الفيلم البريطاني “اليعسوب” يفوز بـ”الهرم الذهبي” من مهرجان القاهرة السينمائي

اختتم مهرجان القاهرة السينمائي الدولي في دورته الـ46 فعالياته بحفل ضخم شهد تتويج العديد من الأفلام المتميزة من مختلف أنحاء العالم، بالإضافة إلى تكريم نخبة من صناع السينما البارزين. وكان فيلم “اليعسوب” (Dragonfly) للمخرج البريطاني بول أندرو ويليامز محط الأنظار، حيث حصد جائزة “الهرم الذهبي” كأفضل فيلم روائي طويل، مُؤكداً بذلك مكانةمهرجان القاهرة السينمائي كمنصة لإطلاق الأعمال السينمائية الجديدة واكتشاف المواهب الصاعدة. وشهد الحفل لحظات مؤثرة، خاصةً تلك المتعلقة بالوضع في غزة، مما أضفى عليه بعداً إنسانياً عميقاً.
جوائز المهرجان: تألق سينمائي عربي وعالمي
لم يقتصر التألق على فيلم “اليعسوب” فحسب، بل شهد المهرجان فوز العديد من الأفلام الأخرى بجوائز قيمة. ففيلم “كان يا ما كان في غزة” (Once Upon a Time in Gaza) للمخرجين عرب وطرزان ناصر نال جائزة “الهرم الفضي” كأفضل مخرج، مسلطًا الضوء على القصص الإنسانية المؤثرة من قطاع غزة. كما حصد الفيلم جائزة لأفضل ممثل للممثل مجد عيد. فيلم “بينما نتنفس” (As We Breathe) للمخرج سيموس ألتو فاز بجائزة “الهرم البرونزي” (لجنة التحكيم الخاصة)، بينما ذهبت جائزة “هنري بركات” لأفضل إسهام فني عن التصوير إلى فيلم “مدينة الرمال” (Sand City) للمصور ماثيو جيو مبيني.
تتويج النجوم: أداء متميز في “اليعسوب” و”كان يا ما كان في غزة”
شهد حفل الختام أيضاً تتويجاً للممثلين المتميزين. تقاسم كل من أندريا رايزبورو وبريندا أندرو ويليامز جائزة “أحسن ممثلة” عن أدائهما المتقن في فيلم “اليعسوب”، ما يعكس قوة الأداء التمثيلي في الفيلم. أما جائزة “أحسن ممثل” فقد ذهبت بجدارة لمجد عيد عن دوره المؤثر في فيلم “كان يا ما كان في غزة”. هذه الجوائز تؤكد على أهمية التمثيل كعنصر أساسي في إنجاح أي عمل سينمائي.
سيناريو ووثائقي: تقدير للإبداع في القصة والشكل
إلى جانب الجوائز التمثيلية والإخراجية، كُرِّم أصحاب الإبداع في مجالي السيناريو والوثائقي. فيلم “الأشياء التي تقتلها” (The Things You Kill) للمخرج التركي علي رضا خاتمي فاز بجائزة “نجيب محفوظ” لأفضل سيناريو، ما يشير إلى قوة القصة وأهمية الحبكة الدرامية. أما الفيلم الوثائقي اللبناني “ثريا حبي” للمخرج نيقولا خوري فقد حصد جائزة أفضل فيلم وثائقي، مسلطًا الضوء على قدرة هذا النوع السينمائي على التأثير في وعي الجمهور وتغيير المفاهيم.
مسابقات موازية: فرص جديدة لصناع الأفلام
لم يقتصرمهرجان القاهرة السينمائي على المسابقة الرئيسية، بل تضمن أيضاً مسابقات موازية منحت فرصاً جديدة لصناع الأفلام. في مسابقة أسبوع النقاد الدولية، حصل فيلم “عالم النبات” (The Botanist) للمخرج جينج يي على “تنويهاً خاصاً”، بينما فاز فيلم “في منزل أهلي” (In My Parents House) للمخرج تيم إلريش بجائزة “فتحي فرج”. أما جائزة “شادي عبد السلام” لأحسن فيلم، فقد ذهبت إلى الفيلم الفلسطيني “حبيبي حسين” (Habibi Hussein) للمخرج أليكس بكري.
الفيلم القصير: منصة للمواهب الشابة
شهدت مسابقة الأفلام القصيرة منافسة قوية. فيلم “رقبة منتصبة للغاية” (A Very Straight Neck) للمخرج نيو سورا حصد جائزة لجنة التحكيم الخاصة، بينما فاز فيلم “تيتا وتيتا” (Two Tetas) للمخرجة اللبنانية لين الصفح بجائزة أفضل فيلم عربي قصير. وقد ذهبت جائزة يوسف شاهين لأفضل فيلم قصير إلى الفيلم المغربي “شوارع القاهرة” (Cairo Streets) للمخرج عبد الله الطايع. ووضحت هذه المسابقة أهمية دعمصناعة الأفلام القصيرة كبوابة للدخول إلى عالم السينما.
التأكيد على القيم الإنسانية: رسالة من غزة
وفي لفتة إنسانية مؤثرة، بدأ حفل الختام بعرض صورة الطفلة هند رجب من غزة وصوتها، ليتبعه حديث رئيس المهرجان الفنان حسين فهمي الذي أكد على دور السينما في حفظ الذاكرة وتوثيق الحقيقة. وشدد فهمي على أن قصة هند يجب ألا تُنسى، وأن السينما يجب أن تظل منارة تضيء على المعاناة الإنسانية. هذه اللحظة أبرزت أهميةالمسؤولية الاجتماعية للسينما وقدرتها على إحداث تغيير إيجابي في العالم.
تكريم الرواد: تقدير لمسيرة عطاء طويلة
ضمن فعاليات الحفل، كرم المهرجان ثلاثة من رواد صناعة السينما. تم منح الهرم الذهبي لإنجاز العمر للمخرج الصيني جيانج هو، والكاتبة المجرية الديكو اينييدي، ومدير التصوير المصري محمود عبد السميع. هذا التكريم يعكس تقدير المهرجان لمساهمات هؤلاء الفنانين في إثراء السينما على المستوى العالمي والعربي.
تطلعات مستقبلية: تعاون بين القاهرة والدوحة
أعلن الفنان حسين فهمي عن توقيع اتفاقية تعاون بين مهرجان القاهرة السينمائي ولجنة الأفلام في المدينة الإعلامية – قطر، مؤكداً أن هذا التعاون سيكون مثمراً لصناعة السينما العربية. كما هنأ الشعب القطري على انطلاق فعاليات مهرجان الدوحة السينمائي، معرباً عن تمنياته له بالنجاح والتوفيق.
في الختام، يمكن القول إن الدورة الـ46 لمهرجان القاهرة السينمائي الدولي كانت ناجحة بكل المقاييس، وشهدت تتويجاً لمجموعة متميزة من الأفلام والمبدعين. وقد أثبت المهرجان مرة أخرى أنه منصة هامة لصناع الأفلام، ومحطة رئيسية لعشاق السينما في مصر والعالم العربي.












