لضمان ولائهم.. ترامب لايزال يرشح حلفاءه لشغل المناصب العليا
من الواضح أن الرئيس الأميركي المنتخب، دونالد ترامب، لايزال ملتزماً بإحاطة نفسه بمجموعة من الحلفاء الموالين له في المناصب العليا حتى لو كانت خبرتهم في المجال السياسي هشة للغاية، ويبدو أن السمة الأكثر أهمية التي تميز هؤلاء هي الولاء الكبير لترامب.
ومن الأمثلة على ذلك، مقدم برامج في محطة «فوكس نيوز» التلفزيونية،
بيت هيغسيث، المتهم بالتحرش بامرأة، الأمر الذي ينكره هيغسيث، وقد رشحه ترامب أخيراً لشغل منصب وزير الدفاع، إضافة إلى روبرت إف. كينيدي الابن، الذي ينتقد سياسة اللقاحات في الولايات المتحدة، وتم ترشيحه لمنصب وزير الصحة.
وكان كينيدي الابن مرشحاً لرئاسة الجمهورية ومعروفاً بانتقاداته اللاذعة لترامب في الماضي، وعندما تنازل عن ترشحه ووضع كل دعمه خلف المرشح الجمهوري ترامب قال كينيدي الابن إنه كان مندهشاً لأن هناك الكثير من الأشياء المشتركة بينه وبين ترامب.
أما الشخص الآخر الذي اختاره ترامب فهو رجل الأعمال والملياردير، إيلون ماسك، الذي رشحه لقيادة وزارة الفعالية الحكومية، وهي ليست وزارة في واقع الأمر، وإنما هي مجموعة من الخبراء الاستشاريين.
وفضلاً عن ذلك تم اختيار المحامي تشارلز كوشنر، وهو مفصول من نقابة المحامين في ثلاث ولايات، كما أنه يعمل في مجال التطوير العقاري، سفيراً للولايات المتحدة لدى فرنسا.
تشكيلة من الأصحاب
ويبدو الرئيس الأميركي القادم حريصاً على وضع تشكيلة في فريقه الحاكم عبارة عن أصحابه كي ينال رضاهم ودعمهم، خصوصاً أنهم لا يعتقدون أن المؤسسة الحاكمة قادرة على تحقيق التغيير الحقيقي في الولايات المتحدة، لكن من الممكن أن يستخدم ترامب استراتيجية قام بتوظيفها على نحو شائع الحكام الذين يحكمون بسلطة مركزية ومستبدة على نحو كبير. ويشعر العديد من القادة المستبدين بالقلق من إمكانية إبعادهم عن السلطة، ولذلك يختارون إحاطة أنفسهم بمجموعة من الموظفين الموالين والأصدقاء، وأفراد العائلة والمقربين الذين يثق بهم إلى حد كبير، بدلاً من السياسيين أصحاب الكفاءة والخبرة في مجالات الحكم لمختلف الوزارات، وهم يبحثون عن اختبارات الولاء كما رأينا مع روبرت كينيدي الابن الذي تناول الوجبات السريعة مع ترامب على الرغم من أنه يوجه انتقادات لاذعة للوجبات المصنعة، ويعتبرها مضرة بالصحة، وينصح بعدم تناولها، وربما يكون لدى ترامب أسباب استراتيجية للقيام بمثل هذه الترشيحات، لكن مثل هذا النهج يترافق عادة مع المخاطر وربما لن يؤدي إلى الغرض المقصود منه.
الولاء أو الحقيقة
في الأنظمة الاستبدادية تشكّل الخيانة، وليس عدم الكفاءة، التهديد الأعظم للحاكم، ويكون السياسيون المتمرسون عادة أكثر ميلاً إلى خيانة الزعيم، لأنهم أكثر قدرة على تقييم فرص نجاح المؤامرة المحتملة لإزاحته عن السلطة.
ويمكن أن يعتمد السياسيون أصحاب الكفاءة على إمكانية حصولهم على المكافآت والتكريم لدى حصولهم على مناصب جديدة في أية إدارة مستقبلية، ما يجعلهم أكثر استعداداً للمخاطرة لاتخاذ القرارات المحفوفة بالمخاطر، ما يقلل من ولائهم للزعيم.
ومن ناحية أخرى سيجد المستشارون غير الأكفاء أنه من الصعوبة ضمان حياة مهنية بديلة إذا فشلت الإدارة القائمة، وهذا ما يجعلهم أكثر ولاء للقادة الذين وضعوهم في مواقع السلطة، لأنهم يدينون لفرد واحد لما هم عليه من المناصب العليا أو الوزارية، وبالطبع هذا الفرد هو الزعيم، ولهذا فمن غير المرجح أن يخونوا قائدهم وينتقلوا إلى طرف خصومه.
