الصحة والجمال

دراسة: سن المراهقة يمتد إلى الثلاثينيات من العمرتوضح د. رشا الجندي أخصائية الطب النفسي، أن دراسة جديدة كشفت امتداد المراهقة لسنوات الثلاثينيات، مشيرة إلى أن نمو الدماغ غير خطي ويمر بمراحل تتفاوت سرعتها، وتؤكد أن نضج الفتيات أسرع غالباً.04 ديسمبر 2025 18:02

تُعد فترة المراهقة، بتغيراتها الجسدية والنفسية والاجتماعية، من أهم المراحل في حياة الإنسان. لكن ماذا لو امتدت هذه المرحلة إلى سنوات أبعد مما نتوقع؟ دراسة حديثة أثارت جدلاً واسعاً، وتكشف عن أن سن المراهقة يمتد إلى الثلاثينيات من العمر، وهو ما يؤكد على تعقيد عملية النمو البشري. د. رشا الجندي، أخصائية الطب النفسي، تلقي الضوء على هذه الدراسة وتفسر الأسباب الكامنة وراء هذا الامتداد في النضج، مستندةً إلى فهم أعمق لعملية تطور الدماغ.

ما الذي تقوله الدراسة عن امتداد سن المراهقة؟

تُظهر الدراسة الجديدة أن مفهوم المراهقة التقليدي، الذي يقتصر عادةً على الفترة بين سن 13 و19 عاماً، لم يعد دقيقاً تماماً. بل إن العديد من الأفراد يواصلون تجربة سمات المراهقة – مثل التقلبات المزاجية، وصعوبة اتخاذ القرارات، والبحث عن الهوية – حتى سنواتهم الأولى والثانية والثالثة من الثلاثينيات.

ويرجع ذلك إلى أن عملية نمو الدماغ ليست خطية، بل تتسارع وتبطئ في مراحل مختلفة. فالقشرة الأمامية من الدماغ، المسؤولة عن التخطيط، والتحكم في الانفعالات، والتقييم النقدي، هي آخر منطقة في الدماغ تصل إلى النضج الكامل. هذا يعني أن القدرة على اتخاذ قرارات مسؤولة ووزن العواقب، وهي سمات مرتبطة بالنضج، قد تستغرق وقتاً أطول لتتطور لدى البعض.

الدماغ المراهق: رحلة معقدة

إن فهم تطور الدماغ أمر أساسي لفهم هذا الامتداد في سن المراهقة. فالدماغ يمر بعملية “تشذيب” مستمرة، حيث يتم تقوية الروابط العصبية المستخدمة بشكل متكرر والتخلص من تلك التي لا تُستعمل. هذه العملية تتطلب وقتاً وجهداً، وهي مستمرة حتى بعد العشرينيات.

العوامل المؤثرة في امتداد المراهقة

لا يمكن اختزال هذا الامتداد في مجرد عملية بيولوجية. هناك عوامل أخرى تلعب دوراً هاماً، مثل:

  • الضغوط الاجتماعية والاقتصادية: صعوبة الحصول على وظيفة مستقرة، وارتفاع تكاليف المعيشة، وتأخر الزواج، كلها عوامل يمكن أن تؤخر استقلالية الشباب ونضجهم.
  • التغيرات الثقافية: في العديد من المجتمعات، هناك ميل إلى تأخير تحمل المسؤوليات التقليدية المرتبطة بالبلوغ.
  • التكنولوجيا ووسائل التواصل الاجتماعي: يمكن أن تساهم هذه الأدوات في إطالة فترة استكشاف الهوية وربما تأخير النضج العاطفي.

الفروق بين الذكور والإناث في النضج

تؤكد د. رشا الجندي، أن النضج يختلف بين الفتيات والذكور. بشكل عام، تميل الفتيات إلى النضج بشكل أسرع من الذكور، سواء من الناحية الجسدية أو العاطفية. هذا الاختلاف مرتبط بالتغيرات الهرمونية المختلفة التي تمر بها الفتيات والذكور خلال فترة البلوغ.

يرجع ذلك أيضاً إلى اختلاف في مسارات تطور الدماغ بين الجنسين. فالفتيات غالباً ما يشهدن نموًا في مناطق الدماغ المسؤولة عن اللغة والتواصل الاجتماعي قبل الذكور. لكن هذا لا يعني أن الذكور أقل نضجاً؛ بل يعني أنهم قد يصلون إلى النضج بوتيرة مختلفة.

الآثار المترتبة على هذا الامتداد

إن الاعتراف بأن سن المراهقة يمتد إلى الثلاثينيات من العمر له آثار مهمة على كيفية تعاملنا مع الشباب. يجب أن نكون أكثر تفهماً للتحديات التي يواجهونها، وأن نقدم لهم الدعم والتوجيه اللازمين.

ليست هناك حاجة للذعر أو اعتبار هذا الأمر مشكلة. فببساطة، هذا يعني أننا نحتاج إلى إعادة تعريف مفهوم النضج، والاعتراف بأن عملية النمو البشري هي عملية مستمرة ومعقدة. في الواقع، هذه المرونة في الدماغ هي التي تسمح لنا بالتكيف مع التغيرات وتعلم مهارات جديدة طوال حياتنا.

دعم الشباب في هذه المرحلة الممتدة

يمكن للآباء والمربين تقديم الدعم للشباب من خلال:

  • تشجيعهم على استكشاف اهتماماتهم وقدراتهم.
  • توفير بيئة آمنة وداعمة للتعبير عن مشاعرهم.
  • مساعدتهم على تطوير مهارات اتخاذ القرارات وحل المشكلات.
  • تجنب الضغوط والمقارنات غير الضرورية.

هل هناك قلق؟ ومتى يجب طلب المساعدة؟

على الرغم من أن امتداد سن المراهقة ليس بالضرورة أمراً سلبياً، إلا أنه قد يكون هناك بعض الحالات التي تستدعي القلق. إذا كان الشخص يعاني من صعوبة متكررة في التأقلم مع المواقف المختلفة، أو كان يعاني من تقلبات مزاجية حادة ومستمرة، أو كان يواجه مشاكل في العلاقات الاجتماعية، فقد يكون من الضروري طلب المساعدة من أخصائي الصحة النفسية.

كما أن التأخر في النضج قد يكون مرتبطاً ببعض المشاكل النفسية، مثل الاكتئاب أو القلق. لذلك، من المهم عدم تجاهل أي علامات تدل على وجود صعوبات نفسية.

في الختام

إن الدراسة التي تشير إلى أن سن المراهقة يمتد إلى الثلاثينيات من العمر تعيدنا إلى التفكير في طبيعة النمو والتحول. بدلاً من التمسك بتعريفات صارمة للسنوات التي يفترض أن يشهد فيها الإنسان النضج، يجب أن نتبنى منظوراً أكثر مرونة وتفهماً. دعونا ندعم شبابنا في هذه المرحلة الممتدة من حياتهم، ونساعدهم على تحقيق إمكاناتهم الكاملة. إذا كان لديك أي أسئلة أو استفسارات حول هذا الموضوع، فلا تتردد في مشاركتها في قسم التعليقات أدناه. كما يمكنك الاطلاع على مقالات أخرى حول تطور المراهقين و الصحة النفسية للشباب على موقعنا.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى