متابعة السكري أثناء الحمل يحمي الأبناء من مشكلات الولادة
مراقبة الجلوكوز المستمرة تقلل من خطر الولادة بأطفال أثقل وزنًا في حالات سكري الحمل
تعد فترة الحمل من أجمل وأهم المراحل في حياة المرأة، ولكنها قد تأتي مصحوبة ببعض التحديات الصحية. من بين هذه التحديات، يبرز سكري الحمل كحالة تتطلب عناية خاصة ومتابعة دقيقة، ليس فقط لصحة الأم، بل أيضًا لنمو وتطور الجنين. وقد أظهرت دراسة حديثة نتائج واعدة حول إمكانية تقليل المخاطر المرتبطة بـ سكري الحمل، وتحديدًا احتمالية إنجاب مولود بوزن أعلى من المتوسط، وذلك من خلال استخدام أجهزة مراقبة الجلوكوز بشكل مستمر.
أهمية التحكم في نسبة السكر في حالات سكري الحمل
سكري الحمل هو نوع من داء السكري يظهر لأول مرة أثناء الحمل. يؤثر على طريقة تعامل الجسم مع السكر (الجلوكوز)، مما قد يؤدي إلى ارتفاع مستويات السكر في الدم. هذه الزيادة في نسبة السكر يمكن أن يكون لها تأثيرات سلبية على صحة الأم والجنين.
أحد أهم هذه التأثيرات هو النمو المفرط للجنين، والذي يُعرف أيضًا بفرط الوزن عند الولادة (Macrosomia). يحدث هذا عندما ينتقل الجلوكوز الزائد من الأم إلى الجنين، مما يحفز البنكرياس لدى الجنين على إنتاج المزيد من الأنسولين. يؤدي هذا بدوره إلى تخزين الجنين المزيد من الجلوكوز على شكل دهون، مما يزيد من وزنه.
فرط الوزن عند الولادة لا يشكل خطرًا على الأم أثناء الولادة فحسب، حيث قد يتطلب تدخلات جراحية مثل الولادة القيصرية، بل يمكن أن يزيد أيضًا من خطر الإصابة بالبدانة وأمراض التمثيل الغذائي لدى الطفل في مراحل لاحقة من حياته.
الدراسة الجديدة ومراقبة الجلوكوز المستمرة
نشرت مجلة “لانسيت للسكري والغدد الصماء” تقريرًا حول دراسة أجريت على 375 امرأة مصابة بـ سكري الحمل. تم اختيار المشاركات بشكل عشوائي للانضمام إلى إحدى مجموعتين:
- مجموعة جهاز المراقبة المستمرة للجلوكوز (CGM): استخدمت هذه المجموعة أجهزة من إنتاج شركة “ديكسكوم” لمراقبة مستويات الجلوكوز بشكل مستمر على مدار اليوم.
- مجموعة المراقبة الذاتية (SMBG): اعتمدت هذه المجموعة على الطريقة التقليدية لمراقبة نسبة السكر في الدم، والتي تتضمن وخزات متكررة في الأصابع.
أظهرت نتائج الدراسة اختلافات ملحوظة بين المجموعتين. فقد أنجب 4% فقط من النساء في مجموعة جهاز المراقبة المستمرة للجلوكوز أطفالًا بأوزان أعلى من المتوسط، مقارنة بـ 10% من النساء في مجموعة وخز الإصبع. والأكثر من ذلك، كان متوسط الوزن عند الولادة أقل بشكل ملحوظ في مجموعة جهاز مراقبة الجلوكوز، مما يشير إلى أن أطفال هؤلاء النساء كانوا أقل عرضة للنمو المفرط.
كيف تعمل مراقبة الجلوكوز المستمرة؟
تعتمد أجهزة مراقبة الجلوكوز المستمرة على مستشعر صغير يتم وضعه تحت جلد المريضة. يقوم هذا المستشعر بقياس مستويات السكر في الدم بشكل مستمر وإرسال البيانات إلى جهاز استقبال أو هاتف ذكي.
هذه التقنية توفر العديد من المزايا مقارنة بالمراقبة الذاتية التقليدية. فهي تسمح للنساء المصابات بـ سكري الحمل بتتبع تقلبات مستوى السكر في الدم على مدار اليوم، بما في ذلك بعد الوجبات وأثناء ممارسة الرياضة.
فوائد إضافية لاستخدام أجهزة مراقبة الجلوكوز
بالإضافة إلى تقليل خطر فرط الوزن عند الولادة، يمكن أن تساعد أجهزة مراقبة الجلوكوز المستمرة في:
- تحسين التحكم في نسبة السكر في الدم: من خلال توفير معلومات دقيقة ومفصلة، يمكن للنساء المصابات بـ سكري الحمل اتخاذ قرارات مستنيرة بشأن نظامهن الغذائي وممارسة الرياضة وتناول الأدوية.
- تقليل الحاجة إلى وخزات الأصابع: وهذا يقلل من الانزعاج والألم المرتبطين بالمراقبة الذاتية التقليدية.
- زيادة الوعي الذاتي: تساعد هذه الأجهزة النساء على فهم أفضل لكيفية تأثير عاداتهن الغذائية وأنشطتهن على مستويات السكر في الدم.
- تعديل العلاج بشكل دقيق: من خلال مراقبة الاستجابة للجلوكوز، يسهل على الأطباء تعديل جرعات الأنسولين أو الأدوية الأخرى حسب الحاجة.
ملاحظات هامة بشأن نتائج الدراسة والخطوات القادمة
أكد الدكتور كريستيان جوبل، قائد الدراسة، أن مراقبة الجلوكوز المستمرة تسمح بفحص مستويات السكر في الدم في أي وقت، مما يتيح للنساء إجراء تعديلات محددة على نمط حياتهن أو علاجهن.
ومع ذلك، يجب ملاحظة أن هذه الدراسة هي خطوة أولى نحو فهم كامل لإمكانات هذه التقنية في علاج سكري الحمل. هناك حاجة إلى مزيد من الأبحاث لتحديد ما إذا كانت النتائج قابلة للتعميم على مجموعات أخرى من النساء المصابات بـ سكري الحمل، ولتقييم التكلفة والفعالية على المدى الطويل.
الخلاصة والتوصيات
تُظهر الدراسة الجديدة أن استخدام أجهزة مراقبة الجلوكوز المستمرة يمكن أن يكون أداة فعالة في تقليل المخاطر المرتبطة بـ سكري الحمل، وخاصة خطر إنجاب مولود بوزن أعلى من المتوسط.
إذا كنتِ مصابة بـ سكري الحمل، تحدثي مع طبيبك حول ما إذا كانت مراقبة الجلوكوز المستمرة خيارًا مناسبًا لكِ. تذكري أن التحكم الجيد في نسبة السكر في الدم هو المفتاح لصحة حمل صحية لك ولطفلك. لا تترددي في طلب الدعم والتوجيه من فريق الرعاية الصحية الخاص بك.
كلمات مفتاحية ثانوية: تغذية سكري الحمل، أعراض سكري الحمل، علاج سكري الحمل.