وبالطبع فإن فشل هذا القائد في تحقيق المهمة المنوطة به في العديد من الجبهات مثل الاقتصاد والصحة والتعليم والقضايا الأخرى سيكون بالتأكيد فشلهم هم أيضاً.
تكتيك استبدادي
وعلى الرغم من أن ترامب جاء إلى منصب رئيس الولايات المتحدة في سياق ديمقراطي فإنه ربما سيكون حريصاً على استخدام التكتيك الاستبدادي لتجنب أخطاء الماضي، وبعد ولايته الرئاسية السابقة التي استمرت بين عامي 2016 و2020 انقلب معظم أعضاء إدارته ضده في نهاية المطاف، ويتضمن ذلك نائبه مايك بنس، ووزير العدل في إدارته بيل بار، واثنين من وزراء الدفاع في إدارته هما جيمس ماتيس ومارك إسبر.
وأدى ذلك إلى تدمير كبير في سمعته، ما جعله أكثر ضعفاً وأقل قدرة على الإقناع، وعلى الرغم من أنها المرة الأخيرة التي يستطيع فيها الترشح لمنصب رئيس الولايات المتحدة فإنه من الواضح أن الولاء السياسي لايزال يعتبر مسألة مهمة بالنسبة له، وربما يشعر ترامب بأن إرثه السياسي ضمن الحزب الجمهوري يعتمد على إدارة موحدة تكرس نفسها من أجل تحقيق الكثير من النجاحات له وللشعب الأميركي على الصعد كافة سواء المحلية أو الخارجية.
أشخاص مطيعون
قد تؤدي استراتيجية ترامب في توظيف أشخاص مطيعين للغاية إلى رئاسة أكثر سلاسة بعيدة عن الصراعات بين ترامب ومساعديه، ويرى بعض الخبراء أن الرجال المطيعين و«المتملقين» كانوا هم المسؤولين عن حرب أوكرانيا، وكان مستشارو الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يخشون معارضته ويقولون له إن العملية العسكرية في أوكرانيا ستكون عملية عسكرية طويلة الأمد، وينجم عنها الكثير من الأضرار وسفك الدماء بين الطرفين.
وعلى الرغم من أنه لا يمكن مقارنة مستقبل بوتين بمستقبل ترامب، فإن الرؤساء الأميركيين يتمتعون بالفعل بدرجة عالية من الاستقلالية، وهناك دلائل تشير إلى أن ترامب قد يبحث عن المزيد من السلطات الرئاسية.
وخلال فترة حكمه الأولى كرئيس للولايات المتحدة، وعلى الرغم من التحديات التي يشكلها الكونغرس الذي يسيطر عليه الديمقراطيون، كان ترامب قادراً على اتخاذ عدد من القرارات المثيرة للجدل، فقد بدأ حرباً تجارية مع الصين، وانسحب من الاتفاقية النووية مع إيران، كما انسحب أيضاً من اتفاقية باريس لتغير المناخ.
لكن هذه المرة أصبحت المخاطر أعلى، إذ يواجه الغرب خطر الصراع مع روسيا دون تحقيق أي من أهداف هذه الحرب، في حين أن إسرائيل وإيران باتت الأمور بينهما متفجرة. عن «ذي كونفرزيشن»
دور القيادة
يتعين على الرئيس المنتخب، دونالد ترامب، أن يختار كيف يتعامل مع الحروب في أوكرانيا والشرق الأوسط، وأن يقرر ما إذا كانت الولايات المتحدة ستواصل لعب دور القيادة ضمن حلف شمال الأطلسي (الناتو)، لكن هذه الولاية الثانية التي فاز بها ترامب تختلف عن سابقتها، إذ إنه سيواجه القليل من العقبات في الكونغرس، بالنظر إلى أن الحزب الجمهوري يسيطر عليه، ويعمل إلى جانبه بقوة، ولن يجد أي صعوبة في تمرير القرارات والقوانين التي يراها مناسبة لحكمه، ويرغب في اتخاذها لتسهيل ما يريد تحقيقه، وبناء عليه ففي هذا العالم المليء بالمخاطر والمفاجآت، يتعين على ترامب أن يختار مستشاريه ومساعديه بعناية وانتباه كبيرين.
. الرئيس الأميركي القادم حريص على وضع تشكيلة في فريقه الحاكم تضم أصحابه كي ينال رضاهم ودعمهم.