملة ابتزاز.

أهمية بناء الثقة مع العملاء

بناء الثقة مع العملاء هو أفضل دفاع ضد الابتزاز الإلكتروني. من خلال تقديم خدمات عالية الجودة والتواصل الفعال مع العملاء، يمكن للشركات بناء سمعة قوية تجعل التقييمات السلبية الوهمية أقل تأثيراً. كما أن تشجيع العملاء الراضين على ترك تقييمات إيجابية يمكن أن يساعد في موازنة التقييمات السلبية.

الخلاصة: حماية الأعمال من الابتزاز الرقمي

التقييم الإلكتروني أصبح سلاحاً ذا حدين، يمكن أن يعزز سمعة الشركات أو يدمرها. الابتزاز عبر التقييمات الإلكترونية يشكل تهديداً حقيقياً للأعمال، خاصةً المشروعات الصغيرة والمتوسطة. لمواجهة هذا التهديد، يجب على الشركات اتخاذ إجراءات وقائية، مثل بناء سمعة قوية عبر الإنترنت، والتفاعل مع العملاء، ومراقبة التقييمات عبر الإنترنت. كما يجب على الشركات الإبلاغ عن أي حالات ابتزاز إلى السلطات المختصة والاستفادة من الحماية القانونية المتاحة. الوعي بهذه المخاطر واتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الأعمال هو مفتاح النجاح في العصر الرقمي.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى