برايان ماست آخر معارضي رفع عقوبات سوريا في الكونجرس الأميركي يغير موقفه

في تطور لافت، أعلن رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب الأمريكي الجمهوري، برايان ماست، عن دعمه لرفع العقوبات على سوريا، لكنه أصر على تضمين آلية لإعادة فرضها في حال عدم استيفاء الحكومة السورية لشروط لم يحددها بعد. هذا التصريح، الذي يمثل تراجعًا عن موقفه المتشدد السابق، يأتي في خضم مفاوضات حاسمة في الكونجرس حول مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني (NDAA) والذي يتضمن بندًا يتعلق برفع هذه العقوبات. هذا التحول يعكس ديناميكية جديدة في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، ويضع مستقبل العلاقات بين البلدين على المحك.
موقف ماست والتراجع عن السابق
لطالما عُرف ماست بأنه من أبرز المعارضين لإلغاء العقوبات على سوريا بشكل كامل، ووصفه البعض بـ “العقبة الأخيرة” أمام هذا الإجراء. ومع ذلك، يبدو أنه توصل إلى حل وسط يسمح برفع العقوبات مع الحفاظ على ورقة ضغط محتملة ضد الحكومة السورية. في تصريحات أدلى بها لصحيفة The Hill، أوضح ماست أنه يسعى إلى “وضع آلية، أو نص يشير إلى إعادة فرض العقوبات إذا ما لم يتم الوفاء بعدد معين من الشروط”.
هذا الموقف لا يتعارض بشكل مباشر مع دعم الرئيس دونالد ترامب لإلغاء العقوبات بشكل كامل، كما أشار ماست. لقد التقى ماست بالرئيس السوري أحمد الشرع في واشنطن في العاشر من نوفمبر الجاري، وهو ما يعكس فتح قنوات اتصال غير مسبوقة.
دوافع هذا التغيير في الموقف
يأتي هذا التغيير في موقف ماست بعد زيارة الرئيس السوري أحمد الشرع لواشنطن ولقائه بالرئيس ترامب. تشير التسريبات إلى أن هذه اللقاءات كانت مثمرة، وتم خلالها بحث سبل تحسين العلاقات بين البلدين. بالإضافة إلى ذلك، قد يكون ماست قد تعرض لضغوط من داخل الحزب الجمهوري ومن إدارة ترامب لتقديم تنازلات من أجل تمرير مشروع القانون.
دعم ترامب والجدل الدائر حول العقوبات
الرئيس دونالد ترامب كان صريحًا في دعمه لإلغاء العقوبات على سوريا، واصفًا الرئيس الشرع بأنه “قائد قوي للغاية” ومؤكدًا على وجود علاقة جيدة بينهما. كما عبر عن استعداده لبذل كل ما في وسعه لمساعدة سوريا على تحقيق النجاح. يدفع ترامب، بالإضافة إلى الشرع والعديد من أعضاء الكونجرس، باتجاه هذا الإلغاء منذ فترة، معتبرين أنه خطوة ضرورية لإعادة بناء سوريا وتحسين أوضاع الشعب السوري.
لكن هذا الدعم يواجه معارضة شديدة من بعض الأطراف في الكونجرس، الذين يرى بعضهم أن رفع العقوبات سيكون بمثابة مكافأة للنظام السوري دون تحقيق أي تقدم حقيقي على صعيد الإصلاحات السياسية وحقوق الإنسان. كما يخشون من أن يؤدي الإلغاء الكامل للعقوبات إلى إرسال رسالة خاطئة إلى المجتمع الدولي، وتقويض جهود محاسبة النظام السوري على جرائمه.
المخاوف من الشروط غير المحددة وتأثيرها على الاستثمار
يشير تقرير The Hill إلى أن دعوة ماست لفرض “شروط” غير محددة يجب على سوريا تلبيتها قد تواجه اعتراضات من مؤيدي الإلغاء. هؤلاء يزعمون أن أي تهديد بإعادة فرض العقوبات على سوريا سيؤدي إلى إحجام الشركات الأمريكية والدول الحليفة عن الاستثمار في سوريا، خوفًا من التعرض لمخالفات محتملة.
هناك قلق حقيقي من أن عدم اليقين بشأن مستقبل العقوبات سيخلق بيئة استثمارية غير مواتية، مما قد يعيق جهود إعادة الإعمار والتعافي في سوريا. يرى بعض الخبراء أنه من الأفضل رفع العقوبات بشكل كامل وتقديم حوافز للاستثمار، بدلاً من إبقاء سيف العقوبات معلقًا فوق رأس المستثمرين.
مفاوضات الكونجرس ومستقبل العلاقات الأمريكية السورية
تجري حاليًا مفاوضات مكثفة بين مجلسي النواب والشيوخ الأمريكيين لإتمام صياغة مشروع قانون تفويض الدفاع الوطني (NDAA) بحلول نهاية يوم الجمعة. يعتبر بند رفع العقوبات على سوريا من أبرز البنود المثيرة للجدل في هذا المشروع.
يتواصل ماست بشكل مستمر مع البيت الأبيض لمناقشة هذا الملف، حسبما صرح هو نفسه. مستقبل هذا البند، وبالتالي مستقبل العلاقات الأمريكية السورية، يعتمد على نتائج هذه المفاوضات. وإن كان من الواضح أن هناك رغبة قوية في إحداث تغيير في السياسة الأمريكية تجاه سوريا، إلا أن التحديات لا تزال كبيرة، والمعارضة قوية.
دعوات أخرى لرفع العقوبات
تأتي تصريحات ماست وتصريحات ترامب في أعقاب دعوة مماثلة من المبعوث الأمريكي إلى سوريا، توم براك. دعا براك الكونجرس الأمريكي إلى اتخاذ “خطوة تاريخية” برفع عقوبات قيصر عن سوريا، واصفًا إياها بأنها فرصة حقيقية لدمشق. هذا التنسيق بين مختلف الجهات المعنية يعزز من فرص رفع العقوبات، ولكنه لا يضمنه بالضرورة.
في الختام، يمثل موقف ماست تطورًا هامًا في المشهد السياسي الأمريكي تجاه سوريا. في حين أن دعمه لرفع العقوبات يمثل تقدمًا نحو تحسين العلاقات الثنائية، فإن إصراره على تضمين آلية إعادة فرضها يثير تساؤلات حول مدى جدية هذا التحول. يتعين على الكونجرس الأمريكي أن يوازن بين مصالح بلاده ومصالح الشعب السوري، وأن يتخذ قرارًا يخدم الاستقرار والازدهار في المنطقة. يبقى السؤال حول ما إذا كانت الشروط التي سيتم تحديدها ستكون عادلة وقابلة للتحقيق.
الكلمات المفتاحية:
- العقوبات على سوريا
- عقوبات قيصر
- مشروع قانون الدفاع الوطني (NDAA)
- الرئيس أحمد الشرع
- الرئيس دونالد ترامب












