اخبار مصر

مذبحة “حمص أبو آسيا”..ماذا جرى في شارع الكوربة بمصرالجديدة؟



04:50 ص


السبت 02 نوفمبر 2024

كتب ـ رمضان يونس:

ثمانٍ طعنات بمطواة لم تكن كافية لتشفي غليل “ناصر”، حينما قاومه “أبو آسيا” (من ذوي الإعاقة) عقب استدراجه إلى محل عصير. حاول الثلاثيني أن ينجو من الموت بإعجوبة، لكن الجاني أصر على قتله انتقامًا منه بسبب وجود خلاف بينهما حول ملكية عقار بالإيجار القديم، وتمكين الثاني من المحل بحكم قضائي عقب شراء القتيل له من وريثته “نيفان”.

صرح أحد الشهود: “ناصر ذبح صاحبي أمام الناس كالفراخ.. وكان متربصًا له ليخلص عليه”.

مطلع الشهر الأخير من العام التاسع عشر بعد الألفين، وقعت “نيفان” عقد بيع ما ورثته من زوجها القبطان “إيهاب” عقب وفاته مع “محمد عبد الرازق”، المعروف في منطقته بـ”حمص”، مستأجر مقهى “أسوان” وشريكه “هادي صبحي”، كونها على خلاف مع شقيق زوجها “أ” الذي كان قد أقام ضدها قضايا صحة توقيع وسرقة ذهب من والدته.

ادعى المحامي الشهير في باب اللوق أنه اشترى ورث شقيقه الراحل قبل وفاته، قائلًا: “قالت لنا أخو جوزي ناصب علي في الورث ومش عايز يديني حقي، وضرب عقود بيع بينه وبين زوجي.”

صراع الميراث بين أرملة القبطان وشقيق زوجها “أ” لم ينتهِ في قاعات المحاكم المدنية، حتى صدور ثلاث أحكام تزوير في “شبرا” و”المنيل” و”باب اللوق”، ضد الأخير، وصولًا إلى بطلان عقود بيع ميراث شقيقه له، تصديقًا لحكم قضائي من محكمة النقض: “كل حاجة كانت مزورة.
كون “أ” وريثًا أساسيًا، وعد مستأجر محل العصائر بتمليكه للمحل، الأمر الذي دفع “ناصر” لمناصرة “أ” ضد جاره “حمص”، بحجة النزاعات على العقار. أجرى “ناصر” و”أ” عقودًا ثلاثية مع المستأجرين القدامى، حتى تفاجأوا بعد أشهر من توقيع العقود بالطرد من المحلات التجارية.

في عام 2020، تعقدت الأمور بين “ناصر” و”حمص”، صاحب مقهى “أسوان”، حيث احتدم العراك بينهما، إذ قال “حمص”: “وقف ضدنا مع صاحب البيت”، مما أدى لرفع قضية تعدي أدين فيها “حمص” بالحبس لمدة عام. وفقًا لـ”هادي”، في حديثه لمصراوي، قال: “ناصر كان يجيب بلطجية عشان يخرجونا من المحلات اللي اشتريناها من نيفان.”

بعد نحو 6 سنوات من النزاع في قاعات المحاكم المدنية بين “أ” – مالك العقار 3 محل النزاع – و”حمص” وشريكه “هادي”، حول كيفية فصل تركة الراحل “إيهاب” (المتمثلة في 4 قراريط بين محلات تجارية وشقق داخل عقاريين في 1 و3 شارع الكوربة بمصر الجديدة وشبرا) عن أخيه، قام الملاك الجدد بتوثيق عقود البيع الرسمية التي تمت بينهم وبين ورثة “إيهاب” في الشهر العقاري دون أي عرقلة.

