منوعات

الألم المزمن يزيد خطر ارتفاع ضغط الدم.. دراسة بريطانية تحذر

يعتبر الألم المزمن من المشكلات الصحية الشائعة التي تؤثر على جودة حياة الملايين حول العالم. لكن الجديد في هذا المجال ليس فقط المعاناة الناتجة عن الألم نفسه، بل ما كشفت عنه دراسة حديثة حول ارتباطه الوثيق بزيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم. هذه الدراسة، التي اعتمدت على بيانات واسعة النطاق، تلقي الضوء على علاقة معقدة تتجاوز مجرد الشعور بالألم، وتشمل عوامل نفسية وجسدية أخرى مثل الاكتئاب والالتهابات. فهم هذه العلاقة ضروري لاتخاذ خطوات وقائية وعلاجية فعالة.

الألم المزمن وارتفاع ضغط الدم: ما كشفت عنه الدراسة؟

اعتمدت الدراسة المنشورة على بيانات “البنك الحيوي البريطاني” والتي تشمل بيانات أكثر من 500 ألف بالغ. تم تحليل بيانات 206,963 شخصًا، وتمت متابعة حالتهم الصحية لمدة 13.5 عامًا. ركز الباحثون على تقييم تأثير الألم المزمن على مستويات ضغط الدم، مع الأخذ في الاعتبار أيضًا مستويات الاكتئاب والالتهاب لدى المشاركين.

النتائج كانت مقلقة، حيث أظهرت أن الأفراد الذين يعانون من ألم مزمن في مناطق متعددة من الجسم كانوا أكثر عرضة للإصابة بارتفاع ضغط الدم بنسبة تصل إلى 75% مقارنةً بأولئك الذين لم يعانوا من الألم أو عانوا من ألم عابر أو محدود في منطقة معينة. هذه النسبة المرتفعة تشير إلى وجود ارتباط قوي يستدعي المزيد من البحث والاهتمام.

تأثير مواقع الألم المختلفة

لم يقتصر الأمر على انتشار الألم، بل تبين أن مواقع الألم أيضًا تلعب دورًا هامًا. فقد ارتبط الألم المزمن في مناطق محددة مثل البطن والرقبة والظهر بزيادة خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم بنسب تتراوح بين 16% و 43%. هذا يشير إلى أن الألم في هذه المناطق قد يكون مرتبطًا بآليات فسيولوجية معينة تساهم في ارتفاع ضغط الدم.

دور الاكتئاب والالتهابات في هذه العلاقة

لم يكن الألم المزمن العامل الوحيد المسبب لارتفاع ضغط الدم في هذه الدراسة. بل أظهرت النتائج أن الاكتئاب والالتهابات يلعبان دورًا هامًا في هذه العلاقة. وقد قدر الباحثون أن هذه العوامل مسؤولة عن حوالي 11.7% من الرابط بين الألم المزمن وارتفاع ضغط الدم.

الدكتورة جيل بيل، الباحثة الرئيسية في الدراسة وأستاذة الصحة العامة بجامعة غلاسكو، أوضحت أن “كلما اتسع نطاق الألم المزمن، زاد خطر الإصابة بارتفاع ضغط الدم. يمكن للألم المزمن أن يؤدي إلى الاكتئاب، والذي بدوره يعزز من احتمالية ارتفاع الضغط. ومن هنا تكمن أهمية الكشف المبكر عن الاكتئاب وعلاجه”. هذه النقطة تسلط الضوء على أهمية اتباع نهج شامل في علاج الألم المزمن، يشمل الجوانب النفسية والجسدية.

فهم أعمق وتوصيات مستقبلية

الدكتور دانيال دبليو جونز، أستاذ الطب بجامعة ميسيسيبي، أكد أن هذه الدراسة تعزز فهمنا لكيفية تأثير الألم المزمن على ضغط الدم على المدى الطويل. ودعا إلى إجراء المزيد من الدراسات لتحديد تأثير العلاجات المختلفة للألم المزمن على ضغط الدم. كما حذر من الانتباه إلى استخدام مضادات الالتهاب غير الستيرويدية (NSAIDs) مثل الإيبوبروفين، والتي قد ترفع ضغط الدم أيضًا.

حدود الدراسة واعتبارات إضافية

في حين أن الدراسة تقدم رؤى قيمة، إلا أن الباحثين أشاروا إلى بعض القيود. أولاً، اعتمدت الدراسة بشكل أساسي على بيانات بالغين من البيض في المملكة المتحدة، مما قد يحد من إمكانية تعميم النتائج على مجموعات عرقية أو ثقافية أخرى. ثانيًا، تم الاعتماد على تقارير ذاتية للألم، وهو ما قد يؤثر على دقة النتائج. ومع ذلك، على الرغم من هذه القيود، تبقى الدراسة مساهمة قيّمة في فهم العلاقة بين الألم المزمن والصحة القلبية الوعائية.

بالإضافة إلى ذلك، يجب على المرضى الذين يعانون من ألم مزمن مراقبة ضغط الدم بانتظام وإجراء فحوصات دورية للكشف عن أي ارتفاع في الضغط. كما يجب عليهم مناقشة خيارات العلاج مع طبيبهم، بما في ذلك العلاجات الدوائية وغير الدوائية، مع الأخذ في الاعتبار الآثار الجانبية المحتملة لكل علاج.

في الختام، هذه الدراسة تؤكد على أهمية معالجة الألم المزمن بشكل شامل، مع الأخذ في الاعتبار ليس فقط الألم نفسه، بل أيضًا العوامل النفسية والجسدية المرتبطة به. الوقاية والكشف المبكر والعلاج الفعال هما المفتاح للحفاظ على صحة القلب والأوعية الدموية وتحسين جودة الحياة للأشخاص الذين يعانون من هذه المشكلة الصحية الشائعة. هل تعاني من ألم مزمن؟ تحدث مع طبيبك اليوم لمناقشة المخاطر المحتملة واتخاذ خطوات لحماية صحتك.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى