فشل عملية كييف داخل الأراضي الروسية يضعها في ورطة
في السادس من أغسطس شقت القوات الأوكرانية طريقها عبر الحدود بآلاف الجنود واحتلت منطقة كورسك الروسية مدعومة بأسراب من الطائرات بدون طيار والأسلحة الثقيلة، بما في ذلك الأسلحة المصنعة في الغرب. كان هذا أكبر هجوم لقوات أجنبية داخل روسيا منذ الحرب العالمية الثانية. وتقدمت القوات الأوكرانية بسرعة، وأقامت إدارة عسكرية في الأراضي الروسية التي استولت عليها. وقال الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي إن الخطة ترمي للاحتفاظ بـ1300 كيلومتر مربع من الأراضي «إلى أجل غير مسمى»، وإن هذه الأراضي ستمنح أوكرانيا أوراق مساومة لإنهاء الحرب. وكان الهجوم المفاجئ محرجاً للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، وتعرضت موسكو لانتقادات بسبب ردها «البطيء» و«المتفرق».
ولكن كل هذا ربما يتغير، فقد أطلقت موسكو هجومها المضاد، واستعادت بالفعل مناطق سكنية عدة في المنطقة المحيطة بسناغوست على الجانب الغربي من المنطقة التي تحتلها أوكرانيا، وفقاً لقائد روسي كبير. ويقول محللون إنه إذا كانت هذه بداية لهجوم كبير مضاد، وإذا كانت موسكو «تستعرض عضلاتها» حقاً، فقد تكون كييف في ورطة.
وتُظهر لقطات تم تحديد موقعها جغرافياً أن القوات الروسية استعادت مواقعها شرق زورافلي، وتقدمت شمال وشمال شرق سناغوست، وفقاً لتحليل أجراه معهد دراسات الحرب الأميركي. ويقول الأستاذ الفخري بجامعة سيدني والخبير في السياسة الروسية، جرايم جيل، إن التوغل الأوكراني داخل الأراضي الروسية لن يكون مستداماً أبداً، وإذا هاجمت روسيا «بقوة» فإن أوكرانيا ستواجه صعوبة في مواكبة قوتها البشرية وطائراتها بدون طيار ومدفعيتها. ويضيف البروفيسور جيل: «إنهم يتفوقون عليهم عدداً وعتاداً».
وقال القائد الأعلى للقوات المسلحة الأوكرانية الجنرال أوليكساندر سيرسكي إن أحد الأهداف الرئيسة لهجوم كورسك كان تحويل انتباه القوات الروسية عن مناطق أخرى، خصوصاً شرق أوكرانيا، لكن بدلاً من ذلك فإن القتال في منطقة دونباس – المناطق الصناعية في أوكرانيا دونيتسك ولوغانسك – اكتسب زخماً. وأصبحت القوات الروسية في الوقت الراهن على بعد بضعة كيلومترات فقط خارج المركز الصناعي الاستراتيجي بوكروفسك.
ويقول مدير برنامج أوراسيا في معهد كوينسي للحكم الرشيد، أناتول ليفين، إنه على الرغم من التوغل في كورسك، فإن ميزان المزايا ظل في يد روسيا. وذكر لبرنامج «ليت نايت لايف» على شبكة «إيه بي سي»: «كان أحد الأهداف الرئيسة للعملية هو تحويل انتباه القوات الروسية عن شرق أوكرانيا حيث تشن هجوماً، ويبدو أن هذا لم يحدث». ويضيف أن هناك تقارير تفيد بأن أوكرانيا ربما حولت العديد من «قواتها النخبوية» بعيداً عن خط المواجهة الشرقي إلى كورسك.
وتقول روسيا إنها تقدمت بمقدار 1000 كيلومتر مربع في شرق أوكرانيا في أغسطس وسبتمبر. وتشير البيانات مفتوحة المصدر وتقارير ساحة المعركة إلى أن هذا كان أسرع تقدم لها في دونباس منذ نحو عامين. ويقول البروفيسور جيل إن أوكرانيا جعلت الوضع في الشرق أسوأ بالنسبة لها من خلال شن هجوم كورسك، و«أعتقد أنه كان خطأ كبيراً». ويضيف: «إذا كان الهجوم على كورسك يهدف إلى محاولة سحب القوات بعيداً عن دونباس وتخفيف الوضع هناك، فلا يبدو أنه ناجح».
ولكن ربما كان هناك أسباب أخرى لهذا الهجوم. يقول زيلينسكي إن عملية كورسك كانت محاولة لإجبار بوتين على التفاوض لإنهاء الصراع، وإنشاء منطقة عازلة لمنع الهجمات على منطقة سومي المجاورة، كما أنه يهدف لاستخدام هذا الهجوم كوسيلة ضغط للدفع نحو المزيد من الدعم من الغرب. وبشكل خاص حمل الولايات المتحدة على تغيير موقفها بشأن السماح لأوكرانيا باستخدام صواريخها بعيدة المدى لضرب عمق الأراضي الروسية. ويقول البروفيسور جيل إن أوكرانيا أظهرت للغرب أنها قادرة على الاستمرار في القتال، قائلة لهم: «إذا قدمتم لنا الأسلحة فسترون ما يمكننا القيام به». ويضيف: «إذا كان الهجوم يهدف في الواقع إلى الحصول على دعم أكبر من الغرب فحسناً، فقد نقول إنه ناجح»، لكنه يعتقد أنه سيكون من الصعب على كييف البقاء في كورسك إذا انتهى الأمر بروسيا إلى شن هجوم مضاد كبير، ويقول: «إذا تم دفعهم للخارج فقد يؤدي ذلك إلى تقويض كل هذه الأهداف». عن «ذي هيل»
• التوغل الأوكراني داخل الأراضي الروسية لن يكون مستداماً أبداً، وإذا هاجمت روسيا «بقوة» فإن أوكرانيا ستواجه صعوبة في مواكبتها.