في الثاني من فبراير الماضي، صدر حكم قضائي من دائرة مدني مصر الجديدة بالقاهرة لصالح “حمص وهادي”، بتمكين محل تجاري في العقار 3أ شارع إبراهيم بالكوربة، كونها اشتريا الورث من مالكه. هذا الأمر اعتُبر دفعة للمستأجرين القدامى لرفع قضايا ضد “ناصر” و”أ” عقب قرار طردهم من المحلات التجارية بموجب عقود ثلاثية وقّعوها. تأزّم الوضع بين “حمص وهادي” والمالك الآخر “أ” بعد فشل مساعي الوسطاء في إيجاد حل ودي بين الطرفين، حيث أكد أحدهم: “لم يكن يرضى أن يحل معنا، بل كان يريد طردنا رغم أننا مُلاك، ولم يكن يرضى أيضًا أن يُحل الأمر بمقابل مالي.” وواصل: “كان دائمًا يستعين بالبلطجية لطردنا من المحلات.”

في السابع عشر من سبتمبر الماضي، حصل “هادي” و”حمص” بموجب قرار قضائي على حكم طرد تأمين غير اعتيادي ضد “ناصر” – مستأجر محل العصائر. انتظرا المالكان حتى 27 أكتوبر من الشهر المنصرم، أي لمدة 40 يومًا، لاستخراج شهادة بعدم حدوث استئناف، بمقتضاه يتم تنفيذ حكم طرد “ناصر” المستأجر.

صباح الثلاثاء الماضي، حضرت إحدى المحاميات الموكلة عن “أ” – مالك العقار – يرافقها قوة أمنية من الشرطة وإدارة التنفيذ، لتنفيذ حكم قضائي برد مبلغ مالي قدره 85 ألف جنيه كإيجار من مستأجري المحلات التجارية بالعقار محل النزاع. حينها اعترض “حمص” و”هادي” على الدفع، كونهما ليسا مستأجرين مثل الآخرين. وقع شجار بين “حمص” والمحامية، حيث توعدته الأخيرة بالتعدي عليه وضربه، قائلة: “سأربيك غدًا” أمام الناس، إلا أن “حمص” تجاهل الأمر دون رد.

تآمر “ناصر” و”أ” على إنهاء حياة “حمص” بشكل مأساوي، وذهبا إلى مقهى “أسوان” حيث كان يجلس “أبو آسيا”. فوجئ “حمص” بتعدي “أ” عليه بالألفاظ، حيث سأل: “لماذا تشتموني؟”، وحينها استدرج “ناصر” “حمص” إلى محل العصائر لإتمام مخططهما. وعندما رأى “ناصر” أن الأمور قد انفضت، استشاط غضبًا واستل سلاحًا أبيض من طي ملابسه وكاله 8 طعنات. لم يسلم “أبو آسيا” من غدر جاره “ناصر”، إذ قاومه حتى الرمق الأخير، لكن صاحب محل العصير أصر على قتله بشكل مأساوي، حيث تبعه وذبحه بعد أن طعنه بوابل من الطعنات على مرأى ومسمع الجميع وسط شارع الكوربة بمصر الجديدة، مما جعل الحضور يشاهدون جريمة بشعة تم تنفيذها بشكل مأساوي.

يحكي “هادي” في حديثه لمصراوي أنه على أمل النجاة، نقل الحاضرون “حمص” إلى مستشفى هليوبوليس، لكن مساعي الأطباء باءت بالفشل في إنقاذه نتيجة تعرضه لجرح قطعي غائر في الرقبة وطعنات نافذة في جسده. يصف أحمد، صديق “أبو آسيا”، مشاهد قتل صديقه المفجعة قائلاً: “ذبح واحد معاق أمام الناس عيني عينك.. الدم ما زال على البلاط حتى الآن.”

تطالب أسرة “أبو أدهم” بالقصاص العادل من الجاني، مشيرين إلى أن “الإعدام لا يشفي غليلنا”. من جهتها، ألقت الأجهزة الأمنية في القاهرة القبض على المتهم “ناصر” عقب ارتكابه جريمته، وأداة جريمته “مطواة”، حيث أحيل إلى جهات التحقيق لإجراء التحقيق معه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى