الصحة والجمال

أمل جديد لعلاج العمى نهائياً.. زراعة قرنية صناعية بالطباعة ثلاثية الأبعاد

في تطور طبي هائل يبعث الأمل في قلوب الملايين، شهدت امرأة سبعينية استعادة بصرها بفضل قرنية مطبوعة ثلاثية الأبعاد، وهي تقنية ثورية تعتمد على خلايا عين بشرية. هذه الخطوة الناجحة، التي أعلنت عنها شركة “بريسايس بيو” المتخصصة في هذا المجال، تمثل بداية تجربة سريرية واعدة قد تُنهي أزمة نقص القرنيات المتبرع بها عالمياً. تعتبر زراعة القرنية من العمليات الشائعة لاستعادة البصر، ولكن توافر الأنسجة المناسبة يمثل تحدياً كبيراً.

أزمة نقص القرنيات وحلول الطباعة ثلاثية الأبعاد

تعتبر عمليات زراعة القرنية حلاً فعالاً للعديد من حالات فقدان البصر، مثل القرنية التالفة بسبب الإصابات أو الأمراض. ومع ذلك، يعتمد نجاح هذه العمليات بشكل كبير على توافر قرنيات متبرع بها، وهو ما يمثل مشكلة عالمية. فوفقاً للإحصائيات، ينتظر أكثر من 13 مليون شخص حول العالم إجراء عملية زراعة قرنية، بينما لا تتوفر سوى قرنية واحدة لكل 100 مريض. هذا النقص الحاد يؤدي إلى تأخير العلاج وتدهور حالة المرضى، بل وقد يؤدي إلى فقدان البصر بشكل دائم.

هنا يأتي دور الطباعة ثلاثية الأبعاد للقرنيات كحل واعد لهذه الأزمة. تتيح هذه التقنية إنتاج أعداد كبيرة من القرنيات من خلايا قرنية متبرع واحد، مما يزيد بشكل كبير من فرص الحصول على الأنسجة اللازمة للزراعة. تعتمد العملية على استخدام تقنيات الطباعة الحيوية لترسيب الخلايا في شكل طبقات دقيقة، لتكوين قرنية ثلاثية الأبعاد تحاكي القرنية الطبيعية.

تفاصيل التجربة السريرية الناجحة

أجريت الجراحة التاريخية في مستشفى رامبام في إسرائيل، وهو مركز رائد في إجراء التجارب السريرية. تمكن الجراح ميخائيل ميموني، مدير وحدة القرنية في المستشفى ورئيس جمعية القرنية في إسرائيل، من زراعة القرنية المطبوعة بنجاح للمريضة التي كانت تعاني من العمى في إحدى عينيها.

وقال الدكتور ميموني في تصريح له: “لأول مرة في التاريخ، شهدنا قرنية جرى إنتاجها في المختبر، من خلايا بشرية حية، تعيد البصر إلى إنسان.” وأضاف: “كانت لمحة عن مستقبل لن يضطر فيه أحد للعيش في الظلام بسبب نقص الأنسجة المتبرع بها.”

مميزات القرنية المطبوعة ثلاثية الأبعاد

تتميز القرنية المطبوعة بعدة مزايا مقارنة بالقرنيات المتبرع بها تقليدياً، مما يجعلها خياراً علاجياً جذاباً. من بين هذه المزايا:

  • كثافة خلايا عالية: تحتوي القرنية المطبوعة على عدد كبير من الخلايا، مما يعزز من قدرتها على الاندماج مع أنسجة العين المريضة.
  • شفافية بيولوجية: تتميز القرنية المطبوعة بشفافية عالية، مما يسمح بمرور الضوء بشكل طبيعي إلى العين.
  • ثبات ميكانيكي: تتمتع القرنية المطبوعة بقوة ومتانة كافية لتحمل الضغوط الميكانيكية التي تتعرض لها العين.
  • خالية من التلوث: على عكس القرنيات المتبرع بها، فإن القرنية المطبوعة خالية تماماً من أي ملوثات أو أمراض معدية، حيث يتم إنتاجها في بيئة معقمة ومراقبة بشكل دقيق.
  • تقليل خطر الرفض: بما أن القرنية مصنوعة من خلايا بشرية، فإن خطر رفضها من قبل الجهاز المناعي للمريض يكون أقل مقارنة بالقرنيات الحيوانية أو الاصطناعية.

مستقبل زراعة القرنية والآفاق الواعدة

تعتبر هذه التجربة السريرية خطوة مهمة نحو تطوير علاجات جديدة ومبتكرة لأمراض العيون. تخطط شركة “بريسايس بيو” لزراعة ما بين 10 إلى 15 قرنية إضافية لمرضى آخرين خلال الأشهر المقبلة، وذلك كجزء من نفس التجربة السريرية الأولية. وتتوقع الشركة الإعلان عن النتائج الأولية للدراسة في النصف الثاني من عام 2026.

بالإضافة إلى ذلك، تعمل الشركة على تطوير تقنيات جديدة لتحسين عملية الطباعة ثلاثية الأبعاد للقرنيات، مثل استخدام مواد حيوية متوافقة مع أنسجة العين، وتطوير خوارزميات طباعة أكثر دقة وفعالية.

هذا التطور يفتح الباب أمام إمكانية إنتاج قرنيات مخصصة لكل مريض، مما يزيد من فرص نجاح عملية الزراعة ويقلل من خطر حدوث مضاعفات. كما أنه يمثل أملاً جديداً للملايين من الأشخاص الذين يعانون من فقدان البصر بسبب تلف القرنية. زراعة القرنية قد تشهد ثورة حقيقية بفضل هذه التقنية المبتكرة.

القرنية الاصطناعية: بديل آخر قيد التطوير

بالتوازي مع القرنية المطبوعة ثلاثية الأبعاد، هناك جهود بحثية مكثفة لتطوير قرنيات اصطناعية. تعتمد هذه القرنيات على استخدام مواد بوليمرية أو سيراميكية تحاكي خصائص القرنية الطبيعية. على الرغم من أن هذه التقنية لا تزال في مراحلها الأولى، إلا أنها تحمل وعوداً كبيرة في توفير حلول بديلة للمرضى الذين لا يمكنهم الحصول على قرنيات متبرع بها.

في الختام، يمثل التطور الحاصل في مجال الطباعة ثلاثية الأبعاد للقرنيات نقلة نوعية في علاج أمراض العيون. هذه التقنية الواعدة قد تُنهي أزمة نقص القرنيات المتبرع بها، وتعيد الأمل إلى ملايين الأشخاص الذين يعانون من فقدان البصر. نتطلع إلى رؤية المزيد من التقدم في هذا المجال، وإلى أن تصبح هذه التقنية متاحة على نطاق واسع للمرضى في جميع أنحاء العالم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى