07:23 م
الجمعة 29 نوفمبر 2024
كتب – محمد شعبان:
معالج روحاني فيديوهاته ضجت بها مواقع التواصل الاجتماعي، يتبارى مقدمو البرامج لاستضافته لتحقيق نسبة مشاهدات عالية يزعم فيها قدرته على علاج أعمال السحر والنتيجة سقوط مزيد من الضحايا.
“عزت.أ” نصب شباكه منتظرًا تناول فريسته الطُعم ومن ثم دخولها المصيدة ليتحكم فيها كخاتم فضة يزين إصبع الخنصر بيده اليسرى ليفعل معها ما يريد وصولا إلى السقوط في المحظور.
داخل شقة بسيطة بمنطقة الهرم غرب الجيزة، جلست “هناء” تتنقل بالريموت كنترول بين القنوات بحثًا عن شئ يكسر حالة الملل وتنسى معه حالتها النفسية السيئة.
حظها العاثر ساقها إلى قدرها المحتوم، توقفت عند برنامج تقدمه ممثلة عبر إحدى القنوات تستضيف فيه “مولانا” يستعرض قدراته الروحانية في فك العمل وجلب الحبيب ورد المطلقة كما هو الحال لـ”هناء”.
كلمات المعالج الروحاني المزعوم جذبت انتباه السيدة الأربعينية، أمسكت هاتفها وبحثت عنه وصولا إلى صفحة أسسها عبر موقع فيسبوك يروج فيها لنشاطه غير الشرعي.
لم تتردد “هناء” في الاتصال بالأرقام المرفقة بالصفحة وحصلت على موعد مقابلة مع المعالج الروحاني “عزت”. فور دخولها صومعته شعرت بانقباض قلبها كما لو يحدثها بما ستؤول إليه الأحداث.
بصوت مرتعش ونبرة متوسطة روت “هناء” معاناتها النفسية “حياتي مدمرة يا مولانا.. البيت في عفاريت.. بيطلعوا لي كل شوية ومش سايبني في حالي” هكذا أخبرته بمعضلتها طالبة إياه بتخليصها منه “كل طلباتك مجابة”.
لثوان معدودة التزم “عزت” الصمت، تظاهر بتأمله في سقف الغرفة كما لو أنه ينتظر الوحي من السماء قبل أن يخبرها بالطامة الكبرى “حد عاملك 6 أعمال.. 3 فوق و3 تحت”.
وجه السيدة أصبح أقرب للأحمر الوردي من الخوف لكن حاول المعالج الروحاني الشهير طمأنها ومنحها بصيص أمل لتعافيها من أزمتها “متقلقيش موضوعك دا بسيط وحله عندي بس انت توافقي على شروطي”.
دون تردد وافقت “هناء” على حديث المعالج الروحاني المثير للجدل “كل اللي هتقوله هعمله” إلا أنها لم تتوقع ما سينطق به لسان “الساحر المكار” الذي ألقى في وجهها قنبلة مدوية “لازم نتجوز عرفي علشان أطلع العفاريت لأنهم هيخافوا مني”.
بعد نقاش سريع، امتثلت السيدة لطلب المعالج الروحاني، فتزوجا عرفيًا دون شهود ومارس معها الجنس. بعد 4 ساعات زف إليها الخبر السار “كده أنا فكيت لك 5 أعمال.. فاضل واحد بس دا هيكلفك 20 ألف جنيه”.
حديث المعالج الروحاني -غير المنطقي- لقي قبولا لدى “هناء” لاسيما معاناتها بعد طلاقها عن زوجها ورغبتها في استنئاف حياتها مجددًا. وبالفعل أحضرت له المبلغ المطلوب وغادرت إلى بيتها والفرحة والسعادة تغمرها إلا أن ما خفي كان أعظم.
“ابن الـ… بيضحك عليا ويتجوزني عرفي وياخد فلوسي و3 فوق و3 تحت وفي الآخر كل حاجة زي ما هي” هكذا اكتشفت “هناء” سقوطها ضحية المعالج الروحاني النصاب لدى عودتها إلى مسكنها.
وفي وقت غمرت الفرحة قلب المعالج الروحاني “عزت” لنجاح خطته الشيطانية توجهت “هناء” إلى قسم شرطة الهرم وطلبت مقابلة رئيس المباحث “عايزاه في أمر حياة أو موت”.
وسط انشغاله بكم هائل من البلاغات اليومية، استمع المقدم مصطفى الدكر رئيس مباحث الهرم لرواية الشاكية، وطلب منها تحديد أوصافه فمنحته جميع المعلومات “يا باشا دا مشهور وبيطلع على التليفزيون”.
“الدكر” طمأن السيدة الأربعينية وطالبها بالانصراف بعد إدلائها بأقوالها في محض رسمي “متقلقيش يا فندم.. لو ليكي حق هنجبهولك”. رئيس المباحث أخطر العميد عمرو حجازي رئيس مباحث قطاع الغرب الذي وجه بجمع المعلومات عن المعالج الروحاني المزعوم ومراقبة وكر نشاطه الآثم.
جهود البحث والتحري التي أشرف عليها اللواء هاني شعراوي مدير المباحث الجنائية بالجيزة، توصلت إلى صحة البلاغ، وتبين أن “عزت.إ” الذي تجاوز عمره الـ60 عامًا اعتاد النصب على المواطنين وإيهامهم بقدرته على علاج جميع أعمال السحر مقابل حصوله على مبالغ مالية.
بتقنين الإجراءات تحركت مأمورية من وحدة مباحث الهرم استهدفت المتهم وأمكن ضبطه واقتياده إلى ديوان القسم ليقر بفعلته بعد مواجهته بالأدلة ورصد دخول وخروج “هناء” من وكره لكنه نفى معاشرتها تحت تأثير السحر “كله برضاها”.
تحرر محضر بالواقعة وأحاله اللواء محمد الشرقاوي مساعد ويزر الداخلية لقطاع أمن الجيزة إلى النيابة العامة التي أمرت بحبسه 4 أيام احتياطيًا على ذمة التحقيقات.
