شهدت بتكوين خلال الـ 24 ساعة الماضية تقلبات حادة في الأسعار، دفعتها إلى تسجيل أسوأ أداء شهري لها منذ الانهيارات التي ضربت سوق العملات المشفرة في عام 2022. هذا التراجع المفاجئ أثار قلق المستثمرين وأعاد إلى الأذهان المخاوف بشأن استقرار هذه العملة الرقمية الرائدة. فما هي الأسباب وراء هذا الهبوط الحاد، وما هي التوقعات المستقبلية لـ بتكوين؟
تراجع حاد في سعر بتكوين: نظرة على الأرقام
انخفضت أكبر عملة مشفرة في العالم بنسبة 6.4% لتصل إلى 81,629 دولارًا اليوم، قبل أن تستعيد جزءًا من خسائرها. وكانت بتكوين تتداول عند 84,166 دولارًا في الساعة 7:42 صباحًا بتوقيت لندن. وتظهر البيانات أن حجم التصفية لمراكز مالية ممولة بالديون بلغ ملياري دولار إضافية، مما زاد من الضغوط البيعية. ومنذ بداية الشهر الحالي، خسرت بتكوين حوالي 23% من قيمتها، وهو أكبر تراجع شهري منذ يونيو 2022. كما انخفضت العملة بأكثر من 30% عن أعلى مستوى لها الذي سجلته في أوائل أكتوبر.
أسباب هبوط بتكوين: عوامل متعددة
يعود سبب هذا الهبوط الحاد إلى عدة عوامل متداخلة. أولاً، حالة عزوف المستثمرين عن المخاطرة بشكل عام، والتي أدت إلى موجة بيع بدأت في 10 أكتوبر الماضي، وتسببت في خسارة سوق الأصول الرقمية ما يزيد عن تريليون ونصف دولار من قيمتها. ويرى جورج ماندريس، كبير المتداولين في “إكس بي تي أو تريدنغ”، أن “صدمة 10 أكتوبر تبين أنها أطول أمداً بكثير مما تبدو على السطح”، وأنها لا تزال تؤثر على شهية صانعي السوق وقدرتهم على تحمل المخاطر.
مبيعات كبار الحائزين وتأثيرها على السوق
ثانياً، مبيعات كبار الحائزين للعملة المشفرة. يشير جيمس باترفيل، رئيس الأبحاث في “كوين شيرز”، إلى أن “العملات المشفّرة تعاني من مبيعات كثيفة يقودها كبار الحائزين الذين يتبعون سردية دورة الأربع سنوات”. ويضيف أن هؤلاء الحائزين قاموا ببيع أكثر من 20 مليار دولار منذ سبتمبر. هذه المبيعات الكبيرة تزيد من المعروض وتضغط على الأسعار.
غموض السياسة النقدية الأمريكية
ثالثاً، الغموض المحيط بمسار أسعار الفائدة في الولايات المتحدة. يقول جيك أوستروفسكيس، رئيس تداولات “الأوفر ذا كاونتر” في شركة “وينترميوت”، إن “الغموض حول كيفية تحديد الاحتياطي الفيدرالي لسياساته في ظل غياب البيانات يكبح استعداد المستثمرين لتحمل المخاطر”. هذا الغموض يدفع المستثمرين إلى الابتعاد عن الأصول الأكثر مخاطرة مثل بتكوين.
بتكوين تتراجع أمام الذهب والسندات
أدى هبوط بتكوين إلى تراجعها بشكل ملحوظ مقارنة بالأصول الأخرى مثل الذهب والسندات. فالعملة التي كان يُنظر إليها على أنها “ملاذ آمن” تجد نفسها اليوم غير قادرة على مجاراة الأصول الأمريكية الأخرى والذهب. العملات الرقمية هبطت بنحو 30% عن ذروتها المسجلة في 2025، متخلفة عن كل شيء، من أسهم التكنولوجيا إلى أذون الخزانة الأميركية.
نظرة مستقبلية: هل ستتعافى بتكوين؟
على الرغم من هذا التراجع الحاد، لا تزال بتكوين تتداول فوق مستويات ما قبل إعادة انتخاب دونالد ترمب. تشير بيانات الخيارات إلى أن احتمال عودة بتكوين إلى ذروتها القياسية فوق 126 ألف دولار بحلول نهاية العام لا يتجاوز 5%، وفقًا لبيانات منصة “ديريبيت”. وكان صعود بتكوين إلى قمتها التاريخية قائماً على توقعات بخفض أسعار الفائدة وزيادة تبني المؤسسات المالية للعملة المشفرة. يبقى السؤال: هل ستتمكن بتكوين من استعادة عافيتها، أم أن هذا الهبوط هو بداية لمرحلة جديدة من التراجع؟ يتوقف ذلك على تطورات السياسة النقدية الأمريكية، ومستوى تبني المؤسسات للعملة المشفرة، وقدرة المستثمرين على استعادة ثقتهم في هذا الأصل الرقمي المتقلب. الاستثمار في العملات المشفرة ينطوي على مخاطر عالية، ويجب على المستثمرين إجراء أبحاثهم الخاصة قبل اتخاذ أي قرار.
من المهم متابعة تطورات سوق البيتكوين وتحليل العوامل المؤثرة فيه لاتخاذ قرارات استثمارية مستنيرة. هل تعتقد أن بتكوين ستتعافى في المستقبل القريب؟ شاركنا رأيك في التعليقات!
