البحرية الأميركية تسعى لانتشال طائرتين من بحر الصين الجنوبي خوفاً من وصول بكين إليهما

في محاولة محمومة، تسعى البحرية الأمريكية إلى استعادة حطام طائرتين عسكريتين من قاع بحر الصين الجنوبي، وذلك وسط مخاوف متزايدة من أن تصل الصين إلى هذه الحطام أولاً. هذه الخطوة تأتي بعد تحطم مقاتلة F/A-18 سوبر هورنت ومروحية MH-60 خلال عمليات روتينية في أواخر أكتوبر الماضي، مما أثار حالة من التوتر في المنطقة.
تفاصيل الحادث وجهود الإنقاذ
تحطمت الطائرتان خلال فترة زمنية قصيرة، حوالي 30 دقيقة، أثناء انطلاقهما من على متن حاملة الطائرات يو إس إس نيميتز. وعلى الرغم من عدم وجود أسباب رسمية معلنة للحادثين حتى الآن، إلا أن الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب رجح أن يكون السبب هو الوقود الملوث. لحسن الحظ، تمكنت البحرية الأمريكية من إنقاذ طاقم الطائرتين بأمان.
وفي بيان لشبكة CNN، أكدت البحرية الأمريكية أن سفينة إنقاذ، وهي يو إس إن إس سالفور (USNS SALVOR T-ARS-52)، تعمل حاليًا في بحر الصين الجنوبي لجهود الاستعادة، دون الكشف عن الموقع الدقيق لتحطم الطائرتين أو مكان السفينة. صرح القائد ماثيو كومر، المتحدث باسم الأسطول السابع في اليابان، بأن السفينة تقوم بعمليات لدعم جهود الاستعادة.
سباق مع الزمن: لماذا تسعى واشنطن للاستعادة؟
تعتبر عملية الاستعادة هذه سباقًا مع الزمن، فالخبراء الأمريكيون يحذرون من أن وصول الصين إلى حطام الطائرتين قد يمنحها معلومات استخباراتية حساسة. على الرغم من أن الطائرتين ليستا من أحدث أجيال الأسطول الأمريكي، إلا أن هيكلهما وأنظمتهما التي نجت من التحطم يمكن أن توفر رؤى قيمة حول قدراتها التقنية وكيفية مواجهتها تكتيكيًا.
معلومات استخباراتية قيمة في متناول بكين
يقول كارل شوستر، الرئيس السابق لمركز الاستخبارات المشتركة في قيادة المحيط الهادئ الأمريكية، إن الحصول على هيكل الطائرة والأنظمة التي نجت من التحطم سيوفر فهمًا عميقًا لقدراتها التقنية. ويضيف أن الصين لم يسبق لها أن حصلت على هيكل طائرة F/A-18، وإذا حدث ذلك، فقد تستخدم هذه المعلومات لتطوير مقاتلاتها البحرية J-15T.
بالإضافة إلى ذلك، تحمل مروحية MH-60 أنظمة حرب مضادة للغواصات يُعتقد أنها أكثر تطوراً من الأنظمة الصينية الحالية. وبالنظر إلى أن الصين تولي حاليًا أولوية لتحديث قدراتها في هذا المجال، فإن استعادة هذه المروحية ستكون ذات أهمية بالغة بالنسبة لها.
رد فعل الصين وعرض المساعدة
في تطور لافت، عرضت الصين تقديم المساعدة للولايات المتحدة بعد الحادثين. ومع ذلك، أشار المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية إلى أن الحادثين وقعا خلال “تدريبات عسكرية أمريكية” في المنطقة المتنازع عليها. كما أكد المتحدث أن الولايات المتحدة “تستعرض قوتها” بإرسال سفنها وطائراتها العسكرية إلى بحر الصين الجنوبي بشكل متكرر، وهو ما يعتبره السبب الجذري لمشاكل الأمن في المنطقة.
سياق أوسع: التوترات في بحر الصين الجنوبي
تأتي هذه الجهود في سياق التوترات المتصاعدة في بحر الصين الجنوبي، حيث تطالب بكين بالسيادة على معظم هذه المنطقة، وهو ما يتعارض مع حكم صادر عن محكمة دولية. وقد عززت الصين مطالبها الإقليمية على مدى العقدين الماضيين من خلال بناء منشآت عسكرية على جزر وشعاب متنازع عليها.
وتعتبر الولايات المتحدة هذه التحركات تهديدًا لحرية الملاحة في ممر مائي حيوي يمر عبره حجم تجارة عالمي يقدر بتريليونات الدولارات سنويًا. لذلك، تحافظ القوات الأمريكية على وجود مستمر في المنطقة “لمواجهة المطالب الصينية ودعم الحلفاء والشركاء”.
تجربة سابقة: استعادة مقاتلة F-35
تذكرنا هذه الجهود بمهمة مماثلة في عام 2022، عندما تحطمت مقاتلة F-35، وهي الأكثر تقدمًا في أسطول البحرية الأمريكية، أثناء محاولة الهبوط على حاملة الطائرات يو إس إس كارل فنسون. تمكنت البحرية الأمريكية من انتشال الحطام من عمق 3,700 متر.
التحديات والمخاطر المحتملة
على الرغم من قدرات سفينة الإنقاذ يو إس إن إس سالفور، التي تستطيع رفع أجسام يصل وزنها إلى 300 طن، إلا أن هناك تحديات كبيرة تواجه عملية الاستعادة. يشير شوستر إلى أن الصين تتمتع بميزة القرب الجغرافي، وإذا حولت الأمر إلى سباق، فقد تحاول عرقلة جهود الاستعادة الأمريكية.
في الختام، تمثل جهود البحرية الأمريكية لاستعادة حطام الطائرتين في بحر الصين الجنوبي خطوة حاسمة لحماية المعلومات الاستخباراتية الحساسة ومنع وصولها إلى الصين. ومع استمرار التوترات في المنطقة، من المتوقع أن تشهد هذه القضية تطورات إضافية في المستقبل القريب. من الضروري متابعة هذه التطورات لفهم تأثيرها على الأمن الإقليمي والعلاقات بين الولايات المتحدة والصين.












