مدير “القاهرة السينمائي”: نعمل على مدار العام.. ولا توجد دورة مثالية بالكامل

أكد الناقد السينمائي محمد طارق، المدير الفني لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي، أن الدورة السادسة والأربعين من المهرجان لم تكن مجرد حدث سينمائي، بل امتداداً لعملية تطوير مستمرة ومجهوداً تراكمياً على مدار العام. وشدد طارق على أن التحضيرات للدورة الحالية بدأت مباشرة بعد اختتام الدورة السابقة، مع التركيز على البناء على النجاحات ومعالجة أي نقاط ضعف ظهرت. هذا التخطيط الدقيق والعمل الجاد ساهم في ترسيخ مكانة مهرجان القاهرة السينمائي كأحد أبرز الفعاليات السينمائية في المنطقة.
إعداد الدورة الجديدة: دراسة وتقييم شامل
في تصريحات خاصة لـ “الشرق”، أوضح محمد طارق أن إعداد الدورة الحالية اعتمد بشكل أساسي على “دراسة متأنية” للنسخة الماضية. لم يكن الهدف هو تكرار النجاحات السابقة فحسب، بل أيضاً تطوير الجوانب التي تحتاج إلى تحسين. وأشار إلى أن مؤشرات الحضور والمشاركة والاهتمام النقدي كانت إيجابية للغاية، مما يؤكد استمرار ريادة مهرجان القاهرة السينمائي عربياً وإفريقياً.
وأضاف المدير الفني أنه راضٍ عن النتائج التي تحققت هذا العام، مع التأكيد على أنه “لا توجد دورة مثالية بالكامل.” ويؤمن طارق بأن المهرجان يجب أن يظل في “حالة تجدد دائم”، معتبراً أن بعض الفعاليات حققت نجاحاً كبيراً بينما يحتاج البعض الآخر إلى مزيد من التطوير، وهو أمر طبيعي في حدث بهذا الحجم والتعقيد.
توازن بين النجوم والمحتوى الفني
تطرق طارق إلى مسألة غياب الدعوات الواسعة لنجوم عالميين، مؤكداً أن استضافة النجوم لا تتم بشكل عشوائي، بل تخضع لـ “رؤية فنية” واضحة. وأوضح أن الميزانية تلعب دوراً مهماً، لكنها ليست العامل الوحيد، وأن “الأولوية لدينا دائماً للفكرة والمضمون”. إن اختيار النجوم يجب أن يخدم الأهداف الفنية للمهرجان، وليس العكس. هذا التوجه يعكس حرص المهرجان على تقديم محتوى سينمائي متنوع وهادف.
التأخير في الإعلانات: دقة وإجراءات ضرورية
فيما يتعلق بالتأخير في الكشف عن بعض الأفلام ولجان التحكيم قبل الافتتاح بساعات، أوضح طارق أن هذا التأخير يعود إلى “اعتبارات إجرائية وتقنية”، مثل استكمال تصاريح العرض أو إتمام الاتفاقات الدولية. وأكد أن المهرجان يفضل “التأني والدقة” في الإعلانات لضمان صحة جميع التفاصيل قبل عرضها على الجمهور. هذه الشفافية والحرص على الدقة يعززان مصداقية مهرجان القاهرة السينمائي.
نجاح فيلم “بنات الباشا” وتحديات الحجز
أعرب طارق عن سعادته بالإقبال الكبير على الفيلم المصري “بنات الباشا”، مشيراً إلى أنه أسعد إدارة المهرجان. لكنه أقر بوجود ضغط كبير على نظام الحجز، وأوضح أنه تم زيادة عدد العروض قدر الإمكان. وأكد أن المهرجان “يدرس آليات أكثر مرونة” للتعامل مع مثل هذه الحالات في المستقبل، لضمان سهولة وصول الجمهور إلى الأفلام التي يرغبون في مشاهدتها.
تسريب المعلومات والنقد الإعلامي
حول تسريب بعض المعلومات قبل الإعلان الرسمي، قال طارق إن إدارة المهرجان تتفهم حماس الصحافة والإعلام، واصفاً الأمر بأنه “لم يكن هناك أزمة”. وأوضح أنهم يعملون باستمرار على تحسين آليات التواصل لضمان وصول المعلومات الدقيقة في توقيتها الصحيح. بالإضافة إلى ذلك، أكد أن النقد أمر طبيعي لأي مهرجان بهذا الحجم والأهمية، وأن كل رأي موضوعي يمثل “فرصة للتطوير”.
بساطة حفل الافتتاح: تركيز على الجوهر
أما عن بساطة حفل الافتتاح، فقد أوضح طارق أنها كانت “خياراً مدروساً”. وأضاف قائلاً: “أردنا حفلاً أنيقاً ومركزاً على الجوهر، يسلط الضوء على السينما نفسها، وليس على العروض الفنية المصاحبة”. وأكد وجود تنسيق دائم بين المكتب الفني وفريق التنظيم والإنتاج، مع التأكيد على أن التنفيذ النهائي يخضع لرؤية فنية وإخراجية متكاملة يشارك فيها متخصصون مستقلون.
معايير اختيار المخرجين والمكرمين
فيما يتعلق بتكرار اختيار مخرج لرئاسة لجنة التحكيم، أوضح طارق أن المخرج يمتلك “رؤية شاملة” تجمع بين الإبداع والتقييم الفني. وشدد على حرص المهرجان على التنوع في تشكيل اللجان لضمان تعدد وجهات النظر. وبالنسبة لاختيار المكرمين، فقد أكد أن المهرجان يتبع “معايير فنية صارمة” تتعلق بالتأثير في السينما العربية أو العالمية، ومسيرة الفنان، والقيمة التاريخية للتجربة. وأوضح أهمية “التكريمات ذات المعنى التي تتجاوز المجاملة”.
التعاون مع مهرجان بغداد والجدوى الثقافية
واختتم محمد طارق حديثه بالإشارة إلى بروتوكول التعاون مع مهرجان بغداد السينمائي، معتبراً ذلك “خطوة إيجابية”. وأكد أن الحكم على المهرجانات يجب أن يستند إلى “الجدوى الثقافية”، وليس إلى الحجم أو التاريخ، وأن الشراكات تسهم في تعزيز التعاون العربي وتوسيع شبكة التواصل بين صناع السينما. هذا التعاون يثري المشهد السينمائي العربي ويعزز مكانة مهرجان القاهرة السينمائي كمركز للتواصل والتبادل الثقافي.












