مهرجان القاهرة يفتتح دورته الـ46 بـ150 فيلماً ومبادرة لترميم تراث السينما

شهد المسرح الكبير بدار الأوبرا المصرية، مساء الأربعاء، افتتاح الدورة السادسة والأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي، في حفل بهيج حضره نخبة من نجوم وصناع السينما العرب والدوليين. يستمر هذا الحدث السينمائي الهام حتى 21 نوفمبر الجاري، واعداً بتقديم مجموعة متنوعة من الأفلام والفعاليات التي تثري المشهد الثقافي في مصر والمنطقة. تأتي هذه الدورة محملة بطموحات كبيرة لتعزيز مكانة المهرجان كمنصة رئيسية لدعم صناعة السينما وصون تاريخها العريق.
انطلاقة الدورة الـ 46: رسائل فنية وثقافية
لم يكن افتتاح مهرجان القاهرة السينمائي الدولي مجرد حفل تقليدي، بل كان بمثابة إعلان عن رؤية جديدة للمهرجان. بدأت فعاليات الحفل بعرض موسيقي استعراضي مذهل قدمه الفنان العالمي ساشو، مستخدماً تقنيات الليزر الحديثة، مما عكس التوجه نحو دمج الحداثة والتكنولوجيا في عالم السينما. هذا العرض البصري المبتكر كان بمثابة مقدمة قوية لما ينتظر الجمهور من فعاليات وأفلام خلال أيام المهرجان.
كلمات ملهمة من رواد السينما المصرية
توالت الكلمات في الحفل، بدءاً برئيس المهرجان الفنان حسين فهمي، الذي أعرب عن فخره بقدرة مصر الدائمة على الإبداع. وأكد فهمي أن مصر تدخل عصراً ذهبياً جديداً في مجال السينما، وأن الفن السابع سيكون له دور محوري في التعبير عن قضايا المجتمع وتطلعاته. ولم يغفل فهمي الإشارة إلى أهمية الحفاظ على التراث السينمائي المصري، حيث أعلن عن مبادرة طموحة لترميم كنوز السينما المصرية القديمة.
من جانبه، ألقى وزير الثقافة الدكتور أحمد فؤاد هنو كلمة عميقة، أكد فيها أن كاميرا السينما لا تسجل الأحداث فحسب، بل توثق لحظات لا يمحوها التاريخ. وأضاف أن السينما تخلق للحياة حياة أخرى، وأن الفن الحقيقي لا يقتصر على الشاشة، بل يعيش في قلوب وعقول الشعوب، ويساهم في بناء الوعي وصياغة الذاكرة الجماعية.
تكريم الراحلين ونجوم الزمن الجميل
خصص مهرجان القاهرة السينمائي جزءاً من حفل الافتتاح لتكريم رموز الفن الذين رحلوا عنا هذا العام، والذين تركوا بصمة لا تمحى في تاريخ السينما المصرية. تم تكريم كل من نبيل الحلفاوي، سميحة أيوب، لطفي لبيب، سليمان عيد، مدير التصوير تيمور تيمور، المخرج سامح عبد العزيز، والسيناريست أحمد عبد الله، عرفاناً بجميل عطائهم وإسهاماتهم الفنية.
جوائز تقديرية ورسائل إلهام للمبدعين الشباب
شهد الحفل أيضاً تكريم عدد من الشخصيات السينمائية البارزة. تم منح المخرج التركي العالمي نوري بيلجي جيلان، رئيس لجنة تحكيم مسابقة الأفلام الطويلة، جائزة تقديرية لمسيرته الفنية المتميزة. كما تم تكريم الفنان خالد النبوي بجائزة فاتن حمامة للتميز، وهي جائزة تعبر عن تقدير المهرجان لموهبته وإبداعه. النبوي أهدى الجائزة إلى عائلته وأساتذته، مؤكداً على شغفه الدائم بالسينما، وقدم نصيحة قيمة للمبدعين الشباب: “كن مختلفاً ولو صرت وحيداً”.
أما المخرج الكبير محمد عبد العزيز، الحاصل على جائزة إنجاز العمر، فقد أعرب عن سعادته الغامرة بهذا التكريم الذي يعتبره لحظة لا تُنسى في مسيرته الطويلة. وأكد أن السينما هي مهنة لا تعرف المستحيل، وأنها تمنح كل من يخلص لها أكثر مما يعطيها.
دعم الصناعة السينمائية: دور متزايد للمهرجانات
وفي سياق متصل، أكد المنتج جابي خوري على الدور المتزايد للمهرجانات السينمائية في دعم صناعة الأفلام. وأوضح أن المهرجانات لم تعد مجرد منصات لعرض الأفلام والتنافس عليها، بل أصبحت شريكاً أساسياً في تمويل المشاريع السينمائية من خلال برامج الدعم المختلفة التي تقدمها. وأشار إلى أن مهرجان القاهرة السينمائي كان له دور فعال في ظهور العديد من الأفلام المصرية التي حققت نجاحاً دولياً في السنوات الأخيرة.
كما لفت خوري إلى أن منصات الدعم التي ينظمها المهرجان تعتبر مصدراً هاماً للتمويل، خاصة للأفلام المستقلة، مما يتيح لها فرصة للمشاركة في مهرجانات عالمية أخرى وبناء شراكات جديدة.
مهرجان القاهرة السينمائي: واجهة السينما العربية
المخرج المصري يسري نصرالله أكد أن مهرجان القاهرة السينمائي الدولي هو الواجهة الأهم للسينما العربية، مشيراً إلى أنه المهرجان الوحيد في الشرق الأوسط الحاصل على صفة الدولية من الاتحاد الدولي للمنتجين (FIAPF). وأعرب عن فخره بتكريمه من المهرجان، معتبراً أنه التكريم الأغلى في مسيرته السينمائية، لما يحمله من رمزية وتاريخ عريق.
بشكل عام، تعد الدورة السادسة والأربعين من مهرجان القاهرة السينمائي الدولي بمثابة نقطة انطلاق جديدة لصناعة السينما في مصر والمنطقة، وستساهم في تعزيز الحوار الثقافي وتشجيع الإبداع والابتكار في هذا المجال الحيوي. نتطلع إلى رؤية أفلام متميزة وفعاليات شيقة خلال أيام المهرجان، ونتمنى أن يحقق أهدافه في دعم السينما وصون تراثها.












